"الثلاثي الهجومي عظيم، أصدقاء وأحباء، مع جانب كبير من التفاهم والاحترام المتبادل، يستطيعون تسجيل 300 هدف في 3 سنوات، ولكن ضريبة تواجد هذا الثلاثي بهذا التمركز في تشكيلة واحدة كبيرة، كبيرة للغاية. في الماضي كان الفارق بين آخر مدافع ومهاجم في برشلونة مسافة لا تتجاوز 30 متر، الآن تضاعفت هذه المساحة نظرا لبعد ثلاثي الهجوم عن الوسط والدفاع، وإجبار لاعبي الارتكاز على الركض أكثر من السابق أثناء التحولات".

 

(1)

سريع، مهاري، صغير بالسن، يملك خبرة عريضة، نجم دولي على أعلى مستوى، قليل الإصابات وذو اندفاع بدني عند الحاجة، يلعب في أكثر من مكان، مهاجم ونصف مهاجم، جناح ولاعب وسط هجومي وصانع لعب في بعض الأحيان، حصل على كافة البطولات المتاحة مع فريقه الأوروبي، وكتب المجد رفقة ناديه المحلي حتى قبل أن يتخطى مرحلة المراهقة، بينما على الصعيد الدولي، الأمر لا يختلف كثيراً، فنيمار سجل أهدافاً بالجملة، وتفوق على أساطير كبار كزيكو وآخرين في هذا السياق، كل هذا في سن الخامس والعشرين.

 

هو أصغر نجم صف أول في العالم، يراهن عليه الكثيرون أن يكون ملك الكرة في السنوات القادمة بعد حقبة "ميسي-رونالدو"، وتلهث خلفه كبرى الشركات من أجل الترويج لها، نتيجة جرأته الشديدة في التلاعب بالكرة، التي يتعامل معها وكأنها فتاة جميلة يغازلها على طريقته الخاصة، وينتقل من بلد إلى آخر كما يتحرك بين خطوط المستطيل الأخضر، طمعاً في عقد رعاية جديد وانتشار على أعلى مستوى في مختلف مدن العالم، وبالتالي هو نموذج ناجح للغاية، كروياً وإعلامياً وجماهيرياً وتسويقياً ومالياً.

 

"قد تتفق أو تختلف على طريقة استفزازه للخصوم، مدى تهوره، سلوكه غير المبرر بالنسبة لللبعض، لكن في النهاية أنت أمام لاعب يتمتع بإمكانات فذة، وسيكو الرقم 1 خلال أعوام قليلة".

 

(2)

يقول أريغو ساكي أن دوائر الفرق العظيمة في العشرينية تدور في فلك تغطية المساحات، وتحويل الفريق إلى كتلة واحدة. الفريق يمرر، لاعب الجناح تجاه الظهير، ويترك المهاجم مكانه لكي يعود إلى الوسط، ثم ينطلق المدافع نحو الأمام لكي يشغل دور الارتكاز، هنا لاعب الوسط لا يقف مثل المتفرج، بل ينطلق في قلب الفراغ المتاح. هناك 3-4 لاعبين يمررون، مع ثنائي بعيد يتحرك في اتجاه معاكس ومستمر، إنها استراتيجية التمرير والتحرك في آن واحد، والتي وصل بها برشلونة إلى القمة، ومن قبله أياكس وفرق أخرى.

 

ضحى برشلونة بفلسفته في السنوات الأخيرة رغم بعض الانتصارات المدوية والليالي الملاح، ونسف كلا من تاتا مارتينو ولويس إنريكي ما يعرف باللعب التموضعي القائم على التمركز، في سبيل وضع أكبر عدد ممكن من النجوم بالثلث الهجومي الأخير. اشترت الإدارة نيمار ثم سواريز، ليتحول أسطورة التيكي تاكا إلى "نيو جلاكتيكوس إسبانيا".

 

أسلوب لعب البرازيلي مختلف بعض الشيء عن تقاليد برشلونة في حقبة ما بعد 2008، لأنه يساهم في تعطيل أكثر من هجمة، بوقوفه على الكرة وإصراره على المراوغة غير المجدية، رغم أن التمرير في هذه الحالة يعتبر خيارا أفضل. واللاتيني يصر على تعطيل الهجمات في جزء من المواقف بالليغا والشامبيونزليغ، ببحثه فقط عن اللعب مع ميسي وسواريز، وعدم تعاونه بالمثل مع لاعب الوسط القريب منه أو الظهير المنطلق للأمام، وهذا ما يجعل فريقه عرضة للمرتدات بمجرد قطع الكرة.

 

 

"العديد من الفرق تضم عازف منفرد وهناك فرق قليلة جداً لم تضم هذا العازف. أجاكس لم يضم عازف منفرد، ميلان لم يضم عازف منفرد، برشلونة بيب لم يضم عازف منفرد، هذه الأجيال ضمت لاعبين تلعب من أجل الفريق، مع الفريق، في كل أنحاء الملعب، خلال كل دقيقة بالمباراة".

 

(3)

انتشرت تقارير صحافية فرنسية بعضها موثوق في صحة أخباره، تؤكد رغبة نيمار في الرحيل عن برشلونة، بسبب تفكيره في أن يكون الرجل الأول، وهذا غير متاح أبداً في كاتلونيا طالما ميسي في القمة. فسر بعض الخبثاء الأمر بأن والد اللاعب يريد مزيداً من المال، بعد تجديد عقد الأرجنتيني منذ أيام، لذلك يجب على إدارة البارسا تحسين عقد نيمار هو الآخر، بما أنه العنصر الأميز داخل التشكيلة بعد ليو مباشرة، لكن هناك رأي آخر يتوقع انقلاب الجناح اللاتيني على النادي الكاتلوني، خصوصا مع عرض باريس سان جيرمان الخيالي، براتب سيجعله الأغلى في العالم، ومزايا أخرى لأسرته وأصدقائه.

 

برشلونة ليس بيده شيء، إذا وافق اللاعب ودفع أي نادي قيمة الشرط الجزائي "222 مليون يورو"، سيرحل نيمار دون حتى انتظار رأي إدارة ناديه. أما باريس فعليه أولا التفاهم مع رابطة الأندية الفرنسية والاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لأن دفع هذا الرقم كاملاً في ميركاتو واحد يعني الإخلال بالقواعد المالية للعب النظيف. وفي حالة حدوث ذلك، فإن برشلونة يجب أن يتعامل مع الموقف الجديد بأسرع رد فعل ممكن.

 

بيع نيمار بهذا المبلغ يعني قدرة برشلونة على جلب ثنائي جديد وليس لاعب واحد، ارتكاز بجوار بوسكيتس وجناح في مركز نيمار، ولا يوجد في السوق أفضل من فيراتي ومبابي أو عثمان ديمبلي، وسعر إثنان من هذا الثلاثي لن يقل عن 200 مليون يورو، وبالمبلغ اللأساسي المرصود في الميركاتو الحالي يمكن للإدارة التوجه إلى لاعب وسط إضافي مثل كوتينهو، حتى تبدو الكفة منطقية إلى حد ما، خروج نيمار أمام دخول ارتكاز وصانع لعب وجناح هداف.

 

"يمكن التأكيد على خسارة برشلونة للنجم الأكثر طلباً خلال السنوات القليلة القادمة، لكنه في المقابل سيضمن بناء فريق تنافسي بالوقت الحالي. لا خاسر دائم ولا فائز على طول الخط".

 

(4)

جميلة أحلام المشجعين وكم هي عظيمة أفكار الأنصار، فإذا سألت أصغر مشجع لبرشلونة ستجده يعرف كل كبيرة وصغيرة عن النادي، ويفهم كرة القدم ربما أكثر من بارتوميو الرئيس، لكن في النهاية تبقى هذه الأمور مجرد أحلام لا تمت للواقع بصلة، فنادي مثل باريس سان جيرمان سيشتري منك نيمار، ولن يوافق أبداً على بيع فيراتي لك في المقابل، باختصار شديد لأنه اعتمد على الشرط الجزائي في الحالة الأولى، وحمى نفسه منه بالحالة الثانية لعدم وجوده من الأساس في عقد الإيطالي.

 

كوتينيو أيضا ليس لديه شرط جزائي، ومبابي يحتاج إلى وقت للتأقلم من أجل التحول إلى شخصية اللاعب الكبير بالنادي الكبير، لذلك تبقى هذه التعاقدات صعبة ومعقدة للغاية، حتى في حالة امتلاك المال والنفوذ والشهرة. وبالتالي فإن ممثل كاتلونيا سيكون في أزمة حقيقة بنهاية الصيف الحالي إن غادر البرازيلي فعليا تجاه عاصمة النور.

 

برشلونة يحتاج إلى تغيير جذري في كل الأحوال، سواء بقى الجناح أو رحل، لأن طريقة اللعب باتت فردية، وأسلوب التعاقدات صار ركيكا غير مفهوما، رواتب ضخمة والتفريط في مواهب صغيرة، مع دفع أرقام خيالية في أسماء لا تستحق. نيمار نفسه في منتخب البرازيل غير نيمار برشلونة، تجده يضغط ويعود للخلف، يمرر ويبني اللعب مع زملائه، أقرب إلى لاعبي الوسط والأظهرة، أي تم إجباره على ذلك بواسطة المدرب تيتي، وهو الأمر الذي فشل فيه إنريكي طيلة ثلاث سنوات.

 

 "يجب على فالفيردي الاهتمام بهذه التفاصيل، فرائع أن يشرف على تدريب نيمار وسواريز وغيرهم، لكن عليه أولاً أن يؤسس نظام تكتيكي صارم يجبرهم جميعاً على الالتزام بقواعده، ومن لا يوافق فالباب يفوّت جمل!"