شعار قسم مدونات

حرية الوصول للأماكن المقدسة

A view of the Western Wall (R), Judaism's holiest prayer site, and the Dome of the Rock on the compound known to Muslims as Noble Sanctuary and to Jews as Temple Mount, is seen in this general view in Jerusalem's Old City October 19, 2014. Clashes have flared repeatedly in the past few weeks as increasing numbers of Jews have visited the sacred area during the Jewish holidays, angering Palestinians who see this as part of an Israeli agenda to alter a long-preserved status quo. REUTERS/Ronen Zvulun (JERUSALEM - Tags: RELIGION CIVIL UNREST

أثارت أزمة المسجد الأقصى والإجراءات الإسرائيلية التي اتخذتها سواءً عبر إغلاق المسجد، أو عبر وضع البوابات الإلكترونية أمامه، قضية حرية الوصول للأماكن المقدسة، وفق معايير القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، التي تنظم حرية العبادة والوصول للأماكن المقدسة لأصحاب كل الديانات.

فقد سعى القانون الدولي لتنظيم حرية الوصول للأماكن المقدسة، نظراً لأهمية هذا الموضوع، الذي يرتبط ارتباطاً مباشراً بالحرية الدينية، وحرية المعتقد، وحرية التعبد. هو مبدأ يدعم حرية الفرد أو مجموعة -في الحياة الخاصة أو العامة- في إظهار دينهم، أو مُعتقداتهم، أو شعائرهم الدينية سواءً بالتعليم، أو الممارسة، أو الاحتفال.

فقد أكدت المادة 53 من بروتوكول جنيف الأول لسنة 1977 التي حظرت الأعمال العدائية الموجهة ضد أماكن العبادة، التي تشكل التراث الثقافي والروحي للشعوب على: حماية الأعيان الثقافية وأماكن العبادة، وحظرت المادة الأعمال التالية، وذلك دون الإخلال بأحكام اتفاقية لاهاي المتعلقة بحماية الأعيان الثقافية في حالة النزاع المسلح المعقودة بتاريخ 14 آيار/مايو 1954، وأحكام المواثيق الدولية الأخرى الخاصة بالموضوع:

1-ارتكاب أي من الأعمال العدائية الموجهة ضد الآثار التاريخية، أو الأعمال الفنية، أو أماكن العبادة التي تشكل التراث الثقافي، أو الروحي للشعوب.

2-استخدام مثل هذه الأعيان في دعم المجهود الحربي.

3-اتخاذ مثل هذه الأعيان محلاً لهجمات الردع.

بينما أكد العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على حرية العبادة، باعتبارها من الحقوق المدنية والسياسية التي يجب أن يتمتع بها الإنسان، بغض النظر عن لونه وجنسه، ومعتقداته، فأكدت المادة 18 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على: لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.

تعتبر الإجراءات والممارسات الإسرائيلية في مدينة القدس، وقرار حكومة إسرائيل بإغلاق المسجد الأقصى المبارك ومنع إقامة الصلاة فيه، سابقة جرمية خطيرة تأتي في إطار العقوبات الجماعية
تعتبر الإجراءات والممارسات الإسرائيلية في مدينة القدس، وقرار حكومة إسرائيل بإغلاق المسجد الأقصى المبارك ومنع إقامة الصلاة فيه، سابقة جرمية خطيرة تأتي في إطار العقوبات الجماعية
 

كما إن القرار الدولي الصادر بتاريخ 11/12/1948 عن الأمم المتحدة رقم 194، نص على إنشاء لجنة توفيق تابعة للأمم المتحدة، وتقرير وضع القدس في نظام دولي دائم، وتقرير حق اللاجئين في العودة إلى ديارهم في سبيل تعديل الأوضاع، بحيث تؤدي إلى تحقيق السلام في فلسطين في المستقبل. وفيما يلي بعض بنود القرار التي تتحدث عن حرية الوصول للأماكن المقدسة:

7-تقرر وجوب حماية الأماكن المقدسة -بما فيها الناصرة- والمواقع والأبنية الدينية في فلسطين، وتأمين حرية الوصول إليها وفقاً للحقوق القائمة والعرف التاريخي، ووجوب إخضاع الترتيبات المعمولة لهذه الغاية لإشراف الأمم المتحدة الفعلي. وعلى لجنة التوفيق التابعة للأمم المتحدة، لدى تقديمها إلى الجمعية العامة في دورتها العادية الرابعة اقتراحاتها المفصلة بشأن نظام دولي دائم لمنطقة القدس.

8-تقرر أنه نظراً إلى ارتباط منطقة القدس بديانات عالمية ثلاث، فإن هذه المنطقة بما في ذلك بلدية القدس الحالية، يضاف إليها القرى والمراكز المجاورة التي يكون أبعدها شرقاً أبو ديس، وأبعدها جنوباً بيت لحم، وأبعدها غرباً عين كارم -بما فيها المنطقة المبنية في موتسا- وأبعدها شمالاً شعفاط، يجب أن تتمتع بمعاملة خاصة منفصلة عن معاملة مناطق فلسطين الأخرى، ويجب أن توضع تحت مراقبة الأمم المتحدة الفعلية.

9- تقرر وجوب منح سكان فلسطين جميعهم أقصى حرية ممكنة للوصول إلى مدينة القدس بطريق البر والسكك الحديدية وبطريق الجو، وذلك إلى أن تتفق الحكومات والسلطات المعنية على ترتيبات أكثر تفصيلاً.

تعتبر الإجراءات والممارسات الإسرائيلية في مدينة القدس، وقرار حكومة إسرائيل بإغلاق المسجد الأقصى المبارك ومنع إقامة الصلاة فيه، سابقة جرمية خطيرة تأتي في إطار العقوبات الجماعية والانتهاكات الصارخة لحرية العبادة، والعقيدة، وحرية الوصول إلى الأماكن المقدسة ودور العبادة، وحق ممارسة الشعائر الدينية التي تكفلها كافة المواثيق والاتفاقيات الدولية. فالاحتلال يعتبر بحد ذاته جريمة حرب، وجريمة عدوان مستمرة، وجريمة ضد الإنسانية.

إن منع الوصول للأماكن المقدسة لحجج دينية تارة، واعتبارات تاريخية مزيفة تارة أخرى ما هي إلا حجج لا تجد موطئ قدم لها أمام القانون الدولي

وتتعارض هذه السياسة الإسرائيلية مع أحكام القانون الدولي، وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ترفض إجراء أي تغيير على الأراضي المحتلة، سواء كانت تغييرات جغرافية أو ديمغرافية، فقد أكدت قواعد القانون الدولي والقرارات الدولية التي صدرت بشأن القدس، على أنه لا يجوز لقوات الاحتلال الإسرائيلي أن تضم أو تعلن ضم المناطق التي احتلتها كلها أو بعضها بأي شكل من الأشكال.

وكل إجراء من هذا القبيل تتخذه القوات المحتلة تحت أية اعتبارات من جانب واحد هو إجراء باطل، ولا يترتب عليه أي أثر قانوني، أو شرعي، أو دولي وفق المادة 43 من لائحة لاهاي الرابعة لسنة 1907م، وإن الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن أن يرتب لسلطاته أية حقوق أو آثار على حق السيادة الأصلي للمناطق الفلسطينية المحتلة، بل يبقى حق السيادة قانونا للدولة الأصلية صاحبة الإقليم المحتل، وإن الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس لا يؤدي إلى نقل السيادة للقوات المعتدية؛ لأن الاحتلال مؤقت ومحدود الأجل بحسب قراري مجلس الأمن 242 لسنة 1967 و 338 لسنة 1973.

كما أكدت القرارات والقوانين الدولية على حماية حقوق المواطنين في أراضيهم الواقعة تحت الاحتلال، فاتفاقية جنيف لعام 1949 تشير في المادة 49 (6)، على أن "القوة المحتلة لا يجب أن تنقل أو تحول جزءاً من سكانها إلى الأراضي التي احتلتها". وتبعاً لذلك يعد النشاط الاستيطاني، وعملية مصادرة الأراضي وضمها، وبناء المستوطنات الإسرائيلية عليها منافياً للاتفاقية المذكورة، وكذلك نص المادة 47 من اتفاقية جنيف لعام 1949.

فضلاً عن تعارض النشاطات الاستيطانية مع أبسط قواعد القانون الدولي، وبشكل خاص اتفاقية لاهاي الموقعة في عام 1907، والبرتوكولات الملحقة بها، والتي تؤكد بمجملها ضرورة حماية مصالح الشعب الذي يرزح تحت الاحتلال. نجد بأنه من الضروري جدا القول: إن منع الوصول للأماكن المقدسة، ومصادرة الأراضي، وإقامة مستوطنات عليها لأغراض عسكرية لحجج دينية تارة، واعتبارات تاريخية مزيفة تارة أخرى ما هي إلا حجج لا تجد موطئ قدم لها أمام القانون الدولي.

وتأكيداً على إن الإجراءات الإسرائيلية سواء التي تتعلق بالاستيطان، أو محاولات تهويد القدس عبر سياسة الطرد والتهجير، أو التي تتعلق بمنع الوصول للأماكن المقدسة، يجب العمل على تعريتها في المحافل الدولية، باعتبارها إجراءات مخالفة لقواعد القانون الدولي والقانوني الدولي الإنساني، أو قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الأمن، وفي ضوء ما تقدم من معلومات ومعطيات وحقائق يمكن اللجوء للإجراءات التالية:

1-الدعوة لعقد جلسة لمجلس الأمن الدولي للقيام بمهامه في حفظ الأمن والاستقرار الدوليين، لأن الإجراءات الإسرائيلية التي تحول دون حق الوصول للأماكن المقدسة في مدينة القدس تعتبر تهديد خطير للأمن والاستقرار الدولي.

2-دعوة مجلس حقوق الانسان للانعقاد بشكل عاجل؛ للوقوف على الإجراءات الإسرائيلية التي تعتبر مخالفة لحقوق الإنسان.

3-دعوة اليونسكو للقيام بدورها، ومعاقبة إسرائيل على انتهاكاتها بحق المسجد الأقصى.

4-العمل على فضح الممارسات الإسرائيلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة عبر المنصات والمواقع الدولية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.