شعار قسم مدونات

الطّاقة النوويّة.. خطّة طوارئ لا اختيار

blogs - nuclear power

في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي تعيشها معظم الدّول العربيّة اليوم وخاصة الجزائر وسياسة التقشفّ التي تتبنّاها كذريعة في حين لا يمكن اعتبارها سوى وسيلة ضغط من جهة وتشتيت انتباه من جهة أخرى للشّعب لينشغل بذلك بقوت يومه عن الفساد الحاصل في البلاد.. بعيداً عن كلّ هذَا لطالما تبادر في ذهني هذا السؤال: لماذا لا تسعى الدولة الجزائرية إلى إيجاد حلول جذرية لهذه الأزمة بعيداً عن تلكَ الحلول التي لا تسمن ولا تغني من جوع؟
 

فمثلاً كبديل للبترول الذي استنفذته طيلة كل هذه السنوات فجعلت منه مصدر أساسي لاقتصاد البلاد ومداخيل الأفراد وما هذا إلاّ نتيجة لسوء تصريف وغياب النظرة الاستشرافية حول مستقبل البلاد.. لماذا لم تلجأ إلى استغلال طاقات أخرى، وهنا سأخصص بطرحي "الطاقة النووية"!
 

لا أعلم لماذا هذه الطّاقة بالذّات تثير الذعر بين البلدان وحتى الأفراد، رغم أنّه لا يخفى على أحدٍ اليوم أنّ مجالات استخدامها تعدّت نطاق الحروب والإبادة لتصبح أساساً يقوم عليه العلم الحديث وهو ما يعرف بــ "الطّاقة النوويّة المدنيّة"
 

التحديات الوحيدة التي تطرحها هذه الطاقة هي تحديّات ماليّة أكثر منها اجتماعية ويمكن حصرها في تكاليف التجهيزات وبناء المفاعلات النوويّة والتي تتطلّب دعم حكومي هائل، ثمّ تخزين النفايات الناتجة عنها لاحقاً.

وفي هذا المجال نجد أن هناك العديد من الدّول التي سارت على هذا الرّكب، في حين ما زالت الجزائر منذ أزيَد من عَشر سنوات تدرس خياراتها في هذا الصدد، حيث نجد في الإمارات العربيّة المتحدة قد تصل الطاقة الإنتاجية لمشروع براكة إلى 5.6 جيجاواط ليؤمّن تقريباً ربع حاجة البلاد من الكهرباء في حين تبدو الخطّة النوويّة للمملكة العربية السعودية أكثر طموحاً، تضمّ بناء ما يزيد عن ثلاثة عشر مفاعلاً نووياً بحلول 2032م، ناهيك عن الاتفاقيات الموقعة من قبل بلدان أخرى كمصر والأردن للشروع في بناء مفاعلات نووية.. هذا دون الحديث عن الدول الأوروبيّة وغيرها من الدّول الغربيّة وقفزتهم الجليّة في المجال كفرنسا والولايات المتّحدة الأمريكيّة وإيران.
 

في الوضع الرّاهن للاقتصاد العربي، تعتبر الطاقة النووية بالنسبة لهم وللجزائر على وجه الخصوص "خطّة طوارئ" ودعامة اقتصاديّة لا حلاً ثانوي، من أجل تنويع مصادرها الطاقوية البسيطة، زد على ذلك تلبية الطلب المتزايد والمتسارع على الكهرباء وتوفير أمن طاقة أكبر خاصّة أنّها تملك مخزون من اليورانيوم ما يكفيها للانطلاق في المشروع.
 

ربّما التحديات الوحيدة التي تطرحها هذه الطاقة هي تحديّات ماليّة أكثر منها اجتماعية ويمكن حصرها في تكاليف التجهيزات وبناء المفاعلات النوويّة والتي تتطلّب دعم حكومي هائل، ثمّ تخزين النفايات الناتجة عنها لاحقاً وأكثر منها تكاليف التفكيك وإزالة التلوّث الناتج عنها.. أمّا بالنّسبة للكوادر الوطنيّة اللاّزمة لإدارة هذه المفاعلات فتملك الدّولة ما يؤهلها لذلك خاصّة مع ما أراه في الآونة الأخيرة من تأهيل جيل في مجال الأمن النووي.
 

رغم هذه التحدّيات وجب علينا التفاؤل في دراسة التكاليف خصوصاً بالنظر إلى الحماسة الصناعية والضغوط الاقتصادية، لكن في النّهاية تبقى الطّاقة النوويّة، حلاً مساعداً فقط للتخلص من أزمة الطاقة في البلد لا عصا سحريّة، ويبقى على الدولة بناء اقتصاد تنافسي جديد لحلّ مشاكلها الاقتصادية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.