شعار قسم مدونات

المغرب ورئيس حكومته الصامت!

Newly appointed Moroccan Prime Minister Saad-Eddine El Othmani delivers a speech at the Parliament in Rabbat on April 19, 2017 during as he presents the government's program during a joint public meeting. / AFP PHOTO / FADEL SENNA (Photo credit should read FADEL SENNA/AFP/Getty Images)
منذ تعيينه رئيسا للحكومة من طرف الملك خلال مارس الماضي، لم يُسمع للسيد سعد الدين العثماني صوت، ولم يُشهد له فعل مؤثر، وكأنه رئيس لحكومة غير الحكومة المغربية، وكأن ما يحدث في هذه الرقعة من شمال أفريقيا أمر لا يعنيه وهو الذي ركن للخلف في عز أزمة حراك الريف التي كانت تتطلب تواجده الفعلي انطلاقا من مبادرة مسؤولة منه وألا ينتظر غضبة ملكية حتى يتحرك.

إننا أمام رئيس حكومة مختلف جدا عن الذي سبقه، فالسيد عبد الإله بن كيران وإن حصيلته الحكومية لم ترق لمتطلبات المغاربة، إلا أنه أعطى نفسا جديدا للسياسة أحيا من خلاله العلاقة الميتة بين المغربي والسياسة. غير أن السيد العثماني أصر على أن يميتها من جديد بصمته السلبي المطلق.. طبعا هذا لا ينقص من كفاءة وقيمة الدكتور سعد الدين العثماني ولكنه للأسف لا يصلح كرئيس للحكومة خاصة في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية الراهنة التي يمر منها المغرب والتي تحتاج لرئيس حكومة كاريزمي وقادر على الوقوف في وجه التحديات التي تقابله سواء تلك المرتبطة بالخصوم السياسيين أو تلك المنبعثة من قلب المجتمع الذي فقد الأمل في أذن مصغية لدى المسؤولين والساسة، ووجد الشارع عنهم بديلا احتجاجا على هذا البؤس.. فـ "الحركة واقفة" ولا بوادر أنها سوف تتحرك قريبا إذا لم تحدث رجة قوية تغير هذا الواقع.

السلطة المغربية تمكنت قبل سنوات من إخماد فتيل 20 فبراير، ونجحت اليوم نسبيا في إخماد فتيل حراك الريف باعتمادها سياسة
السلطة المغربية تمكنت قبل سنوات من إخماد فتيل 20 فبراير، ونجحت اليوم نسبيا في إخماد فتيل حراك الريف باعتمادها سياسة "فرق تسد"

إلا أن تغيير واقع المواطن إلى الأفضل يقتضي بالضرورة وقبل كل شيء تغيير الواقع السياسي انطلاقا من مبادرة جدية تقودها المؤسسة الملكية وتتبناها الهيئات بمسؤولية السياسية بعيدا عن المشاحنات الضيقة التي تقدس "الأنا"، كذاك التقديس الذي حدث مؤخرا في مؤتمر حزب الاستقلال لحظة تطايرت الصحون، وتكسرت رؤوس الحاضرين بالكراسي.

نقول إنه وإذا كانت الدولة قد تمكنت قبل سنوات من إخماد فتيل 20 فبراير، ونجحت اليوم نسبيا في إخماد فتيل حراك الريف باعتمادها سياسة "فرق تسد" وباعتمادها مقاربة أمنية تمثلت في اعتقال متزعمي الاحتجاجات، فليس من الحكمة الاعتقاد أن هكذا سياسات ومقاربات ستنجح دائما، بل من المحتمل جدا أن تنعكس نتائجها سلبا، خاصة في ظل الوعي المجتمعي الحاصل على مستوى كل فئات المجتمع التي ما عادت تقبل بأن يزداد الفقير فقرا ويزداد الغني غنى..

وهو ما يعني أن وتيرة الاحتجاجات الشعبية ستتزايد خلال الأشهر المقبلة وقد تقود إلى الأسوء إذا لم يتم تدارك الأمر عبر إرادة تغيير حقيقية، وهي الإرادة التي لا تتوفر في الحكومة الحالية.. فإذا كنا سابقا قلنا إن إقالة حكومة سعد الدين العثماني تعتبر انقلابا على الشرعية، فإننا اليوم نقول إن إقالتها أصبح ضرورة شعبية لأنها لا تمثل هذا متطلبات الشعب بقدر ما تمثل رغبات واحتياجات السلطة التي ما زالت غير قادرة على استيعاب التغيرات الحاصلة في المجتمع المغربي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.