"أنا مستعد للتحالف مع الشيطان في سبيل الظفر بـ"هتلر" " بهذا المنطق برر ونستون تشرشل تحالفه مع جوزيف ستالين قائد الاتحاد السوفياتي أثناء الحرب العالمية الثانية وهو الذي كان دائما يقارن بين هتلر وستالين ويحذر منهما، لكنه منطق التوازنات والرؤية المستقبلية فهو يعلم بأن تحالفه مع الشيطان اليوم فيه إنقاذ لبلاده من التهديد الألماني وأنه إذا انتهى منه سيتفرغ هو وحلفاؤه للشيطان.
 

رغم أن تشرشل كان مهندس انتصار بريطانيا في الحرب العالمية الثانية إلا أنه خسر انتخابات 1945 لعدة أسباب، لم يستدع تشرشل الشيطان لإخضاع شعبه ولم يستدع حلفاءه لقمعهم عسكريا ولم يبرم اتفاقيات لبيع البلاد بل تفرغ للكتابة والرسم وشؤونه الخاصة فترة من الزمن.

بشار أراغوز الممانعة:
أدرك نظام الأسد أبا وابنا أن التحكم في الشعب السوري يحتاج لأسلحة صامتة قصد إلهائه وتشويه وعيه فوجد الحل في شعار الممانعة لإدراكه مدى كره الشعب السوري للكيان الصهيوني، فاتخذ منه عدوا وخطرا يهدد وجود الدولة السورية، ولتثبيت هذا الشعار رحب بالمقاومة وقام بدعمها مع حرصه على الحصول على مباركتها، لكن ومع بداية الثورة السورية 2011 اختار النظام الحل الأمني وحينئذ كانت الثورة أقوى من أن يوقفها وحده فاختار أن يتحالف مع الشياطين.

استدعى "بوتين" قيصر روسيا الذي يبدو أنه يطمح إلى إعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي، وتم الأمر هذه المرة على أنقاض ما كان يسمى بسوريا، وبدأ يعمل هذا الأخير على إعادة ترتيب أحرف هذه الكلمة وصفها ليحولها من سوريا إلى روسيا، ولم يزعجه أن يصبح بوتين الآمر الناهي في سوريا فأصبح كدمية الأراغوز المثيرة للشفقة يتلاعب بها الشيطان متى وكيف شاء، خاصة بعد أن اتضح أن بوتين ينسق مع الشيطان الإسرائيلي الذي يرى في بقاء نظام الأسد ضرورة ملحة لأمنه القومي وهو الأمر الذي أكدته النخب الإسرائيلية -يؤكد مركز يورشليم أن سقوط نظام الأسد يمثل كارثة إقليمية على إسرائيل-، وطبعا ظل نظام الأسد يحتفظ بحق الرد.
 

السيسي يسلب أمنية العرب ويحقق حلم الغرب:
قاد السيسي انقلابه الشهير في 3 جويلية / يونيو 2013 على أول رئيس منتخب في البلاد وكله ثقة بأنه يملك كل مقومات النجاح من أدوات داخلية إلى غطاء سياسي ممثلا في جبهه الإنقاذ، ليأتي الدعم الغربي المعلن وغير المعلن ويضع اللمسات الأخيرة على خطوات السيسي الداخلية.

فقد أكدت عدة تقارير صحفية بأن السيسي خاض اتصالات سرية مع الفاعلين الدوليين خاصة إسرائيل التي توجه إليها البرادعي قبيل الانقلاب للحصول على دعمها والضغط على الولايات المتحدة الأمريكية لكي تدعم تحرك الجيش في الثلاثين من يونيو 2013، ومع إنجاح الانقلاب العسكري بكل الوسائل غير المشروعة وبدعم دولي غريب أظهر النوايا الخبيثة الدفينة لدى الغرب خرجت الإدانات المباركة للتحرك إذ أنها لم تصف ما حدث بالانقلاب، وإنما دعت أغلبها إلى ضرورة العودة إلى الحياة الديمقراطية في أقرب وقت، لتأتي فيما بعد الانقلاب مباشرة زيارة كاترين آشتون مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوربي للقاهرة وتعزز موقف السيسي بعد دعوتها للرئيس المصري محمد مرسي والوفد الممثل للشرعية بقبول الأمر الواقع و إغلاق صفحة ما قبل 3 يوليو/تموز 2013 وهو ما أكده الدكتور محمد محسوب في أكثر من مناسبة.

السيسي بعد نجاحه في قيادة انقلاب كامل الأركان كان عليه أن يفي بوعوده لحلفائه، فشن حربا شعواء على التيار الإسلامي محاولا إزالته من الساحة السياسية بل حتى على المستوى الاجتماعي ومحاولته طمس الهوية الإسلامية بدعوته إلى تصحيح الدين، لكن يبقى أكبر قربان قدمه السيسي للغرب هو تغييره لعقيدة الجيش المصري من عقيدة تعتبر إسرائيل العدو الأول إلى عقيدة تعتبرها الحليف الإستراتيجي الأول وتبنى من أجل ذلك العقيدة المحبوبة لدى الغرب "محاربة الإرهاب" دون تحديد دقيق لمفهوم الإرهاب، فقام بمحو مدن وقرى في شمال سيناء وقام بإحكام الحصار على قطاع غزة وغيرها من الإجراءات التي تؤكد وتحقق السلام الدافئ بينه وبين إسرائيل طفل الغرب المدلل، وبذلك أنهي أمنية العرب في عودة مصر لدورها التاريخي الريادي الذي غابت عنه حينا من الزمن.

التاريخ يعيد نفسه:
استنجد الحكام الزيانيون بالإسبان وتحالف المماليك معهم أيضا ضد الدولة العثمانية وكذلك فعلت الدولة الصفوية التي تحالفت مع البرتغاليين ضد الدولة العثمانية، وكأن التاريخ يعيد نفسه فلم تكن خطوات بشار ولا السيسي ولا حتى حفتر من بنات أفكارهم وإنما مستمدة من تاريخ حافل باستنجاد حكام مسلمين بدول أجنبية لا تريد السلام لشعوبنا.
 

الهدف واحد:
تغير الحكام والهدف واحد هو ضمان البقاء على الكرسي مهما كان الثمن ولو كان على جماجم الشعوب وبحور من الدماء وهو ما يجعلنا نفرق بين من يتحالف مع الشيطان لإنقاذ شعبه ومن يتحالف مع الشيطان لإخضاع شعبه.