شعار قسم مدونات

ساعتان.. مع اللوبي الصهيوني

blogs - israel

كثيرًا ما نسمع باللوبي الصهيوني وإنجازاته حتى بات بعضنا يتخيّله كأنه خارق القوى أو كأنه لا يُهزم. وفي المانيا مثلاً، رأيت بنفسي كيف قاموا بشنّ حملة شعواء على مُراسل قناة ARD الألمانية حين أجرى تقرير عن أزمة المياه في الضفّة، وليس عن السلاح النووي الإسرائيلي، فوصل الامر بتهديده بالقتل، كما رأيت كيف قاموا بإلغاء مساق في إحدى الجامعات الألمانية لأنه ذكّر أن إسرائيل تعذّب الفلسطينيين، وكيف اضطرت عميدة الكليّة للتنحي من منصبها بسببهم!

 

لا شك أن المخفي أعظم، ولكن هل هذا اللوبي خارق حقًا؟ شبكة الجزيرة وفريق وحدة التحقيقات فيها أكّد لنا أن هذا وهم، فاللوبي ورغم كُل قُدراته الخارقة، إنه قابل للاختراق، وهذا ما استطاع فعله الصحفي المُتخفي تحت اسم "روبين" لمدّة 6 أشهر والذي أصبح صديقًا مُقرّبًا من أحد موظفي سفارة تل أبيب في لندن وهو "شاي ماسوت" الذي أُقيل بعد عرض الفيلم مُباشرة، كما اُقيل غيره ممن قام "روبين" بفضحهم بكاميرا خفيّة ذكيّة مُعلقة على صدره، بعد أن كانوا يتوقعون منه المساعدة في تطوير عمل "شبيبة أصدقاء إسرائيل" داخل حزب العمال في بريطانيا.

 

سلسلة وثائقي "اللوبي" جعلتنا "نُجالس" نشطاء اللوبي، ونستمع إلى أحاديثهم والنجوى بينما هم يتناولون الطعام في أحد مطاعم لندن، سمعنا إحداهن وهي تعترف في حضرة الكاميرا السريّة: "هل تعلم أنني كُنت في المخابرات 4 سنوات؟"

الحقيقة، أن «اللوبي»" ليس أول وثائقي عن نشاط اللوبي الصهيوني، فهناك وثائقي Inside Britain’s Israel Lobby من انتاج القناة الرابعة البريطانية عام 2009، ومع أن التسميه توحي بأن الوثائقي يفضح اللوبي من الداخل، إلا أنه لم يأخذ المُشاهدين في الواقع إلى "الداخل"، وإنما جعلهم أكثر فهمًا لكيفيّة عمله من خلال فضح نُشطاء اللوبي وتبرعاته السخيّة للساسة في بريطانيا والتي وصلت خلال 8 سنوات إلى حوالي 10 مليون جنيه استرليني، أو حتى من خلال فضح عمل مؤسسات مثل المركز البريطاني الإسرائيلي للاتصال والأبحاث المعروف بـBICOM  ممن تبذل جهودًا حثيثة من أجل التشهير بكل من يجرؤ على نقد إسرائيل، والحديث عن مجازرها، مستوطناتها أو سلاحها النووي أو حتى أزمة المياه مثلاً!

 

سلسلة وثائقي «اللوبي» فعلت هذا وأكثر، فقد جعلتنا "نُجالس" نشطاء اللوبي، ونستمع إلى أحاديثهم والنجوى بينما هم يتناولون الطعام في أحد مطاعم لندن، سمعنا إحداهن وهي تعترف في حضرة الكاميرا السريّة: "هل تعلم أنني كُنت في المخابرات 4 سنوات؟" كما سمعنا أخرى تتوعد أمام "روبين" من ناشطة من أجل فلسطينية وهي تقول: لقد رأيتها وفكّرت في القضاء عليها.. لقد تدرّبت كراف مجاع" – (קרב מגע – تقنيّة قتال يدويّة طورها الجيش الإسرائيلي) -، ولكن أخطر التصريحات كان حديث "شاي ماسوت" على وجبة عشاء في مطعم فاخر وهو يُخطط مع زُملائه للإطاحة بمجموعة من أعضاء البرلمان البريطاني من المعارضين للسياسات الإسرائيلية، مثل "آلان دانكن" المعارض لإقامة المستوطنات الإسرائيلية في الضفّة!

 

صحيحٌ أن استقصائي "اللوبي" قلب لندن رأسًا على عقب، إلا أن الأهم أنه قرّبنا من الحيل التي تلجأ إليها مجموعات الضغط الصهيونية في الخارج وسمعناها من أفواههم هُم ونشاطئهم، فرأينا كيف يُمكن بسهولة أن يُطعن بشخص بأنه "مضهد للمرأة او لديه رُهاب من المثليين" إذا انتقد "اسرائيل"، وسمعنا نقاشاتهم وهم يُحيكون تُهمة "معاداة الساميّة" لمن انتقدت سياسة الاستيطان الإسرائيلي، كما رأينا كيف أن هناك أشخاص يعملون ليل نهار من أجل أن تبقى الدعاية الإسرائيليّة هي الأقوى، وهو ما يدعونا كفلسطينيين أن نستيقظ، وندرك حجم التحديات التي بانتظارنا.

 

أما الدرس الأخطر الذي يجب أن نتعلمه من الأربعة أجزاء التي شاهدنا ضمن «اللوبي» هو أن اللوبي الصهيوني القابل للاختراق، قابل للهزيمة أيضًا! 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.