شعار قسم مدونات

القرضاوي والإرهاب!

مدونات - يوسف القرضاوي
الدكتور يوسف القرضاوي (وكالة الأنباء الأوروبية)
نحن في زمن انقلابات في كل شيء، انقلابات عقدية وتشريعية وفكرية وسياسية واجتماعية.. محلية وإقليمية ودولية، فأصبح المعروف منكرًا، والمنكر معروفًا، والصديق عدوًا، والعدو صديقًا، والعيب عرفًا والعرف عيبًا، وتحقَّق فيه ما رواه الإمام أحمد وابن ماجه والحاكم بسندهم عن عبد الرحمن بن صخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خُدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ وَيُخَوَّنُ فِيهَا الأَمِينُ وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ: الرَّجُلُ التَّافِهُ يَنْطِقُ فِي أَمْرِ الْعَامَةِ.

ومن ذلك اتهام شيخنا الإمام يوسف القرضاوي بالإرهاب ووضع بعض دول الولاء لأعداء هذه الأمة إياه على قوائم الإرهاب، ولعل هذا من علامات الصحة والرضا والتوفيق الأعلى .. فإذا أردت أن تعرف أين أنت؟ فانظر فيما أقامك فيه الله تعالى، وانظر رأي أعداء الأمة فيك.

القرضاوي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس بالعلم والعمل والجهاد والصبر والمصابرة والمرابطة والبصيرة .. بالكتب والخطب والمحاضرات والندوات والمؤتمرات والأنشطة والفعاليات والهيئات والمؤسسات والروابط والاتحادات واللجان والمؤسسات.. أصبح بين عشية وضحاها إرهابيا يجب أن يحاكم وأن يعتقل وأن يعدم.. ولا غرو، فقد حكم عليه بالإعدام نظامان مستبدان دمويان: نظام بشار الأسد، ونظام السيسي، وتلك -لعمر الحق- منقبة لم تنعقد لأحد في هذا العصر.

القرضاوي الذي كانت مؤلفاته المرجع الأول لأدبيات المراجعات التي أصدرتها الجماعة الإسلامية في مصر حين أصدرت مراجعاتها الفكرية الشجاعة السديدة الرشيدة .. انقلبت الأوضاع اليوم فوصمته أنظمة بالإرهاب والدموية والعنف.

القرضاوي الذي منحته بلاد الحرمين جائزة دولية، ومنحته الإمارات جائزة دولية، واحتفت مصر بوزارة أوقافها بكتابه (فقه الجهاد) حين صدوره.. ها هم أولاء يضعونه على قوائم الإرهاب ويطالبون بتسليمه. القرضاوي الذي حفظ الله بكتاباته وجهاده العلمي المديد المبارك مع آخرين شبابَ الأمة من الانحراف يمينا وشمالا، وزود بما دبجت يراعُه جيلَ الصحوة بالزاد العلمي عقديا وتشريعيا وفكريا وأخلاقيا حتى غدا جيلا قويا يرعى مصالح الأمة ويحقق مقاصد الإسلام.. أصبح اليوم متطرفا يجب أن ينساه الناس وأن تحاربه الأمة.

القرضاوي الذي كانت مؤلفاته المرجع الأول لأدبيات المراجعات التي أصدرتها الجماعة الإسلامية في مصر حين أصدرت مراجعاتها الفكرية الشجاعة السديدة الرشيدة .. انقلبت الأوضاع اليوم فوصمته أنظمة بالإرهاب والدموية والعنف.

لعلنا نتذكر حين وضعت الشرطة الدولية الإنتربول اسم القرضاوي على النشرة الحمراء؛ حيث قامت الدنيا نصرة للقرضاوي ووفاء لما يحمله من فكر وما يمثله من وسطية واعتدال بما عبر بحق عن أصالة هذه الأمة بشعوبها وعلمائها ودعاتها، وقد قمتُ بحمد الله على تجميع كل ما صدر بهذا الخصوص من بيانات ومقالات ومشاركات، ونشرته في كتاب بمقدمة ضافية عن قيمة الشيخ العلمية والفكرية ودلالة هذا الحدث، وقد وقع الكتاب في 214 صفحة، وحين صدوره صادرته سلالَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًات الانقلاب في مصر، ولكن يمكن الآن تحميله من الإنترنت تحت عنوان: الإمام يوسف القرضاوي وملحمة الإنتربول الدولي.

سيظل القرضاوي رغم إجرام الطغاة والمستبدين والدمويين والانقلابين وأصحاب الولاء لأعداء هذه الأمة علَمًا من أعلام الهدى، ونجمًا من نجوم الفكر، ورايةً من رايات الحق، وعلامة من علامات الصدق، وإمامًا من أئمة: الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ ۗ وَكَفَىٰ بِاللَّهِ حَسِيبًا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.