شعار قسم مدونات

من هنا كانت البداية

blog غرفة الأخبار

رهبة من مشهد مهيب، وحيرة من مستقبل جديد، هنا كنت أمام مدخل قناة الجزيرة وغرفة أخبارها، وذلك عندما التحقت بها في عام ١٩٩٩ وكان السؤال الحاضر: هل أختار عملا إداريا أم "إعلاميا"؟ كنت لا أعرف الفرق كثيرا، ولكن عندما قيل لي إن هناك وظيفة، الخطأ فيها ملاحظ عند الملايين فكان الخوف هنا، ولكن رغبة التحدي لتجربة هذا العالم الجديد الذي أثار فضولي فكنت "مشغلا للقارئ الآلي".
 

بعد التدريب كانت لي التجربة الأولى على الهواء مع الإعلامي القدير وموجهي لسنوات تلت الأستاذ جميل عازر، فعندما شاهدني أول مرة ورأى الخوف في أول نشرة أقوم فيها باستخدام الجهاز الذي سيقرأ منه النشرة قال مبتسما: ستتعود.. وأنت اليوم مسؤول عن كيف سأكون أمام ملايين المشاهدين، وابتسم قائلا: أهلا بكم في عالم الإعلام، ومن هنا كانت البداية والرغبة.

 undefined

 

لم يعد المشاهد مجرد مستقبل فقط، بل بات يستقبل ويرسل ويشارك في صناعة الخبر

العمل في الإعلام له روح ومتعة وتحد، فالعامل فيه يعمل في عالم رائع ومثير ومتجدد، والأهم أن عملنا في الجزيرة ذو رسالة أصيلة وقيم سامية أساسها الإنسان الذي هو محور الاهتمام، وخلال العمل في المجال الإبداعي الإعلامي فإن محور التفكير هو كيف نقدم النشرة بأسلوب بصري مبهر وملفت يرتكز على البساطة والوضوح والتجدد والرصانة.
 

في عالم اليوم أصبحت أمام المشاهد عشرات بل مئات القنوات ومئات المنصات التي يمكن متابعتها بعد أن تعددت قنوات التواصل والاتصال التي لم يعد فيها مجرد مستقبل فقط، بل بات يستقبل ويرسل ويشارك في صناعة الخبر.
 

ومن هنا كان لا بد من مواكبة هذه النقلة والثورة المعلوماتية، وانتقلت الأخبار من الشاشات الكبيرة في المنازل والمقاهي إلى الشاشة الصغيرة في متناول يدك في كل مكان وفي أي وقت، وبات بإمكانك متابعة ما تريد، وهكذا بدأ عصر "الشاشتين"، وهي العلاقة المتبادلة بين المرسل والمستقبل، وأصبح المشاهد جزءا من الحدث كمعلق أو كناقل، وانتقل أيضا محتوى الشاشات الصغيرة إلى الشاشة الكبيرة لبناء جسر بين الجمهور المستخدم لكل تلك المنصات بمختلف فئاتها.
 

٤٠٪ من مستخدمي الهواتف الذكية يعلمون عن البرامج التلفزيونية ومحتواها من خلال الترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي

فتغيرت معايير العناصر البصرية للشاشة لتصبح تكاملية مع المنصات المختلفة وضمان الهوية الموحدة القوية الفعالة التي بنيت على أساس "تجربة المستخدم"، وبدأ الإعلام في تطوير عناصره البصرية وخدماته الإبداعية لتواكب هذه النقلة النوعية في عقلية المتلقي وأدوات التكنولوجيا، وأصبحت شاشات الهاتف الجوال تستحوذ على معدلات الاستخدام اليومي للإنسان من قراءة الأخبار أو البحث عنها. وحسب الدراسات الأخيرة، فإن نحو ٤٠٪ من مستخدمي الهواتف الذكية يعلمون عن البرامج التلفزيونية ومحتواها من خلال الترويج عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ومن هنا بدأت إستراتيجية الترويج المتبادل (cross prmotions) بين المنصات المختلفة الرقمية والتلفزيونية.

  

ومع كثرة الأخبار والأحداث الساخنة حول العالم زادت وتيرة استخدام العناصر الإيضاحية والتصميم المعلوماتي الذي يعتبر من أهم أدوات تقديم المحتوى وإيصال الخبر، وساعد على ذلك الطفرة التكنولوجية الكبيرة في مجال برامج التصميم أو أجهزة الإنتاج الفني، مما انعكس على أسلوب الإنتاج البصري والمعلوماتي.

 undefined

 

خلال الفترة المقبلة وعبر تدوينات تخصصية في مجال الإبداع الفني والترويج التلفزيوني سأنقل لكم تجارب وقصصا ناجحة وممارسات عالمية، وسأتحدث أيضا عن أهمية الهوية البصرية وتاريخ الغرافكس الإخباري، وسأتحدث عن تاريخ الغرافكس في قناة الجزيرة منذ الانطلاقة إلى هذا اليوم والتطور الإبداعي والتوجه الفني، فكونوا متابعين عسى أن أقدم لكم ما يفيدكم، وأن يفتح لنا آفاق الحوار والتبادل المعرفي عبر هذه المنصة.. مدونات الجزيرة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.