شعار قسم مدونات

الأسلحة المحرمة دوليا

blogs - السلاح الكيماوي
نسمع كثيرا عن استخدام النظام السوري للأسلحة المحرمة دوليا لقتل المدنيين من الشعب السوري، توقفت كثيرا عند مصطلح الأسلحة المحرمة دوليا ودار بيني وبين نفسي حوار تضمن عدة أسئلة:
1. ما هي الأسلحة المحرمة دوليا؟
2. من صنع تلك الأسلحة ومن حرمها؟
3. من باع تلك الأسلحة ومن اشتراها؟
4. ولماذا هي محرمة دوليا؟

هل لأنها تقتل! فكل الأسلحة صنعت لكي تقتل العدو، هل لأنها تصيب المقتول بالتشوهات وما يضير القاتل بعدما قتل، هل تصيب الإنسان بإعاقة في جسده، كل الأسلحة تصيب بإعاقة نفسية وجسدية من تعرض لها ولم يقتل، هل يمكن لمن اخترع لنا هذا المصطلح أن يجيب عنه؟

تلك هي معركتنا الحقيقية:
يتعامل النظام الدولي بأدواته ومنظماته مع الشعوب كقطعة من حديد يحرقها بكل الوسائل لتكون طيعة بين يديه ليتمكن من تشكيلها كيفما شاء، يحرقها بالفقر والجهل والمرض والبطالة، يحرقها بالحصار والتجويع والتهجير القسري، يحرقها باتهامها بالإرهاب إن هي خالفته وثارت عليه وقررت مقاومته، يحرقها بالبراميل المتفجرة وقنابل الفسفور والأسلحة الكيماوية ثم يخرج لنا لسانه متمثلا في أبواقه الإعلامية: لقد استعمل النظام السوري أسلحة محرمة دوليا، ونفس البوق يردد: أي حل سياسي في سوريا لا بد أن يكون بموافقة النظام السوري.

لم يخلقنا الله لتجلد ظهورنا وتنتهك أعراضنا، بل خلقنا لنحيا كراما ونعيش أحرارا وعلينا أن ندفع ثمن الحرية ونملك القوة التي بها نملك السيادة ونملك التاريخ والجغرافيا تلك هي معركتنا

متى نتمكن من الرد على تلك الأبواق الإعلامية التي تصنع الأكاذيب؟ ولذر الرماد في العيون يصنع لنا منظمات حقوقية ترصد ما تفعله الأنظمة المستبدة في شعوبها فيضرب عدة عصافير بحجر واحد:
1. السيطرة على النظام الحاكم تماما إن فكر في الخروج عن الدائرة المرسومة له.
2. وضع رقابة على الشعوب ليتحسب خطوته القادمة إن فكرت في الثورة على النظام.
3. لف الحبل على الرقاب التي تفكر في الثورة لأنها لن تثور إلا من خلال منظماته التي صنعها للسيطرة على تلك الشعوب.
4. أصبحت الدولة بلا سيادة وقرارها يخضع للسيادة الدولية.
5. اعتراف الشعوب بفضل تلك المنظمات الدولية التي أدانت القتل أو انتهاك حقوق الإنسان.

ويرقص الشعب فرحا بتلك الإدانة ولم يسأل نفسه: ماذا بعد الإدانة هل سيتوقف القتل؟ ما الفرق بين القتل بالكيماوي والقتل بالبراميل المتفجرة؟ أو القتل بالحصار والتجويع والتهجير تحت القصف؟ هل ستتوقف الانتهاكات؟ علينا أن نفهم الهدف من وجود تلك المنظمات على أرضنا وفك طلاسم النظام الدولي وأدواته.

تقول القوانين الدولية وبنود الانضمام للأمم المتحدة يجب أن تكون الدولة التي ترغب في الانضمام ذات سيادة حتى تُقبل عضويتها، فهل كانت جنوب السودان يوما دولة ذات سيادة، إن ما فعلته الأمم المتحدة يعد اعتداء صارخا على سيادة دولة السودان العضو في الأمم المتحدة المسؤولة عن حماية أعضائها من أية انتهاكات، فهل يمكن أن تخرج علينا منظمة تابعة لها بالاعتراف بهذا الاعتداء.

هل أصبح لدولة السودان سيادة بعد أن انتهكت سيادتها الأمم المتحدة نفسها! هل لدولة جنوب السودان سيادة! هل تمتلك الدولة النووية باكستان في ظل هذا النظام الدولي سيادة بعد أن انتهكت أجواءها الطائرات الأميركية لقتل أسامة بن لادن على أراضيها!

السيادة تصنعها القوة بكل أنواعها العسكرية والسياسية والاقتصادية والإعلامية والعلمية والتفاوضية والإيمانية التي تدفع الشعوب لامتلاك إرادتها وحريتها التي تسعى إليها، وبالإضافة إلى هذه القوى يأتي سلاح الوعي لأنه أصبح من الأسلحة المحرمة دوليا على شعوبنا، حيث يفرض النظام أن تضع عقلك جانبا فهو يفكر لك "مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ"، فهو يضع عليك قيودا في وسائل التواصل الاجتماعي وقد يتهمك بقلب نظام الحكم بتغريدة، وعندما تكشف أكاذيبه يبدأ في ممارسة وسائله الأخرى العسكرية والأمنية في السيطرة لتعود إلى رشدك وطاعة الحاكم وإن جلد ظهرك أو هتك عرضك، ناسيا خطبة الخليفة الأول أبوبكر الصديق رضي الله عنه حيث قال: "إن أحسنت فأعينوني وإن أسأت فقوموني"، لم يخلقنا الله لتجلد ظهورنا وتنتهك أعراضنا، بل خلقنا لنحيا كراما ونعيش أحرارا وعلينا أن ندفع ثمن الحرية ونملك القوة التي بها نملك السيادة ونملك التاريخ والجغرافيا تلك هي معركتنا وأسلحتنا المحرمة دوليا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.