شعار قسم مدونات

قصة قصيرة.. خيالية

Blogs- couple

في المرةِ الأولى التي رأيتني فيها فكرت -هذه فتاة قصيرة جدًا لن تصلح لي كزوجة- وقررت أن تنُحيني من اختياراتك المستقبلية التي قد تتخذها بعد سنوات، وفي المرة الأولى التي رأيتك فيها، بصراحة لا أتذكر فيم فكرت، ولكني أذكر أني اعتبرتك إبنًا لي وأخًا ربما، كنت تشعر بالغيظ من طريقتي وأسلوبي، وجهلنا إلى أين تقودنا الطرق.

        

كتبتُ على صفحتي وقلت "يا كل الأماني الممكنة" ولم أقل، يا كلّ الأماني المستحيلة رغم أنك الممكن والمستحيل، الممكن لأن كل ذلك الجمال تحقق فيك، والمستحيل لأن كل هذا الجمال قد قرب الحدود والمسافات بين الجمال الممكن والجمال المستحيل فانصهرا، فتأخذُ أنت الجمالُ المستحيل وتتركلي الإنبهار بما يمكن أن يكون عليه الجمال المستحيل.

   

أتيتَ من اللامكان، رغم أنكَ كنت موجودًا طوال الزمان، كنت موجودًا في كل العناقات الدافئة، في الكلمات الصادقة، في المطر، في تفتح زهراتي في غير أوانها فتفاجئني وتزيل أحزاني، كنت موجودًا في البراءة الكامنة في عيون الأطفال، وفي جمال الشر الذي لجّم في عيون كل إنسان، أنت اليقين و"اللايقين"، أنت الجدوى واللاجدوى، فأنت اليقين أن كل هذا الجمال موجود، واللايقين في أنك حقيقي تمامًا، كيف يمكن لكل هذا الجمال أن يكون حقيقي تمامًا؟ أنت الجدوى، جدوى الفرح، وجدوى أن تبتسم، جدوى أن ترضى، وجدوى السماح والترفع عن الأذى، ثم أنت اللا جدوى، اللاجدوى في كل محاولات الوصول لمثل ما أنت عليه، ثم، لم يصل أحد.

         

أفكر أحيانًا أيهما أجمل وأكثر شاعريّة، أن تختار من تحب؟ أو أن تحبه حبًا أعمى بانقياد تام؟ أقرر أنه يعجبني النوع الأول، أن تمتلك إرادتك الحرة، أن تحب شخصًا ما بعقلك وقلبك وروحك
أفكر أحيانًا أيهما أجمل وأكثر شاعريّة، أن تختار من تحب؟ أو أن تحبه حبًا أعمى بانقياد تام؟ أقرر أنه يعجبني النوع الأول، أن تمتلك إرادتك الحرة، أن تحب شخصًا ما بعقلك وقلبك وروحك
 

في قلبي يقين بأننا يمكن أن نرى الحب، كانسياب قطرات المطر على جلودنا، خفيفة، ومدهشة، وإن أحببت المطر فقطراته بالتأكيد منعشة، ربما لو كنت جافًا لأنبت فيك شيئًا، وهكذا أنت نبت مفاجئ، لا أعرف الحقيقة، هل أنت المطر؟ أم أنك النبت؟ أم أنك كلاهما؟ المرة التي عرفت فيها أني أحب الشعر، وقررت أن تتحول لشاعر، وأن تكون أول شاعر عربي في التاريخ لا يعرف العربية، وكتبت لي شعرًا ليس بشعر، كان هذا رقيق جدًا، ولطيف جداً، لطيف لدرجة أن أبتسم ابتسامة واسعة كلما تذكرت، فتكون سبب ابتسامتي الأول طوال الوقت.

     

المرة الأولى التي رأيتني فيها بعد كتب كتابنا، فجريت وحملتني ولففت بي، لم تلف أنت وحدك بي بل لفتني شهقات النساء معك، كيف أقنع كل هؤلاء النساء أنه لا يجمعنا إلا العمل؟ وحب من طرف واحد تشككت فيه طويلًا ثم فاجئني، من هذا اليوم المشهود وللآن مازلت تحملني وتلف بي وتكثر الهمسات عن الساحرة الشريرة -أنا طبعًا- تقول لي أصحح نظرى ويكفيني نظارات، أضحك وأقول وتترك عينيك فتنة للنساء، تضحك ولا تعرف أني جادة جدًا، وأعطلك في كل مرة تقرر فيها أن تصحح نظرك، عينيك؟ بلا ساتر؟ هذا شيء خطير ومُشكل.

     

أفكر أحيانًا أيهما أجمل وأكثر شاعريّة، أن تختار من تحب ؟ أو أن تحبه حبًا أعمى بانقياد تام؟ أقرر أنه يعجبني النوع الأول، أن تمتلك إرادتك الحرة، أن تحب شخصًا ما بعقلك وقلبك وروحك، ألا ترى محاسنه ومباهجه وفقط، بل أن ترى في كل سوءاته جمالًا من نوع خاص، وأن ترى على امتداد خط ما يزعجك جمال كامن، لا يراه سواك، مهما سخر الأصدقاء والأقرباء من مثالبك، تقول " أنت الأجمل" فأختار بشكل عشوائي وأقول" فلانة أجمل" فتضحك وتقول "لكني أراك الأجمل!" وأشعر بصدقك فأسكت، أن تختار أن ترى الجمال وحده ولا شيء عداه، وهل هناك ما يهزم الجمال المختار بكامل الإرادة الحرة؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.