شعار قسم مدونات

إنّ القُدسَ عاشقةٌ

blogs القدس
لا تَبْرَحِ الأرضَ وَاحْمِ القُدْسَ وَالْتَحِمِ

وَانْقُشْ دِمَاكَ عَلَى بَوَّابَةِ الحَرَمِ

وَاقْبِضْ عَلَى الجَمْرِ إِنَّ القَابِضِيْنَ عَلَى
جَمْرِ البِلادِ أَضَاؤُوا عِزَّةَ الأُمَمِ

وَخَلِّ خَلْفَكَ كُلَّ الرَّاكِنِيْنَ إِلى

صُلْحِ اليَهُوْدِ وَإِنْ سَاغُوْهُ فَاتَّهِمِ

وَجَابِهِ المَوْتَ عَارِي الصَّدْرِ مُشْرَعَهُ
وَإِنْ أَتَاكَ رَصَاصُ الغَدْرِ فَابْتَسِمِ

وَغَنِّ للقُدسِ إِنّ القُدْسَ عَاشِقَةٌ
وَسَوْفَ تَطْرَبُ إِنْ بَالَغْتَ في النَّغَمِ

وَكُلَّمَا طَرِبَتْ وَاهْتَزَّ جَانِبُها
تَسَاقَطَتْ شُهَدَاءُ القُدْسِ كالحُمَمِ

حَلِّقْ كَمَا الصَّقْرِ في أرْجَائِهَا لَهَبَاً
وَاعْبُرْ حَوَاجِزَهَا بِالنَّارِ وَاحْتَدِمِ

وَلا تَدَعْ لِيَهُوْدِيٍّ بِهَا أَثَرَاً
فَإِنّهمْ نَجَّسُوهَا بَائِعُو ذِمَمِ

وَاخْلَعْ فُؤَادَكَ بِالوَادِي المُقَدَّسِ كَيْ
يُقَبِّلَ الأَرْضَ مِنْ شَوْقٍ وَمِنْ نَهَمِ

القُدْسُ أَقْدَسُ مِنْ رُوْحٍ عَلَى جَسَدٍ
فَقُلْ لِقُدْسِكَ: يَا رُوحِي وَيا رَحِمِي

نَمُوتُ في كُلِّ يَوْمٍ دُونَ صَخْرَتِنَا
وَلَيْسَ نَبْخَلُ عَنْهَا لَحْظَةً بِدَمِ

نَقضِي عَمَالِقَةً حَتى إِذَا حَسِبُوا
أَنَّا انْتَهَيْنَا أَتيناهُمْ مِنَ العَدَمِ

في كُلِّ ذَرَّةِ تُرْبٍ رُوحُنَا الْتَصَقَتْ

فَكَيْفَ تَفْهَمُ هَذَا هَيْئَةُ الأُمَمِ؟

*************

يَا أُمَّةَ العُرْبِ وَالأَحْزَانُ جَارِحَةٌ
وَصَوْتُ رُوْحِي يَحُزُّ القَلْبَ مِنْ غُمَمِ

وَلَوْ بَكَيْتُ دَمَاً عُمْرِي لَمَا سَكَنَتْ
دُمُوْعُ قَلْبٍ مِنَ الآلامِ مُنْقَسِمِ

تَفَرَّقَ الشَّمْلُ بِالأَهْوَاءِ، وَانْفَرَدَتْ
بِنَا شَرَاذِمُ أَقْوَامٍ مِنَ اللَّمَمِ

يَمْضِي بِنَا العُمْرُ وَالرَّايَاتُ تَائِهَةٌ
وَالمُهْتَدُوْنَ بِهَا رَتْلٌ مِنَ الرِّمَمِ

وَالحَالِمُوْنَ بِتَرْوِيْضِ الذِّئَابِ كَمَنْ
يُرَوِّضُ الذِّئْبَ في شَعْبٍ مِنَ الغَنَمِ

هِيَ الأَفَاعِي وَإِنْ أَغْرَاكَ مَلْمَسُهَا
فَلَيْسَ تَنْفُثُ غَيْرَ السُّمِّ في الدَّسَمِ

نَمُدُّ كَفَّاً إِلى كَفٍّ مُلطَّخةٍ
وَكَمْ تَصيحُ بِمَنْ هُمْ عَنْكَ في صَمَمِ

لا يَسْمَعُوْنَ سِوَى قَرْعِ السُّيُوفِ وَلا
يُخاطَبونَ بِغَيْرِ النَّارِ وَالضَّرَمِ

وَلَيْسَ يُرْعِبُهُمْ شَجْبٌ بِمُؤْتَمَرٍ
وَلا اجْتِمَاعٌ، وَلا أَلْفٌ مِنَ القِمَمِ

لَكِنَّهُمْ وَصَلِيْلُ السَّيْفِ مُحْتَدِمٌ
يَعْنُونَ لِلْمَوْتِ، وَالجبَّارَةِ القُصُمِ

وَكُلُّ جُرْحٍ مَعَ الأَيَّامِ مُلْتَئِمٌ
لَكِنَّ جُرْحَ بِلادِي غَيْرُ مُلْتَئِمِ

مَا دَامَ فِيْهَا يَهُوْدِيٌّ يُنَجِّسُهَا

فَسَوْفَ يَكْبُرُ فِيهَا الجُرْحُ كَالوَرَمِ

*************

أَطْفَالُنَا بِصَوَارِيْخِ العِدَى سُحِقُوا
عَلَى يَدَيْ حَاقِدٍ بِالقَتْلِ مُنْتَقِمِ

كَمْ مِنْ بَرِيْءٍ لَقَدْ غَالُوا بَرَاءَتَهُ
وَحَاسَبُوْهُ عَلَى التَّفْكِيْرِ بِالحُلُمِ

أَبوهُ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْهُمْ حِمَايَتَهُ
في وَابِلٍ مِنْ جُنُونِ الطَّائِرَاتِ رُمِي

فَخَرَّ بَيْنَ يَدَيْهِ وَهْوَ يَحْضُنُهُ
وَسَالَ جُرْحُ ابْنِهِ خَطّاً عَلَى القَدَمِ

وَخَطَّ بِالجُرْحِ فَوْقَ الأَرْضِ مِنْ دَمِهِ:
(فِدَى فِلَسْطِيْنَ كُلُّ العُرْبِ وَالعَجَمِ)

تَشَبَّثَ الطِّفْلُ وَالأَنْفَاسُ لاهِثَةٌ
عَنْ مَوْجِ مَوْتٍ خِلالَ الوَجْهِ مُلْتَطِمِ

لَعَلَّ خَيْطَ حَيَاةٍ سَوْفَ يُنْقِذُهُ
أَوْ صَرْخَةٌ في سَمَاءِ المَوْتِ وَالعَدَمِ

فَصَاحَ وَالرُّعْبُ يَمْشِي مِلْءَ أَضْلُعِهِ
أبي حَبِيْبِي، وَغَامَ الصَّوْتُ في الغُمَمِ

أَنا سَأَقْضِي دِفَاعَاً عَنْ حِمَى وَطَنِي
فَإِنْ أَنَمْ مَيّتَاً وَحْدِي فَلا تَنَمِ

وَعُدْ إِلى البَيْتِ وَاحْمِلْنِي لِوَالِدَتِي
هَدِيَّةً، إِنَّ هَذَا العِيْدَ عِيْدُ دَمِ

وَإِنْ بَكَتْ حُرْقَةً فَامْسَحْ مَدَامِعَهَا

حَقُّ الشَّهِيْدِ زَغَارِيْدٌ بِكُلِّ فَمِ

*************

أُمَّ الشَّهِيْدِ وَمَا فِيْنَا بُطُوْلَتُهُ
وَلا لَدَى العُرْبِ غَيْرُ الشَّجْبِ وَالكَلِمِ

أَغْرَى بِجُرْحِ ابْنِكِ الغَالي حَمِيَّتُهُ
أَلاّ يَرَى لِبَنِي صُهْيُوْنَ مِنْ قَدَمِ

فَلْتَفْخَرِي بِدِمَاهُ إِنَّهَا نَقَشَتْ
عِزَّاً لأُمَّتِهِ بِالنَّارِ لا القَلَمِ

وَاللهِ…وَاللهِ.. مَا في العُرْبِ لَوْ حَشَدُوا
مِلْيُونَ مِلْيُونَ غَيْرُ العَدِّ وَالرَّقَمِ

لَوْ كَانَ فيهم رشيدٌ وَاحِدٌ رَشَدُوا
لَكِنَّهُمْ كَغُثَاءِ السَّائِلِ العَرِمِ

فَقُلْ لِكُلِّ شَهِيدٍ أَنْتَ أَرْشَدُنَا

وَأَنْتَ أَكْرَمُنَا إِذْ فُزْتَ بِالنِّعَمِ

*************

خُذْنِي إِلى المَسْجِدِ الأَقْصَى وَسَاحَتِه
أَمُتْ عَلَى بَابِهِ في الأَشْهُرِ الحُرُمِ

لأنَّهُ أَقْرَبُ الأَرضينَ أَجْمَعِهَا
إلى السَّماواتِ، وَالقَلْبُ المَشُوْقُ ظَمِي

وَانْثُرْ عَلَى كُلِّ شِبْرٍ مِنْ حِجَارَتِه
لَحْمِي، وَرُشَّ عَلَى كُلِّ التُّرَابِ دَمِي

لَعَلَّ خَيْلَ جُيُوشِ المُسْلِمِيْنَ غَدَاً
بِنُوْرِهِ تَهْتَدِي في حَالِكِ الظُّلَمِ

أَوْ عَلَّ تُرْبَتَهُ إِنْ بَرْعَمَتْ زَهَرَاً
تَكُوْنَ رَوْحَاً وَرَيْحَانَاً لِذِي أَلَمِ

كُلُّ الخُيولِ بِأوطاني بِلا سُرُجٍ
وَلا فَوَارِسَ تَعْلُوْهَا وَلا لُجُمِ

وَالخَيْرُ بَيْنَ نَوَاصِي الخَيْلِ مُنْعَقِدٌ
إِنْ قِيْلَ: يَا خَيْلُ هَذِي السَّاحُ فَاقْتَحِمِي

فَمَنْ يَجِيْءُ بِهَا لِلْقُدْسِ عَادِيَةً
ضَبْحَاً عَلَى صَهَوَاتِ العَزْمِ وَالهِمَمِ؟

غَدَاً تَعُوْدِ إِلى سَاحَاتِهَا أَلَقَاً
خَيْلُ المُغِيْرِيْنَ مِنْ أَحْفَادِ (مُعْتَصِمِ)

وَتَلْتَقِي (بِصَلاحِ الدِّيْنِ)، مَوْعِدُنَا

حِطِّيْنُ ثَانِيَةً في سَاحَةِ الحَرَمِ

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.