شعار قسم مدونات

يَا لَيْلَةَ العِيدِ

مدونات - رجل

أَتُوبُ فِي العِيْدِ عَنْ شَجْوِي وَآهاتِي

فَمَنْ لِحُزْنٍ تَرَبَّى فِي حُشاشاتِي؟!!

طَرِبْتُ بِالحُزْنِ حَتّى صارَ يُسْكِرُني

فَلَسْتُ أَطْرَبُ إِلاّ فِي عَذاباتِي

إِنّي لأَعْجَبُ مِنِّي كَيْفَ تَأْلَفُنِي

دُنْيا الضَّنا، وَتُهَنِّيني جِراحاتِي؟!

رَسَمْتُ بُؤْسِي بِدَمْعٍ لَسْتُ أَذْرِفُهُ

إِلاّ لِتَزْدانَ بِالأَلْوانِ لَوْحاتِي

يا لَيْلَةَ العِيْدِ، لا صُبْحٌ بِأُغْنِيَةٍ

قَدْ أَسْفَرَ الطَّيْرُ فِيهِ عَنْ مُوافاتِي

مُشَتَّتٌ فِي مَهاوِي الرِّيْحِ تَنْثُرُني

فَمَنْ تُلَمْلِمُ بَعْدِ الرِّيْحِ أَشْتاتِي؟!

أَبَعْدَ أُمِّي – وَلَمْ أَسْعَدْ بِرُؤْيَتِها

مُنْذُ اعْتُقِلْتُ – أُرانِي بِابْتِساماتِي

أُحِبُّها وَهْيَ تَدْرِي كَمْ أُقَدِّسُها

وَكَمْ تُعانِي بِأَقْسَى مِنْ مُعاناتِي

بَذَلْتُ عُمْرِي لَها فَدْوَى لِمَوْطِئِها

إِنْ كانَ يَغْفِرُ هذا بَعْضَ زَلاّتِي

يا لَيْلَةَ العِيْدِ ماتَ الحُبُّ فِي كَبِدِي

وَأَصْبَحَتْ مَثَلاً ذِكْرَى حَبِيباتِي

أَهُزُّ قَلْبِي لَعَلَّ الحُبَّ يُوقِظُهُ

وَلَيْسَ تُوقِظُني إِلاّ سَذاجاتِي

أَمُدُّ كَفِّي لَهُ حَتَّى يُصافِحَها

مَمْلُوءَةً عَبَقًا تَنْدَى بِنَفْحاتِي

وَلا أَقُصُّ لَهُ – إِلاّ مُعَطَّرَةً

بِالمِسْكِ وَالوَرْدِ وَالنَّجْوَى – حِكاياتِي

فَيَسْخَرُ الحُبُّ مِنِّي ثُمَّ يَتْرُكُنِي

كَالطِّفْلِ أَغْرَقُ فِي بَحْرِ اعْتِرافاتِي!!

هُوَ التَّفَجُّعُ صارَ اليَوْمَ يَشْرَبُنِي

كَأَنَّ كُلَّ مآسِي الكَوْنِ مَأْساتِي

أَلَمْ يَزَلْ دامِيًا جُرْحِي بِأَنْدَلُسٍ

وَلَمْ تَزَلْ فِي الصَّحارَى الحُمْرِ ثَوْراتِي

أَلِلنِّهايَةِ أَسْعَى يا مُعَنِّفَتِي؟!!

وَلَمْ تَجِئْ – رَغْمَ مَا أَلْقَى – بِداياتِي

يا لَيْلَةَ العِيْدِ أَبْكِي..؟!! إِنَّ مُشْجِيَةً

فِي النَّفْسِ تَبْعَثُ فَوْقَ الخَدِّ دَمْعاتِي

إِذا تَعَوَّدْتِ لُقْيا غَيْرِ مُغْتَرِبٍ

فَقَدْ أَلِفْتُ اغْتِرابًا عَنْ لُيَيْلاتِي

فَلا تَظُنِّي حُروفِي أَنَّها اغْتَرَبَتْ

الوَحْيُ وَحْيُكِ، وَالأَبْياتُ أَبْياتِي

يا لَيْلَةَ العِيدِ ماضٍ لَسْتُ أَذْكُرُهُ

وَلَسْتُ أُدْرِكُ مَاذا يَحْمِلُ الآتِي؟!!

عَزاءُ رُوحِي بِأَنِّي ثابِتٌ أَبَدًا

وَصَادِقاتٍ عَلى البَلْوَى صَداقاتِي

وَأنّني لَمْ أُخَوَّفْ بَأْسَ طاغِيَةٍ

وَلَمْ تُنَمَّقْ لِمَأْجُورٍ عِباراتِي

وَلَمْ تَلِنْ عَزَماتي أَوْ يَهُنْ جَلَدِي

وَلَمْ تُسَوَّدْ بِحِبْرِ المَدْحِ صَفْحاتِي

يا لَيْلَةَ العِيدِ بَعْثَرْتُ المُنى بِدَدًا

وَلَمْ أَفُزْ بَعْدَها إِلاّ بِحَيْراتِي

أَعُدُّ كُلَّ نُجومِ الكَوْنِ عَنْ أَرَقٍ

وَذاهِلاتٍ عَنِ التَّعْدادِ نَجْماتِي

وَهَلْ يُحِسُّ بِما عانَيْتُهُ أَحَدٌ

إِنْ كانَ يَجْهَلُ ما مَعْنى صَباباتِي؟!!

عَبَّأْتُ بِالشَّدْوِ أَحْلامِي لأَشْرَبَها

فَلَمْ أَجِدْ غَيْرَ أَحْزانِي بِكاساتِي

تَعِبْتُ مِنْ مُبْحِرٍ وَالعُمْرُ يَنْهَشُهُ

مَتَى سَأُلْقِي بِشَطِّ التِّيْهِ مِرْساتِي؟!!

يا لَيْلَةَ العِيْدِ كُفِّي عَنْ مُطارَدَتِي

إِنِّي لأَغْرَقُ فِي نِيرانِ لَوْعاتِي

يا لَيْلَةَ العِيْدِ أَشْواقِي لِمُؤْنِسَةٍ

بِطَيْفِها وَهَواها كُلَّ أَوْقاتِي

أُمِّي الَّتي صَبَرَتْ عَنِّي وَعَنْ نَزَقِي

وَغَضَّتِ الطَّرْفَ عَنْ كُبْرَى حَماقاتِي

لَها المَحَبَّةُ فِي الأَعْماقِ باقِيَةٌ

مَدَى المَدَى، وَلَها أَغْلَى تَحِيَّاتِي

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.