شعار قسم مدونات

مجلة "شُرفة".. نافذة على الأدب التركي والعربي

blogs - شرفة

"المجلة هي قلعة الفكر الحر" جميل مريج – عالم اجتماع تركي
المجلات تعكس ثقافات البلاد، وخاصة المجلات الأدبية، فإذا كان الناس في بلد ما يستطيعون التعبير بحرية عن أفكارهم، فهذا يعني أن هذه الدولة متحضرة. سأحدثكم عن مجلة جديدة اسمها "شُرفة"، وهي مجلة أدبية تصدر باللغتين العربية والتركية. أنا متأكدة أن هذه المجلة ستربط بين الأدب التركي والعربي بشكل قوي ومختلف.

نُشر العدد الأول من مجلة "شُرفة"، وهي ذات غلاف مصمم بشكل لطيف جدا، كما أنها تحتوي على مجموعة من القصص و الأشعار. هذه المجلة بمنزلة جسر للتبادل الثقافي بين تركيا والبلدان العربية، وتحتوي على أعمال أدبية تركية وعربية، وأثق أنها ستكون مفيدة جدا لكل من دارسي اللغة العربية والتركية أيضا. يُشرف على قسم الترجمة في المجلة الأستاذ محمد حقي صوتشين وهو واحد من المترجمين المتخصصين والبارعيين في تركيا.

إن كنتم تتذكرون، في مقالتي الأولى ذكرت أن واحدا من أكبر أحلامي هو نشر مجلة للأدب العربي والتركي. "لماذا لا توجد مجلة تركية باللغة العربية، رغم أن هناك الكثير من الاهتمام باللغة العربية في تركيا؟" كنت أسأل نفسي دائما هذا السؤال. والآن صدرت مجلة "شُرفة"، وستكون خطوة كبيرة للتبادل الثقافي العربي التركي. كان حلمي أن تصدر مجلة بالتركية والعربية، والأستاذ محمد حقي صوتشين حقق لي هذا الحلم، وأحلام كل من يريدون ممارسة الترجمة الأدبية من العرب الأتراك.

أعبر عن شكري وتقديري لمجهودات الأستاذ محمد حقي صوتشين وفريق المجلة كله، وأنا فخورة جدا بظهور هذه المجلة في بلدي، كما أسعدني جدا أن تشارك صديقتي المترجمة مي عاشور فيها، وآمل أن تكون لنا مساهمة ملموسة في المستقبل القريب في نقل الأدب العربي والتركي.

يزداد الاهتمام بالأدب العربي في تركيا عما كان عليه سابقا، إذ لم يكن هناك اهتمام بالأدب العربي في تركيا بسبب النظر دائما إلى اللغة العربية على أنها لغة للدين وحسب، ولكن تغير هذا الوضع وتبدّلت هذه النظرة، ونأمل أن يصير في جميع الدول مثل هذه المجلات التي تُعنى بالأدب، لأن الأدب يبني الحضارات.

اللغة العربية، لغة جميلة وثرية، وخاصة في الكتابة. لو كنت تتعلم العربية فعليك أن تتعلم الكتابة بشكل جيد أيضا، لأن كلًا من القراءة والكتابة والاستماع مهمة لتعلم اللغة
اللغة العربية، لغة جميلة وثرية، وخاصة في الكتابة. لو كنت تتعلم العربية فعليك أن تتعلم الكتابة بشكل جيد أيضا، لأن كلًا من القراءة والكتابة والاستماع مهمة لتعلم اللغة
 

هناك أخبار أخرى جيدة، وهي أن عدد المكتبات العربية في تركيا يتضاعف، بعد أن كان من الصعب العثور على كتب باللغة العربية من قبل، وكانت معظم الكتب دينية، لقد كان هناك جدار بيننا وبين الأدب العربي، أما الآن فهناك مكتبات ومقاهٍ لبيع الكتب العربية وغيرها، ويأتي الشعراء الأتراك والعرب إلى هذه المقاهي، وتنظم فيها فعاليات ثقافية لطيفة ومفيدة جدا.

إن اللغة العربية، لغة جميلة وثرية، وخاصة في الكتابة. لو كنت تتعلم العربية فعليك أن تتعلم الكتابة بشكل جيد أيضا، لأن كلًا من القراءة والكتابة والاستماع مهمة لتعلم اللغة.

في النهاية أتوجه بالشكر إلى كل من ساهم في إقامة أنشطة ثقافية مشتركة، وخاصة فريق تحرير مجلة "شُرفة".

إن الهدف من الأدب هو نشر الجمال، وهو أداة نستخدمها لنقل مشاعرنا وأفكارنا، فمن الضروري معرفة أدب ذلك المجتمع من أجل التعرف على المجتمع نفسه، لأنه يعكس حضارته وتاريخه. ويُعد الإنسان، والهجرة، والحروب، والمجاعات وغيرها من المصادر التي يُستوحى منها الأدب. ومما لا شك فيه أن للمسلمين إسهامات عظيمة في الأدب، ولكن للأسف ليس الأمر هكذا في يومنا هذا، لأننا لا نقرأ الكتب بالنسبة التي يقرأ بها الغرب، ولدينا عدد قليل جدا من القراء، فشبابنا مشغولون بقصص الحب عديمة الفائدة. 

أما الغرب فيرسل لنا الكتب الأكثر مبيعا "best seller"، لكن لا أحد يقرأ هذه الكتب عندهم، نحن نقرأها معتقدين أنها الأفضل، ولكن الحقيقة أنها ليست كذلك. إن هذه المجلة ستكون نافذة على الأدب التركي والعربي، وسوف تضيف المزيد إلى عالم الأدب. علم الأدب مثل علم الاجتماع والسياسة، ولكنه علم صوري، أما العمل الأدبي فهو مرآة تعكس حياة الإنسان.

هناك كتاب اسمه "مقالات حول الأدب" للكاتب التركي الكبير أحمد حمدي تانبنار، آمل أن يترجم هذا الكتاب إلى اللغة العربية وسوف يستفيد الجميع منه كثيرا. ذات يوم رأيت كتابا في المكتبة عنوانه "مختارات لشاعرات عربيات"، كان يضم الكثير من القصائد الجميلة، وقصص الحياة المختلفة، إن نساء العرب مهتمات حقا بالشعر. آمل أن تخلق هذه المجلة مجموعات من القراءة في الجامعات، وهكذا ستزداد فعاليات الترجمة، وسوف يستفيد الجميع منها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.