شعار قسم مدونات

الحب.. في الغيوم السوداء

blogs- الحب

تلك المشاعر التي صاغها الإنسان كما يشتهي دون اعتبارات ولا تفسيرات تأرجح بها حسب ما يريد تحت ظلال الحب يستفيد يظن نفسه عاشقا بمعنى العشق وهو أقل من منازل الإعجاب بكثير!

يا لها من مشاعر سهلة كلما شعر الإنسان بالرغبة قال هذا الحب، كلما شعر بالانجذاب قال هذا الحب، كلما شعر بالشهوة قال هذا الحب، كلما شعر بالمصلحة قال هذا الحب، اتقوا رب الحب من هذا العبث فقد يحاسبكم على ما أفرطتم وبذرتم به فهو لم يخلقه وسيلة بل خلقه غاية في النفوس وليس متعة وحسب بل عبادة وتقرب وتطور وتنمية وتقدم وحيوية ولم يكن يوما أبدا مثل ما نراهُ اليوم!
 

حقيقة صمتُ كثيرا في هذا المجال وراقبت حالات عدة وسمعت من أناس كثر وشاهدت نماذج واقعية ولم أبخل على نفسي في قصص التاريخ بهذا الموضوع ولم أترك أحدا مر في حياتي دون التطفل بالسؤال لغاية في نفسي أريد إثباتها ولربما لدي قناعة غريبة في اتجاه مغاير لما هو مفهوم عن الحب كالمشاعر، والأحاسيس، والرومنسية المشعة باللون الأحمر الهافت، والشموع الهادئة، وتلك اللحظات المؤقتة، لم أرى هذا كله ضروري بقدر الحب نفسه التي أصبح مفهوما ومرتبطا عند الكثير بما ما ذكرت أعلاه.
 

الحب الغير مشروط بالزواج ولا بالتواصل ولا بالهداية ولا بحفظ المواقف والتواريخ ذاك الحب النقي التي يتطلب منا التفكير فقط في سعادة من نحب لدرجة قبول الظلم على النفس وعصيانها عند التمرد والبقاء بأصعب الظروف!

الحب هو الشعور الغامض التي لم يدركه ولا يستطيع التعبير عنه حتى الشخص المصاب به، شعور خارج الإرادة، داء بلا دواء، قد يصبح خبيثا وقد يصبح حميدا وذلك يعود على نمو العقل مدير العمليات والتفكيرات في داخل الإنسان ولا شك أن الفطرة تدعم هذه المشاعر وما دور العقل هنا سوى التوظيف والتوجيه بالشكل السليم وليس المنع وهذا ما لم أجده على الأقل في الوقت الحالي.

الكل منفرد بتفسيره الخاص دون تمييز مطلق بين الرغبة والإعجاب والانسجام والتوافق والحب الذي لا شك هو جميع ما ذُكر، وهذا ما ينتج عنه فشلا واضحا في العلاقات التي تنتهي من حيث تبدأ ويعيش بعدها الراغبون ضحايا للشعور الخاطئ إلى ما لا نهاية حيث يدفع حينها الطرفين ضريبة البداية المنتهية ولربما يكلفهم الكثير من أعراض نفسية وعصبية أو صفات مكتسبة سلبية مضرة لأبعد الحدود اجتماعيا وحياتيا وهم في قناعة تامة أنهم على الأقل مارسوا الحب!

ذاك الحب الذي لا يوجد فيه احتمالات للفشل يتمثل في التضحية المطلقة على مبدئه الحقيقي "أنا أحبك، إذن أنا أريد سعادتك" أين نحن من سعادة من نحب؟! الحب الغير مشروط بالزواج ولا بالتواصل ولا بالهداية ولا بحفظ المواقف والتواريخ ذاك الحب النقي التي يتطلب منا التفكير فقط في سعادة من نحب لدرجة قبول الظلم على النفس وعصيانها عند التمرد والبقاء بأصعب الظروف!

فكم من حالات أتمت مشاعرها بالزواج ثم آلت بهم الظروف إلى الانفصال وكم من حالات تواصلت عن قرب واستمرار ثم استقروا في دفء النصيب وكم من حالات تهادت وحفظت المواقف وقدرت اللحظات وعند أول خلاف هرعوا إلى النسيان، حالات كثيره تجعلك تتساءل كيف لهم أن يبدؤا الحب وينهوه بهذه السهولة!

ما هذه الفوضى وما هذا الخطأ الذي يرتكبه الإنسان في حق أجمل شعور خلقه الله، حتى اضطررنا النظر في حسرة إلى عيون الحيوانات وهي تعانق بعضها في تمني واضح لو نرى هذا الصدق وهذه البراءة في عيون الإنسان الذي يتحكم في حبه كما يريد وبما يستفيد!

والأفظع من هذا كله تلك العلاقة التي تبدأ من أول محادثة على الفيس بوك وتنتهي في الثالثة بسبب "إعجاب أو تعليق" ويسموهُ بعد ذلك حب، يا له من فراغ قاتل قد يصل بسببه الإنسان لأسوء حالة على الإطلاق وكأن الحب أصبح من المسليات في حياة الإنسان يستخدمه في حالات ويتركه في حالات والبعض قد يتقبله مرات عدة ويمارسه بسهولة في بلادة واضحه وضمير معدوم وكأنه لم يخلق كغذاء للأرواح وللتناغم بينها.

الحب الذي يبدأ ولا ينتهي في انتهاء اللحظات والعلاقات، الحب الذي لا يعبر عنه إلا بالسعادة والمرح كيف حولتموه إلى لحظات تنتهي على الحزن والآسى والدموع والتراجع والتخاذل كيف لهذا الفشل أن يكون حبا من الأساس!

فلنحترم أنفسنا جيدا وعلاقتنا المتمثلة بالصداقة والأخوة وعدم اختراقها وصولا للحب والتمسك في المبادئ التي تعاكس كل ما يحصل الآن وإلزام النفس وتهذيبها بالعودة للدين والشريعة التي هي مصدر تفسيرنا وأفكارنا والتقيد بها

كيف جعلتم الحب شيئا ملموسا في بيت أو سيارة أو راتب أو قبلة أو نظرة أو همسة كيف قزمتموه إلى هذه الأشياء وهو الأعظم في تخاطر العقول وتوافق القلوب والأهواء!

ما هذه الحالات العشوائية التي تجتمع من فقر المشاعر ومن ضغط الحياة والظروف أو من العكس، كيف لكم كسر الحواجز مجرد شعوركم بالرغبة، الأمر أصبح خطيرا وسط استهانات وعدم الحسبان للنتائج المجتمعية بعد تراكم هذا الفشل وما عواقب تلك الرغبات الغير مدروسة في المستقبل.

هذا ليس كافيا ولكن احتارت حروفي في تفسير ما أرى، ومن الواضح أن الحب شعورا لم نفهمه بعد وما زال في الغيوم السوداء لم يتناوله الإنسان بصدق معانيه رغم كل الذين ادعوه!

فلنحترم أنفسنا جيدا وعلاقتنا المتمثلة بالصداقة والأخوة وعدم اختراقها وصولا للحب والتمسك في المبادئ التي تعاكس كل ما يحصل الآن وإلزام النفس وتهذيبها بالعودة للدين والشريعة التي هي مصدر تفسيرنا وأفكارنا والتقيد بها والابتعاد عن خرافات التحرر التي ملئت بيوت الرحمة أطفالا دون هوية.

اعتناق الحب بمعانيه التي من الممكن أن تبعدك عمن تحب حبا فيه وخوفا من أذيته ذاك التفكير العقلي والمنطقي الذي يوصلك لتفسير الأشياء حسب الواقع بكل إيجابية وتفهم بنفس الوقت قد تجعلك تتثبت بمن تحب حين تشعر بالقبول النفسي الذي يضمن لك أنك المكان الأسعد له وهذا نادرا ما يفكر فيه الإنسان أو حتى يراه تفكيرا منطقيا بسبب فطرة الطمع التي زرعت به حب النفس أولا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.