شعار قسم مدونات

مع الله

blogs الدعاء

غير أني كُنت مُبتدئة في معرفتي وفي مشاعري، كُنت أتضور عبثًا في الأرض وتؤرق جفوني الليل من كامل جهلي، ولكني عرفت الله حليمًا ودودًا رؤوفًا بقلب عبده إذا حزن، فمسح الحزن عن قلبه بجمالٍ يُلقيه إليه في الطريق وهي حكمه أخذه ما تمناه المرء، إذ تراه سُبحانه ينزع من قلب المرء ما يتعلق به بشدة بقوة لئلا يتعلق هكذا ولكن عبده ضعيف يظن أنه في مأزق فتراه يبكي بحرارة ويندم بشدة على تعلقه ويصرخ ويشهق ويهرول ويضحك بجنون ولكن الله وحده عرف مفتاح قلبه وعلاجه فساقه إليه سوقًا وما كان للعبد أن يعرف مراد الله وعظم فعله إلا أن يسكن ويستسلم تمامًا إلى الله .

تقول في إحدى المرات التي رأتني فيها أبكي بشدة، " أتعلمين يا صغيرتي أن الله لا يعطي عبده إذا وقف كالطفل الصغير – يُدبدب – بقدميه بقوة إلا أن يهدأ ويستسلم إلى أمر الله فتراه عز وجل يأتيك بأكثر من مرادك طيبًا ". نحن مخطئون دائمًا في هذه الحياة تجرفنا متع الدنيا والمال والبنون والنساء والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعم والحرث فترانا في البدء متمنعين كأجمل ما يكون التمنع، نزهد حتى إذا زاغت أبصارنا إلى أحدهم وملكتها أيدينا فنجدنا نتعلق شيئًا فشيئًا، ربما معها نعمل بحرص في أرض الله ونعبده كما نظن أن هكذا تكون العبادة ولكن ما إن نفقد إحداها حتى يتمنع القلب كل شيء ولو أنه تعلق بالله حق التعلق ما رأيته يُخذل بشدة في أمره ولآمن بمراد الله عن مراده ولكان هادئًا والأصل أن من ذا عرف ومن عرف اغترف وربما أخطأ مرة ولكنه في الأصل هين لين سهل .

المعاملة مع الله سهلة لمن أراد أن يدخل بقلب مرن يتلقى فيه عن الله ما يريد، يستكين في نوازله وتراه مُشرقًا شاكرًا لأنعُمه إن أنعم عليه الله، فهو يعرف أن كل أمر الله خير وأنه دائمًا عليه هين وأن يد الله تعمل في الخفاء فلا يستعجلها، هو يستمد من الدنيا بقدر ما يحافظ على أدميته وبالقدر الذي لا يتنافى مع كونه يحمل نفحة من الله، لا يتعالى على حاجات البشر لكنه يحتاجها بقَدَر.
 

إني لأرجو من الله أن أكون كما يُحب أن يراني أنزل عند مراده وأبتعد عن ذاك الذي ينهاني عنه، أحبه أن يراني مُتسامحة ولكني قوية في الحق أصدح بالرأي في وجه الباطل، وأكون هينة لينة

أعرف عن الله أنه خلقنا للعبادة وأننا غير مخلوقين عبثًا، سرت مع الحياة رحلة البحث ما استطعت، لم تأخذني قناعاتي أنني أعيش هنا لأكل وأشرب وأتزوج فأموت، ثمة أمر غامض لا يمكن للعبادة أن تقف على الشعائر، كنت مُتيمة ببعض قصص الأنبياء، وقفت كثيرًا عند قصة إبراهيم عليه السلام خاصة، عرفت معنى الجوار والسعي والنزول لأمر الله عند الابتلاء، رأيت الصبر كما لم أره أبدًا، استعجبت عند أمر الله بقتله ابنه ذلك الذي أتى بعد تعب كثير، رأيت كيف أن الله يجعله مُستقيمًا له بلا اعوجاج ورأيت إبراهيم مُقيمًا أمر الله في قبيلته لم يخف أو يتراجع، يعرف الحق كما هو ويمضي به غير مثقل، لا يعبأ لكل هذا العبث من حوله.

 

ورأيت مُحمدًا وقد مضى بدعوته قابضًا على الجمر والقلة معه، عرفت الله كما هو ودودًا كريمًا عرفته عدلًا لا يرضى بالذل في أرضه ولا يرضى بجبار غيره، الرحلة لا تقف أبدًا ما دام في الروح بقية من رمق ولكن رأيت الغُربة ورأيت من نفسي بعض من تهاون، فالطريق شديدة والله يُحب المؤمن القوي ومن كان وحده فالريح أولى به، فسرت الطريق مع صُحبتي وإني لأرجو من الله أن أكون كما يُحب أن يراني أنزل عند مراده وأبتعد عن ذاك الذي ينهاني عنه، أحبه أن يراني مُتسامحة ولكني قوية في الحق أصدح بالرأي في وجه الباطل، وأكون هينة لينة .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.