شعار قسم مدونات

إنه نظام قمعي.. هيا نهاجر

blogs - فيسبوك

تقول القصة أن أسداً وقع في شراكٍ قام بنصبه حمار، وبعد فترة من الانتظار جاء الفأر ليعرض المساعدة على الأسد بفكه من هذه الشبكة وقد فعل، بعدها قرر الأسد ترك الغابة ومغادرتها إلى الأبد وعندما لحقه الحيوانات ليسألوه عن السبب رد: "بلد بربط فيها الحمار وبفك فيها الفار ملناش قعدة فيها".
 

في عام 2011 قام فيسبوك بإغلاق حسابي مع أنه كان من أوائل الحسابات الفلسطينية وبعد عدة مراسلات جاء الرد بأنني قمت بمخالفة إحدى السياسات الخاصة بالنشر في فيسبوك وعندما أرسلت مستفسراً عن المخالفة أرسلوا أن قرارهم قرار نهائي دون توضيح لطبيعة المخالفة بالضبط.
 

وقت العدوان الأخير على قطاع غزة كانت الصفحات "الاسرائيلية" تحرض بشكل واضح على قتلنا وقامت بعد ذلك حملات عنصرية ضدنا لكن يبدو أن فيسبوك لا يرى إلا بعين واحدة.

بالأمس قام فيسبوك بحظر حسابات العديد من النشطاء الفلسطينيين على صفحات تعتبر الأكبر فلسطينياً وقبل ذلك قام بحظر عشرات الحسابات والصفحات لشبان فلسطينيين بحجة التحريض أو مخالفة سياسة النشر الخاصة بفيسبوك، وقد قام بحظر صفحات حركات المقاومة الفلسطينية وحسابات قيادات فلسطينية وازنة ومؤثرة.
 

هذا القمع الفيسبوكي للفلسطينيين بدء منذ سنوات لكنه زاد في الآونة الأخيرة خاصة بعد توقيع اتفاق تعاون بين الاحتلال وفيسبوك وقد قالت إذاعة الاحتلال بأن "وزيرا الأمن والقضاء التقيا مسؤولين كباراً في شركة فيسبوك لبحث ظاهرة ما أسموه استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للتحريض على الإرهاب"، وأعلنت الإذاعة عن وزيرة القضاء "أن شبكتي فيسبوك ويوتيوب استجابتا لمعظم الطلبات التي تقدم بها الاحتلال إليهما خلال الأشهر الأخيرة لشطب مضامين تحريضية".
 

لا أذكر أنني قمت بمخالفة تستحق حذف حسابي ولكني من يومها آمنت أن فيسبوك يشبه البلدان العربية في القمع حتى وإن كان اسمه ومالكه أجنبيان تماماً، ومن يومها هجرت فيسبوك وانتقلت إلى تويتر ومكثت هناك دهراً وما زلت، وعندما عدت إلى فيسبوك بعد سنوات عدت كالغريب وفي أعماقي أدرك أنه مكان لا حرية فيه وإن ادعى ذلك وأنه سيقمعني مرة أخرى كما يفعل كل يوم مع أصدقائي الفلسطينيين.
 

فيسبوك منحاز للاحتلال بشكل واضح ولطالما شاهدنا منشورات وصوراً تحريضية لنشطاء وسياسيين "إسرائيليين" حتى في وقت العدوان الأخير على قطاع غزة كانت الصفحات "الإسرائيلية" تحرض بشكل واضح على قتلنا وقامت بعد ذلك حملات عنصرية ضدنا لكن يبدو أن فيسبوك لا يرى إلا بعين واحدة ويكيل بمكيال أعوج.
 

وُجدت مواقع التواصل الاجتماعي لزيادة التواصل والاندماج بين الناس والمجتمعات لكن فيسبوك بسياسته هذه يزيد الكراهية ويقف مع طرف على حساب طرف آخر.

لا ننكر أن فيسبوك أكبر الشبكات الاجتماعية وقد استطاع من خلال الميزات والخيارات التي يطرحها أن يستقطب النشطاء من كل مكان، ولكنه إن بقي على هذه الشاكلة فسيفقد مئات النشطاء ولاحقاً سيفقد التفاعل من دول كاملة، خاصة أن المجتمعات لجأت إليه وإلى غيره من المواقع من أجل التعبير والتنفيس وابداء الرأي بحرية بعيداً عن وسائل الإعلام التقليدية المحسوبة والمؤطرة غالباً.
 

علينا أن نهاجر فيسبوك أو على الأقل عدم التعامل معه على أنه الأهم، فهناك الكثير من المواقع المستعدة لإعطائنا لجوءا مجانياً وهي رغم سياساتها الخاصة إلا أنها تعطي مساحة جيدة من الحرية وتويتر أحد هذه الأمثلة رغم بعض الملاحظات، صرنا نهرب من سوط فيسبوك إلى غيره من المواقع لنعبر عن سطوة فيسبوك وما حملة #FBCensorsPalestine الداعية إلى وقف النشر على فيسبوك لمدة ساعتين اعتراضاً على سياسة فيسبوك ضد الفلسطينيين إلا واحدة من النماذج التي تثبت أن هناك بدائل يمكن أن نلجأ إليها فلم يضق فضاء الانترنت بعد.
 

وُجدت مواقع التواصل الاجتماعي لزيادة التواصل والاندماج بين الناس والمجتمعات لكن فيسبوك بسياسته هذه يزيد الكراهية ويقف مع طرف على حساب طرف آخر وهو دائماً يقف مع الطرف الظالم ضد المظلوم، دعونا نغادره "فالموقع اللي بربط فيه الاحتلال وبفك فيه فيسبوك ملناش قعدة فيه".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.