شعار قسم مدونات

هل حقا ودّعت مصر "التربية الإسلامية"؟

blogs- التعليم

مصر تعلن رسميا عن إلغاء تدريس مادة "التربية الإسلامية" وتعويضها بمادة بديلة أُطلق عليها مادة "الأخلاق والقيم والمواطنة"، تحت ذريعة تحديث الخطاب الديني وملاءمته للعصر، استمعْتُ لهذا الخبر اليوم وأنا في ذهول مما تقوله المذيعة والشيخ الأزهري الذي كان يزفّ إليها بشرى كانت تُمنّي النّفس بها من سنوات.

صدقا هو خبر صاعقة لكل غيور على دينه وعلى مادة يعتبرها لبّ المنهج التعليمي وجوهره وهي مادة التربية الإسلامية، وقطعا الذريعة التي سيقت ليست صحيحة، لأن الصواب أن "فوبيا الإسلام" لم تعد حِكرًا على غير المسلمين، بل تجاوزتها لأبنائه الذين يحملون شرف الانتماء إليه، ويصرّون بكل استماتة على نقض عراه يوما بعد يوم.
 

"إلغاء مادة التربية الدينية" هي حربٌ حقيقية ضد الإسلام، وسعي دؤوب لتضليل أهله، والتنكّر لقيمه ومبادئه، استجابةً للضغوط الدولية.. هي حربٌ حقيقية تفرض على أساتذة المادة اليقظة التّامة لتوعية النّشء بما يُخطِّطُ له من يكره هذا الدين ومن ينتسب إليه.

أليس في ديننا أخلاقٌ، وقيمٌ، ومواطنةٌ؟ ألم تكن مادة التربية الإسلامية بمصر تلقن أخلاقًا، وقيمًا، ومواطنةً؟ ألم يقل نبينا -صلى الله عليه وسلم- "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، فكانت الدعوة لحسن الخلق من أساسيات ديننا الحنيف والغاية الكبرى لبعثة الرسول -صلى الله عليه وسلم بعد إرساء قواعد التوحيد؟ أليس في ديننا أكبر منظومة أخلاقية متكاملة عبر التاريخ الإنساني؟ ألم يقل نبينا في الأخلاق أجمل المقالات :"إن أحبَّكم إليَّ، وأقربَكم مني في الآخرة مجلسًا، أحاسنُكم أخلاقًا، وإن أبغضَكم إليَّ وأبعدَكم مني في الآخرة أسوَؤُكم أخلاقًا، الثَّرثارون المُتفَيْهِقون المُتشدِّقون"، "ما من شيءِ أثقلَ في ميزان المؤمن يوم القيامة مِن حُسن الخُلق".. وغيرهما كثير.
 

ألم نتعلم حبّ الوطن والغيرة عليه من رسولنا الكريم وديننا الحنيف؟ أحقّا ودّعت مصر " التربية الإسلامية " في ظل هذا الصمت الرهيب؟ دون استنكار ولا صراخ ولا صخب وكأنها مادة لقيطة ليس لها مدرسون ولا أطر تربوية تدافع عنها وعن بقائها؟
 

يذكرني هذا بما كان سيحدث عندنا بالمغرب قبل بدء الموسم الدراسي الحالي، حيث نادت بعض الجهات العلمانية بتغيير اسم مادة " التربية الإسلامية " إلى "التربية الدينية"، فقامت قائمة أساتذة المادة والجمعيات المهتمة بها وفرضت على المسؤولين الإبقاء على اسم المادة، لأن في ذلك اجتراء على المادة وعلى ديننا الإسلامي، فما كان منهم إلا أن أذعنوا، وصدرت المقررات الجديدة باسم المادة الأصلي.
 

لهذا حين سمعت بهذا الخبر المشؤوم بمصر، شعرت بألم شديد، وحاولت أن أضع نفسي في مقام أساتذة المادة هناك، خصوصا من لهم غيرة عليها ومن يدركون معنى تجرديها من انتمائها الإسلامي.
 

هي حربٌ حقيقية ضد الإسلام، وسعي دؤوب لتضليل أهله، والتنكّر لقيمه ومبادئه، استجابةً للضغوط الدولية.. هي حربٌ حقيقية تفرض على أساتذة المادة اليقظة التّامة لتوعية النّشء بما يُخطِّطُ له من يكره هذا الدين ومن ينتسب إليه، عسى الله أن ينصرهم إن أبصر فيهم جِدّة وصبرًا. وإنّي لِما يحدث بأرض الكنانة لَمن المحزونين!!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.