شعار قسم مدونات

ماما تتابعني عبر السوشال ميديا

blogs - woman girl social media phone

ملاحظة؛ ماما لا تعرف أنني أكتب هذه المدونة الان، وأتمنى ألا تعرف وإلا ستفصلني من جروب العائلة على الواتساب. منذ أن التحقت بمواقع التواصل الاجتماعي وقد اكتمل حلم "ماما" بمتابعة كافة التفاصيل التي تفوتها من حديثي فهي تعشق التفاصيل، مع العلم أنني أقص لماما غالبا الكثير من الأحداث اليومية التي أمر بها وعليه لا يفوتها شيء من تفاصيل نهاري، ولكن بوجود مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت ماما في قلب الحدث، مع العلم أن ماما كانت قد استخدمت هذه المواقع والتطبيقات قبل أن استخدمها.

 

ماما تتابعني على فيسبوك، وانستغرام، وسناب شات، والواتساب، تتابعني على كل هذه التطبيقات وهي ترسل لي مسج شبه يومي محتواه "أنا اشتقتلك" أو "بحبك"، وهذا غيض من فيض؛ فهي تتابع كافة التفاصيل على كل مواقع التواصل وتجمرك كل المنشورات بلايك على الأقل، وأنا لهذه اللحظة لا يمكن أن أخفي سعادتي بانخراط ماما بالواقع الافتراضي الاجتماعي.

 

فيسبوك؛ ماما تتابعني على فيسبوك، وتقوم بتقييم كل منشور من المنشورات وكل صورة من الصور، وفق معاييرها الخاصة والمعلنة بشكل صريح، حيث تعلمني في كل مرة أنشر فيها منشور سياسي أو راديكالي على المجتمع بضرورة حذف ذلك المنشور الذي لا يتوافق وسياستها في النشر، فوالدتي رئيسة تحرير صعبة المزاج، وكل مرة تقول الكتابة مسموحة في كل شيء عدا السياسة -حتى لو بشكل ساخر، ومع ذلك؛ فأنا "سوشلجية" مشاكسة لا أبالي بهذه القوانين، أكتب ما أشاء وتحزن والدتي قليلا من ذلك، وأكسب دعواتها لي بالحماية والتوفيق، فآسف ماما.

  

انستغرام؛ تتابع ماما الصور، والفيديوهات والقصص اليومية على هذا التطبيق، وترسل لي الرسائل دوما، وتعقب على صوري في القصص اليومية إما بقلب حب أو بكلمة غزل لطيفة، أردها بكل ذوق -بحسب ما عملتني من صغري- وأردد في عقلي "القرد بعين أمه غزال"، سياسة النشر في هذا التطبيق بالنسبة لوالدتي سارية لنفس المواضيع فهي تحرم النشر في المواضيع السياسية ولكن يتعين عليها مواكبة المحتوى وإعطاء بعض النصائح تباعاً لما يتم نشره، كأن تقول لي "حاولي أن تخففي ابتسامتك العريضة بالصور" أو ما شابه ذلك وأنا أرد كالعادة "ما إلي صور بدون ابتسامة عريضة، عشان بس أتوفى تحتاري بالصورة الي بدك تستخدميها للنعي" وهذه الإجابة كفيلة بإنهاء النقاش.

 

undefined

 

سناب شات؛ لقد اعتدت أن أكون من مدمنات ومدمنين هذا التطبيق، واعتادت والدتي أن تعرف مسير يومي بالتفصيل من خلاله، حيث تعلم بمن التقيت وأين ذهبت والكثير من التفاصيل مثل لون كنزتي إن ذهبت للعمل قبل صحوتها، ولكن بعد فترة من إطلاق القصص اليومية في الانستغرام وأيضا لخلل ما في جهازي المحمول توقفت عن استخدام هذا التطبيق بل وحذفته، وإذ بها بعد حوالي شهر من ذلك تسألني "كأنه إلك زمان ما عم تستخدمي سناب شات!" وأنا هنا كنت قد وقعت في هول الصدمة، فعلياً لم أعرف ماذا ستكون الإجابة النموذجية لتلك الحالة، فأنا توقفت عن استخدامه لخلل لتقني غير مقصود، ولكنها تتابعني وتنتظر يومياتي، وفي ذلك الوقت قررت إحراجها وقلت لها: "تلفوني في مشكلة فنية، وبتكون فرصة طيبة إذا قررتي تهديني تلفون جديد" وفي هذا الوقت ماما وجدت فرصة لتغيير مسار الحديث وإنهاءه وعدم فتحه مجدداً، حتى إني عدت لاستخدامه منذ فترة قصيرة ولم تعبر عن مشاعرها حيال ذلك.

  

الواتساب؛ الواتس في البداية ظالم، ولو كنت مكان والدتي لما كنت استخدمته فهو يملك اسم ذكوري واتس "أب" وليس مثلا واتس "أم" ولكن أستطيع تفهم سبب تمسك ماما بهذا التطبيق، فمحادثاتها مع خالاتي تتربع في هذا التطبيق ولا يمكن السيطرة على أحاديث الأخوات، وباختصار فوالدتي تستخدمه معي للأحاديث الجدية مثل "شو حابة نطبخ اليوم؟".

 

تويتر؛ هو ليس تويتر هو "تَوتُر" أنشأت لها حسابين وللأسف كانت تفقد كلمة السر في كل مرة، ربما يحفظ لي القدر حكمة عظيمة في ذلك وأنا أدركها من متابعتها في باقي المواقع، وعليه سنستريح قليلا في هذا التطبيق.

 

مواقع التواصل الاجتماعي جمعتنا أكثر مع ماما ولكنها تضعنا في مأزق في الكثير من الأوقات، فالأمهات العظيمات أصبحن يمارسن الحب بمتابعتنا والدعاء لنا حتى افتراضياً، أستطيع تفهم هذا الحب، فلا أعلم لو كنت مكانها ماذا سأفعل مع ابنتي الوحيدة!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.