شعار قسم مدونات

الدعوة لعقد المجلس المركزي الفلسطيني.. سؤال الجدوى والمصير؟!

BLOGS المجلس المركزي الفلسطيني

قبل عام تماماً، أنهت اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الفلسطيني دورة اجتماعات لها استمرت يومين (10-11 كانون ثاني/ يناير 2017)، في العاصمة اللبنانية بيروت. وأفاد البيان الختامي بأن اللجنة ناقشت التحديات التي تواجهها القضية الفلسطينية؛ لا سيما مدينة القدس المحتلة، وأكد المشاركون على ضرورة تجسيد الوحدة الوطنية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني".

 

وشددت اللجنة على ضرورة عقد المجلس الوطني الفلسطيني، بحيث يضم كافة الفصائل الفلسطينية، وفقًا لإعلان القاهرة (2005) واتفاق المصالحة (4 أيار/ مايو 2011)، من خلال الانتخاب أو التوافق. وأشار البيان إلى أن المجتمعين اتفقوا على تنفيذ اتفاقات وتفاهمات المصالحة الداخلية، ابتداءً من تشكيل حكومة وحدة وطنية، تضطلع بممارسة مسؤولياتها في جميع أراضي السلطة الفلسطينية.

 

ودعت اللجنة التحضيرية رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس للشروع في مشاورات مع القوى السياسية لتشكيل حكومة وحدة وطنية. واتفق المجتمعون، وفق البيان، على أن تواصل اللجنة التحضيرية عملها وأن تعقد اجتماعها بشكل دوري؛ بمشاركة القوى الفلسطينية كافة، لحين انعقاد المجلس الوطني. وأكدوا على ضرورة أن يستكمل رئيس المجلس الوطني، سليم الزعنون، الإجراءات الضرورية لإنجاز نظام انتخابات المجلس.

 

لا جدوى من إضاعة الوقت ولا مجال للتلاعب أكثر والعبث بمصير القضية الفلسطينية في ظل فشل السياسات التي اتبعتها السلطة على مدار ربع قرن منذ أوسلو المشؤوم

وقبل عامين ونصف تقريباً، وتحديداً في (آذار- مارس 2015) عقد المجلس المركزي الفلسطيني، دورته الـ27، وقرر وقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله مع سلطة الاحتلال الإسرائيلي "في ضوء عدم التزامها بالاتفاقيات الموقعة بين الجانبين"، وتحميل سلطة الاحتلال الإسرائيلي "مسؤولياتها كافة تجاه الشعب الفلسطيني في دولة فلسطين المحتلة كسلطة احتلال وفقاً للقانون الدولي".

 

وأكد المجلس المركزي على تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية عبر التنفيذ الكامل لاتفاق القاهرة للمصالحة الوطنية وبيان الشاطئ بكافة بنوده، إضافة إلى دعوة لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير وانتظام عملها، وتحديد موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية والمجلس الوطني الفلسطيني. كما أكد على رفض فكرة الدولة اليهودية والدولة ذات الحدود المؤقتة، وأي صيغ من شأنها إبقاء أي وجود عسكري أو استيطاني إسرائيلي على أي جزء من أراضي دولة فلسطين. وشدد المجلس المركزي على الاستمرار في حملة مقاطعة المنتجات الإسرائيلية كشكل من أشكال المقاومة الشعبية. وأعلن عن عزمه الانتظام في دورة اجتماعاته مرة كل ثلاثة أشهر.

 

ما سبق هو بعض ما ورد من مقررات ولا متسع هنا حقيقة لمناقشة كل قرار بمفرده والسؤال عن مبرر عدم تطبيقه لأن السؤال الأسهل هو: تُرى أي المقررات السابقة قد تم تطبيقه؟! ولأن الإجابة معروفة وهي صفر كبير، فإن السؤال الأهم إذن ما الجدوى من الدعوة لعقد مجلس مركزي جديد؟! أليس الأولى توفير الوقت والجهد والمال والمباشرة الفورية بتطبيق تلك القرارات؟!

 

لماذا ذر الرماد في عيون أبناء شعبنا الفلسطيني وإلهاؤه بحراك عبثي لا يرتقي لمستوى خطورة قرارات ترمب والكيان الصهيوني التي تصاعدت وتيرتها منذ شهرين؟! وما الذي يشغل صانع القرار الفلسطيني والقيادة الحكيمة وهي التي تمتلك كل أدوات السلطة لا بل تستأثر وتتفرد بها، وتستطيع لو أرادت حقاً أن تطبق كل القرارات السابقة بجرة قلم كما يقال؟!

 

تخطئ حماس والجهاد في التجاوب مع الدعوة لعقد المجلس المركزي والتنازل عن مخرجات مسار المصالحة وإن كانت عناوين جدول الأعمال برّاقة فالمبدأ غلط والتجارب مكررة
تخطئ حماس والجهاد في التجاوب مع الدعوة لعقد المجلس المركزي والتنازل عن مخرجات مسار المصالحة وإن كانت عناوين جدول الأعمال برّاقة فالمبدأ غلط والتجارب مكررة
 

قصارى القول: لا جدوى من إضاعة الوقت ولا مجال للتلاعب أكثر والعبث بمصير القضية الفلسطينية، في ظل فشل السياسات التي اتبعتها السلطة على مدار ربع قرن منذ أوسلو المشؤوم، ولابد من مواجهة الحقيقة بعد أن أماط ترمب عنها أي غشاوة وكشف للقاصي والداني كل ملابساتها وحيثياتها، وقد آن الأوان لوقفة جادة من الكل الوطني الفلسطيني فالجميع مسؤول ولا يمكن إعفاء أحد من ضرورة اتخاذ مواقف حاسمة لا تقبل الجدل والتأويل ولا تحتاج إلى تسويف ومماطلة، فالأمر جد خطير والخطب جلل.

 

 باختصار.. تخطئ حماس والجهاد في التجاوب مع الدعوة لعقد المجلس المركزي والتنازل عن مخرجات مسار المصالحة وإن كانت عناوين جدول الأعمال برّاقة، فالمبدأ غلط والتجارب مكررة والمطلوب منهما التمسك بعقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فذلك أسهل لوجستياً وأجدى واقعياً وأكثر انسجاماً مع اتفاقات المصالحة، فلماذا التهرب منه؟!

وبالطبع لا بد من الإشارة إلى أننا لم نناقش أصلاً في شرعية كل من المجلس الوطني والمركزي الفلسطيني فتلك مسألة أخرى! وبكلمة.. لم يعد مقبولاً من بقية الفصائل الفلسطينية الرضوخ لابتزاز الدعم المالي من السلطة الفلسطينية والخضوع لشروطه، فالتاريخ يسجل ولن يرحم أحداً. وأخيراً.. الكرة أولاً وآخراً في مرمى الشعب الفلسطيني وتجربتنا معه مشجعة وثقتنا به كبيرة والله من وراء القصد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.