شعار قسم مدونات

ما لا يمكن تبريره في فلسطين

Palestinian President Mahmoud Abbas (C) attends the Christmas Midnight Mass in Saint Catherine's Church at the Church of the Nativity in Bethlehem, West Bank, 25 December 2016. Many Christians believe that the Virgin Mary gave birth to Jesus where the Church of Nativity now stands.

يحاول بعض النكرات المقنّعين تحت أسماء وهمية أو حقيقية في استمرار الإساءة للشعب الفلسطيني ولتضحياته المستمرة من خلال عرض بعض الشواهد والممارسات والتصرفات المسيئة لبعض القادة والمسؤولين الفلسطينيين سواء كانوا في السلطة أو في الأحزاب والحركات الفلسطينية.

وتتنوع هذه الممارسات وتتفاوت ما بين سوء إدارة وتقدير للأمور أو أفعال ترقى إلى الخيانة تحت عناوين التعاون مع الاحتلال أو التنسيق الذي صار منهج عباس والجوقة المحيطة به في الضفة، ولكن يبقى الإشكال الحقيقي الذي لا يمكن تبريره وليس له تبرير في الأساس هو مسار السلطة والمستنقع الذي تمضي به في حماية الاحتلال من المقاومة المسلحة.

ومن باب الإنصاف فإن شريحةً كبيرة من أبناء حركة فتح التي يقودها عباس غير راضين عن هذا المسار ناهيك عن عموم الشعب الفلسطيني، ولهذا الأمر شواهد عديدة إلا أن الرجل يزين أفعاله لمريديه بترويج فكرة المقاومة الشعبية غير المسلحة والنضال الدبلوماسي والسياسي وغيرها من الأدوات التي محصلتها صفر دون وجود قوة عسكرية مجابهة للاحتلال وهذا ما يقوله المنطق وأثبتته التجربة والتاريخ.

لا نستطيع الدفاع عن أشخاص فاسدين في فلسطين فهم موجودون في كل زمانٍ ومكان بأشكالٍ مختلفة، لكن نستطيع الدفاع عن مبادئنا وثوابتنا ومعتقداتنا.

وهنا نحن لسنا أمام تفريط واضح لكل الناس، لكنَّ في الأمر تضليلا وتدليسا واجتزاءً، غير أن جزءًا غير قليل من المحيطين بعباس مقتنعين بأنهم هكذا يناضلون ويدافعون عن فلسطين وأن خيارهم هو الأمثل والأفضل في ظل التساوق مع ثقافة العجز والانهزامية والرضوخ لتفوق الاحتلال العسكري وانعدام السبيل نحو مواجهته عسكريًّا.

نحن أمام ثقافتين داخل الشعب الفلسطيني تتناطحان ولو كانتا تتناغمان وتتعايشان وتكملان بعضهما بعضا لكان حالنا أفضل بكثير مع أننا مع الخيار الثاني البديهي والذي يقول إن الطريق إلى التحرير يحتاج إلى الثمن والتضحية والعمل لا الوهن والكسل ونسأل الله تعالى أن يرفع الغشاوة عن عيون بعض المغيبين من أبناء شعبنا وقلوبهم غير أن غالبيتهم مغيبون قهرًا لا طوعًا وإلا فإنهم مهددون بقوت أبنائهم.

غير أن هؤلاء الذين يهاجمون الشعب الفلسطيني معتمدين على فساد جزء من قيادته هم ذاتهم الذين يطبلون لقياداتهم وزعاماتهم الفاسدة والتي تدعم وتؤيد وتساهم في تمكين هذا الجزء الفاسد من قيادة الشعب الفلسطيني بالمال والتحالفات والعلاقات السياسية، وعلى العموم لا يوجد عرقية سامية على هذا الكوكب فكل الشعوب فيها الخبيث وفيها الطيب وفِي قياداتها العجائب، فأزمة القيادة هي أزمة تعيشها جل دوّل الأمة وشعوبها وإلا ما وصلنا إلى هذا الحال الردي، وكثير من هذه الأنظمة ما هي إلا أدوات استعمار بالوكالة لصالح مشاريع الهيمنة.

غير أن ‏الشعب الفلسطيني لا يقاتل لأجل قيادات ولا عناوين، -وإن كان وجود القيادات مهمًا لضبط الصفوف وتنظيمها وتوجيهها نحو الغايات السامية وجل قادة المقاومة خصوصًا الميدانيين أو جميعهم كذلك- وإنما يقاتل الشعب لأجل المبدأ والحق المبين ومهما تساقط المتساقطون فإن هذا الطريق بإذن الله ماضٍ إلى يوم الدين، وهؤلاء ‏لم يجدوا في مبدأ الكفاح والجهاد الفلسطيني عيبا فقاموا يبحثون عن عيوب في الأشخاص ثم أتوا بها يائسين في محاولة لتضليل الوعي وضرب الثقة بالمبادئ.

وهناك نوعٌ آخر موجود بالداخل تمثله شريحة من ضعاف النفوس ومرضى القلوب يحاولون التقليل من عزمات المقاومين بتركيز الحديث على تجاوزات وامتيازات حصل عليها بعض الذين أساؤوا استخدام مناصبهم، وكأن هؤلاء المقاومين الذين يحملون أرواحهم على أكفهم كانوا يقاتلون لأجل فلان أو علان لا لأجل الحق والإيمان.

إن أهل أُحد حين خالفوا أمر رسول الله وقبل انتهاء المعركة تهافتوا نحو الغنائم جاءتهم الهزائم، ومجاهدو فلسطين قدوتهم وقائدهم رسول الله وهو الذي أمر بالجهاد وحض عليه وهم بجهادهم يطيعون الله ورسوله ولا يسعون لغير ذلك أما الذين يطيلون النظر في غير ذلك طمعًا به أو حَسَدًا فليراجعوا أنفسهم، وأما الذين كانت أقسى غاياتهم من المقاومة والجهاد أن يحصلوا على مغنم هناك وهناك فيا لخسارتهم ما نالهم من جهادهم إلا التعب.

وفِي النهاية أقول مرارًا وتكرارًا ‏لا نستطيع الدفاع عن أشخاص فاسدين في فلسطين فهم موجودون في كل زمانٍ ومكان بأشكالٍ مختلفة، لكن نستطيع الدفاع عن مبادئنا وثوابتنا ومعتقداتنا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.