شعار قسم مدونات

الحب الدراماتيكي

مدونات - المودة
في منصة عابرة وردة جافة وكتابات عابرة، ربما استثارة للفضول خلف ستارة زينها الماضي الأليف،  هكذا يخلق الحب في بلادي بين فناجين القهوة وقراءة الفاتحة لجمع قلوب لم تعي معنى التمازج بعد.

المعادن الأصيلة والأوراق المتفرعة كلها تدرك بعد الولوج بقوة إلى عالم الأبيض أو قفص الزوجية، بغض النظر عن العوالم الإقليمية، فهذا الحب من أنجح جوانب العشق وصوره دواما، بل وإنه يتعدى ذلك لأن يكون التزاما وثقة بدلا من رابطة الهيام الغريبة، وبعد الولوج في مكنونات العشق، لن تجد نفسك سوى محصورا بين النهاية والبداية.

يمكن أن يبدأ غوغائية في نظرة واستنفار في إحدى الطرق العمومية، الجامعة، المدرسة، ثم يلوذ بالفرار لعدم إمكانية ثبات علاقة يربطها الالتزام الجدي، كثيرا ما نسمع عن قصص الزواج الأجنبي، حب عشق هيام جنون سنوات من العلاقة القذرة، قد تؤول إلى زواج غير مستحب من أحد الطرفين، وفي النهاية في أغلب الحالات إما طلاق أو هروب أحد الزوجين من أعقاب المسؤوليات.

أليس من العيب أن نترك لثقافات غيرنا أن تحكم ثقافاتنا وتتركنا في الدرك الأسفل، مع رقيها وحضارتها ونحن نقتفي الأثر بدلا من صنعه كما فعل الأوائل!

فكما تعود الانطلاق لن يعتاد الدخول والإغلاق، فالحب الدراماتيكي ربما وهو كذلك العرش الذهبي لسطوة المثلى والعيش بلا تفكك. ضمن قائمة الإسلام أثر نطاقات جدية والالتزامات صحيحة فيما يتعلق بكافة الأمور من تربية وإنشاء وسد رمق.

الإسلام لم يترك شيئا إلا ونظمه بعقود وتصديات فلم يجعل الأمر حجرا صلدا، ولم يجعله ماء لذة للشاربين، فهناك قواعد أساسية تكفل لكل علاقة الاستمراية ومن أهمها حسن الاختيار، وهنا نربط عدة خيارات لنصل للأعم والأشمل، فالأسس كما حددها الدين الحنيف خلق ودين وكفاءة.

وحسن الاختيار يعد حقا أوليا من حقوق الأولاد على الآباء منذ الأصل إلى الجذور، وثاني قواعد الشجرة المثمرة الحفاظ على الخصوصية والكينونة، والصبر والتحمل على الحالات النفسية والعصبية التي يمر بها كل من الطرفين، والثالثة محاولة إدخال كل منهما السرور على قلب صاحبه، هدية، وردة، ولو بسمة صغيرة يغرسها بقبلة وردية.

كل هذا في النهاية يبرز جليا حين تدوم العلاقة وينشا أطفال صالحون قادرون على مجاراة المجتمع حديثه وقديمة ضمن إطار المحبة والجود والكرم، فالحب في الدراما التركية المجنون والذي ينتهي بضحية ومجازفة وفقدان روح السلاسة والبساطة، من اكثر أنواع الحب فشلا، لأن الشهوة ولا غيرها هو العامل الداعم لما بعد من قوائم غوغائية ربما تستحي الحيوانات أن تطبق شريعتهم فتؤول لركن شديد في ظلمة شاسعة بدلا من الجهر بالمعصية على وجوه الخلق.
 

حسن الاختيار يعد حقا أوليا من حقوق الأولاد على الآباء منذ الأصل إلى الجذور، وثاني قواعد الشجرة المثمرة الحفاظ على الخصوصية والكينونة.

والأقسى من ذلك أننا نبدأ نصارع فجوة الدراما التركي وجنون العشق في الحب التقليدي فيطغى أحدها وفي النهاية يؤدي إلى صراع فاشل نهايته طلاق محتم، أو علاقة وكأنما جهنم، فالخطأ ان نوازي مجتمعنا بهم، فتقالدينا عاداتنا وقيمنا لا يمكن أن تبدل بهذه البساطة السلسة لديهم، حتى أن البعض من كثرة الاندماج بهم أجاز في الإسلام بسببهم ما ليس فيه بل وحرم وحلل وعيب وقلل.
 

أليس من العيب أن نترك لثقافات غيرنا أن تحكم ثقافاتنا وتتركنا في الدرك الأسفل، مع رقيها وحضارتها ونحن نقتفي الأثر بدلا من صنعه كما فعل الأوائل، وكما سمعت حديثا أن شخصا حلل شرب الكحول لمعرفته أن أحد الممثلين في مسلسل مسلم، أي انه اعتلى منصة الإفتاء بالازهر وخطب وحرم وحلل، ايمكن أن نضيع بمئتين حلقة ربما أكثر، فهي غفلة وأي غفلة أن نتمازج في مجتمعهم ونترك نفسنا للشتات أيما شتات بلا وضوح للرؤية بل ونفاق وزيف وخداع لأنفسنا ونتبع سبل الضلال بلا حرف ولا كلمة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.