بِيْ مِنْ دَمِي ما بِالشُّمُوسِ مِنَ اللَّظَى *** وَبِمُهْجَتِي ما فِي نَحِيْبِ سَحَابِ
وَلَقَدْ نَزَعْتُ الشَّوْكَ مِنْ هُدُبِي فَلَمْ *** أُبْصِرْ، فَكُلُّ الشَّوْقِ فِي أَهْدابِي
أَهْوَى بِلادِي حُلْوَها وَمَرِيْرَهَا *** وَأَمُوتُ لَوْ رَضِيَتْ بِلَثْمِ ثِيابِي
لا تَجْزَعِي … كَمْ شَامِخٍ ما ضَرَّهُ *** نَبْحُ الكِلابِ وَلا طَنِيْنُ ذُبابِ
يَا مِصْرُ يَا وَطَنَ التَّوَجُّعِ وَالتَّوَحُّدِ *** وَالمُنى، وَالحُبِّ، وَالأَحْبابِ
إِنِّي ادَّخَرْتُكِ لِلعُرُوبَةِ تَنْتَشِي *** بِاللهِ وَالتَّارِيْخِ وَالأَنْسابِ
مَا شُرِّفَتْ بِكِ دُونَ (عَمْرٍ) بُقْعَةٌ *** أَبَداً، وَمَا افْتَخَرَتْ بِغَيْرِ (كِتابِ)
وَجُيُوشُ فَتْحٍ فَوْقَ هَامَاتِ العُلا *** نَزَعَتْ مِنَ الآفاقِ كُلَّ شِهابِ
إِنِّي أَتَيْتُكِ بَعْدَ عِشْرِيْنَ انْقَضَتْ *** وَبِيَ الَّذِي مَا زَالَ بَعْدَ غِيابِ
فَجَدِيْدَةٌ أَحْلامُ طِفْلٍ عَاشِقٍ *** يَا حُلْوَتِي، وَقَدِيْمَةٌ أَكْوَابِي
هَذَا أَنَا أَمْشِي يُبَعْثِرُ خَاطِرِي *** مَاضٍ، وَيَسْرِي الخَوْفُ فِي أَعْصَابِي
نَادَيْتُ يَا (فِرْعَوْنُ) وَهْوَ مُمَدَّدٌ *** وَأَنَا أُجِيْلُ الطَّرْفَ كَالمُرْتابِ
وَتَنَفَّسَتْ بَيْنَ الجَوانِحِ رِعْدَةٌ *** هَزَّتْ خِطابِي قَبْلَ كَوْنِ خِطابِي:
هَلْ كَانَ مَا وَعَدَ الإِلهُ حَقِيْقَةً *** أَمْ كانَ مَحْضَ تَوَهُّمٍ كَذّابِ؟!
أَتُرَى انْتَفَعْتَ بِأَنْ جَعَلْتَ شُعُوبَهُمْ *** شِيَعًا، وَذَاقُوا مِنْكَ كُلَّ عَذَابِ؟!
وَصُرُوحُ (هَامَانَ) الَّتِي طَامَنْتَها *** مُتَطَلِّعًا، أَبَلَغْتَ لِلأَسْبَابِ؟!
نَادَيْتُ: يَا (فِرْعَونُ) تِلْكَ قُصُورُكُمْ *** كَقُبُورِكُمْ قَدْ شُيِّدَتْ لِخَرابِ
وَصَرَخْتُ بِالوَادِي المُقَدَّسِ صَرْخَةً *** أَصْغَى لَهَا (مُوسى) وَرَدَّ جَوَابِي
سَتَمُرُّ يَا (مُوْسَى) قُرُونٌ بَعْدَكُمْ *** وَتَظَلُّ شَاهِدَةً مَدَى الأَحْقَابِ
مَا كَانَ مِنْ عَدْلٍ فَإِرْثٌ خَالِدٌ *** وَالظُّلْمُ يُنْذِرُ مَنْ طَغَى بِتَبَابِ
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.