شعار قسم مدونات

يومي الأول في ديار سناب شات

blogs - سناب شات
منذ أن ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي وتحديداً منصة "فيسبوك" التي غزت حارتنا العربية في الفترة ما بين 2007 و 2008 حرصت على التواجد فيها، وقتها كان بالنسبة لي موقع للتعارف، أو منصة تشبه المنتديات ومواقع الشات، ذلك كان تصوري عن التواصل الإجتماعي عبر الإنترنت، كان الكبار ينظرون إلى هذه المنصة بشيء من الريبة والحذر، لكن سرعان ما هاجروا إليها هجرات جماعية على فترات.
أصبحت هذه المنصات مكانا لتواصل الناس، بديلاً عن الحارات والمقاهي، تغلغلت بشكل أكبر في المجتمع، لا تكاد ترى أحداً غير موجود فيها، من ليس له حساب على فيسبوك، قد يكون موجودا على "واتس أب" أو "يوتيوب" أو "تويتر"، أو حتى باحثاً عن وظيفة في "لنكد إن"، وجودك على هذه المنصات أصبح شبه أمر واقع، لم يعد خياراً!

في عام 2011 ظهر تطبيق سناب شات، منصة مختلفة تماماً، لقطات "ذاتية التدمير"، تظهر للآخرين خلال فترة محددة ثم تختفي، جذب هذا التطبيق شريحة كبيرة من الناس في فترة قياسية، مؤرقاً راحة العملاق الأزرق، فبعد أن فشل في الاستحواذ عليه، استنسخ خاصياته الواحدة تلو الأخرى منعاً لهجرة الشباب إليه، مجاراة للواقع والمستقبل، لا يريد أن يتحول بعد سنوات إلى مدينة أشباح، خالية من الناس

أحسست بالغربة في سناب شات، قلت لصديقي الدليل؛ "بلادكم لا تناسبني"، حملت بوستاتي العتيقة وقصصي وعدت أدراجي إلى ديار مارك زوكربيج

ورغم أني لم أحاول في البداية الدخول إلى هذا العالم الجديد، ربما الحذر الدائم من محدثات الأمور؛ إلا أني قبل أيام قررت أن اكتشف ديار "سناب شات" ولأنها بلاد غريبة علي، فقد اصطحبت معي دليلا من أهلها العارفين بأسراراها وخفاياها، رحب بي الدليل مشكوراً أحسن ترحيب ودعى أصدقاءه هناك لـإضافتي كصديق عندهم، بدأت أتعرف أكثر على جغرافيا هذا المكان، سلوكيات أهله، بدا لي أن الناس هناك على طبيعتها، يوثقون لحظات حياتهم بعفوية تامة، يوثقون كل شيء دراستهم، خروجاتهم، تناول الطعام، كل تفاصيل حياتهم اليومية.

حتى من كان يبدو منهم على فيسبوك أكثر جدية، كان هنا بتلقائية ملفتة، سلوكه على سناب شات يشبه سلوكه بين أصدقائه المقربين، بينما على فيسبوك يبدو كأنه جالس بربطة عنق في ديوان رسمي للعائلة. أما أيقونة القصص على فيسبوك عنده، فتراكمت عليها كميات كبيرة من الغبار، لا يستخدمها أبداً، يخجل منها.

الناس هناك يصورون أي لحظة من لحظات حياتهم وينشروها فوراً دون تفكير أو تردد، ربما لأن هذه القصة ستظهر فقط لمدة 24 ساعة ثم تختفي، ولا يستطيع أي أحد تصويرها دون علم صاحبها. فيسبوك وإن كان قد استنسخ هذه الخاصية سواء على تطبيقه الأصلي أو على واتس أب، وقبلها على أنستغرام، يبقى سناب شات حالة مختلفة، طبيعة مختلفة، لا يمكن نقلها أو استنساخها.

أما أنا فقد كنت أحمل معي بوستين من فيسبوك -سكرين شت – كمن يحمل بضاعة قديمة لا تستهوي المارة هناك، كانوا ينظرون إليها باستغراب ثم ما يلبثوا أن يشيحوا بأنظارهم عنها ويمضون، لم أعرف ما أفعل، هل أصور تفاصيل حياتي، هل أستقل سيارتي وأوجه الكاميرا إلى المساحات الأمامية وأشغل أغنية طربية، أحسست بالغربة، قلت لصديقي الدليل؛ "بلادكم لا تناسبني"، حملت بوستاتي العتيقة وقصصي وعدت أدراجي إلى ديار مارك زوكربيج.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.