شعار قسم مدونات

السيسي إذ يُحرج نفسه.. الشباب فين؟

blogs - sisi
حسنا فعل عبد الفتاح السيسي ونظامه حينما أطلقوا هذه الأيام "المؤتمر الوطني الأول للشباب" خلال هذا الأسبوع، فقد وفروا لنا سبباً وجيها للتجمع كصحفيين وعاملين في مجال حقوق الإنسان ومدافعين عن حقوق المعتقلين والمساجين لإحياء تلك القضايا مرة أخرى بقوة، وتسليط الضوء على أسماء كاد الناس أن ينسوها في خضم صراعات الحياة الأخرى لاسيما الاقتصادية منها.

فبالتوازي مع هذا المؤتمر أُطلق عبر صفحات التواصل الاجتماعي والفضاء الإلكتروني مؤتمر افتراضي يحمل عنوان "#الشباب_فين، الغرض منه التعريف بهؤلاء الشباب والإشارة لحالات الاعتقال التي تقدر بالآلاف في السجون والمعتقلات وتشير لما وصل إليه حال الشباب المصري بعيدا عن إعلام "عباس" مدير مكتب السيسي، الذي بات يضاهي إعلام "جوبلز" الهتلري، وكم من متشابهات كثيرة بين النظامين.

النظام المصري ليس لديه النية قريبا لإخلاء سبيل  المعتقلين أو تخفيف أعدادهم في الأجل المنظور.

وقد حققت هذه الفاعلية على بساطتها، انتشارا واسعا ذَكر الناس بأسماء ووقائع اعتقال وقتل خارج إطار القانون كثيرة، وربما ستذكر هذه الأحداث السيسي ونظامه أنه مهما ضيق على الشباب في الشوارع والمنتديات الثقافية وتحويله الأحزاب في مصر إلى ما يشبه "خيالات المآته" فإنه لم يعد قادرا على كتم أصواتهم أو محاصرتهم أو إحباطهم للدرجة التي لن يُرفع لهم صوت بعدها.

فإخلاص العديد من الأصدقاء لأصدقائهم المعتقلين ووجود الأمل في صدور أهالي المعتقلين وذويهم بانفراجة عنهم، سيكون الناقوس الذي سيُذكر السيسي أن أوهامه كعسكري مشاة سابق يعيش في ضلالات دولة يوليو، بالقدرة على مصادرة كل صوت وخداع كل أحد بإعلامه وعصا قمعه الباطشة، ليس لها وجود.

وإذا كان السؤال المركزي الآن هو "الشباب فين؟" فإن بعض من الإحصاءات الواردة من بعض الجهات التي تنشط في توثيقها، يجيب على هذا السؤال، وهي إحصاءات تتنوع ما بين حالات الاعتقال والإعدام والقتل خارج القانون، وتمثل قدرا ضئيلا من الصورة الأوسع للمشهد المصري منذ 30 يونيو.

عدد المعتقلين:
ربما لا يوجد إحصاء رسمي بعدد المعتقلين السياسين في مصر، نظرا لاعتبار عبد الفتاح السيسي ونظامه أنه ينفذ القانون ولا يضطهد أو يطارد أحد، لكن منظمة العفو الدولية إلى وصول عدد المعتقلين نحو 40 ألف سواء من قبض عليهم بالفعل أو يتعرضون للملاحقة، وذلك في الفترة ما بين يوليو 2013 وحتى مايو 2014، وهو ما ينفيه السيسي ونظامه، وسواء كان الرقم دقيقا أم لا، فإن ارتفاع أعداد السجون وعدد القرارت التي صدق عليها كل من عدلي منصور وعبد الفتاح السيسي تكشف عن استحداث النظام ل 16 سجن جديد في خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وهو ما يجعل الأرقام المتداولة عن عدد المعتقلين من الحركات والمؤسسات الحقوقية صحيحا، ويكشف أن النظام ليس لديه النية قريبا لإخلاء سبيل هؤلاء المعتقلين أو تخفيف أعداد المعتقلين في الأجل المنظور.

حالات الإعدام:
طبقا لحملة "إعدام وطن" التي تنشط من أجل إلغاء عقوبة الإعدام في مصر فإن آخر إحصاء أجرته هذا الشهر أظهر أن أحكام الإحالة للمفتي من القضاء الطبيعي منذ الانقلاب بلغ 1840 حكما بالإحالة إلى المفتي، وبلغ عدد القضايا التي حُكم على متهمين فيها بالإعدام 44 قضية من بينها 10 قضايا أمام القضاء العسكري، فيما هناك 785 حكم إعدام تنظر في مرحل النقض المختلفه ، وذلك بعد صدور 794 حكم بالإعدام من المحاكم الجنائية.

 
أما على مستوى القضاء العسكري، فمنذ صدور القرار الرئاسى بقانون رقم 136 لسنة 2014 والذي يوسع من اختصاص القضاء العسكري، ليشمل جرائم التعدي على طيف واسع من المنشآت والمرافق العامة، فقد وصل عدد المحالين للقضاء العسكري إلى أكثر من 7400 مواطن مصري حتي منتصف عام 2016، وبلغ عدد الذين تم الحكم عليهم بالإعدام في قضايا عسكرية، نحو 60 مواطنا، بينهم 1 فقط مازال رهن قرار الاحالة للمفتي، وبينهم 37 حكم عليهم حضوريا، و 2 غيابيا و 2 غير معروف، فيما كان عدد من تم تنفيذ الحكم عليهم بالفعل 6 أفراد.

الفتيات:
أما على مستوى الفتيات فوفقا لتنسيقية الثورة وحركة بنت الثورة، فهناك 40 معتقلة الآن في السجون على خلفية قضايا سياسية، وذلك حتى آخر تحديث إحصائي هذا الشهر، هذا غير الذي قبض عليهن سابقاً وحصلن على إفراجات أو إخلاء سبيل، ولسنا في حاجة إلى الإشارة إلى حجم الانتهاكات التي تعرضت لها هؤلاء الفتيات، فبمراجعة شهادات بعضهن يمكن معرفة ما تمر به المرأة المصرية في سجون وطنهم.

أرقام القتل في الجامعات مرشحة للزيادة بعد انتشار حالات الاختفاء القسري في مصر على نحو واسع جعلها مثار التعليق للعديد من المنظمات الدولية.

حالات القتل في الجامعات:
ووفقاً لمؤسسة حرية الفكر والتعبير فإن حالات قتل الطلاب في الجامعات المصرية أو محيطها ومباني المدن الجامعية التابعة لها خلال العامين الدراسيين الماضيين، بلغ ما يقرب من 21 طالباً قد قتلوا في الجامعات.

وتشير أصابع الاتهام الرئيسية واتهامات ذويهم وأصدقائهم إلى القوات الأمنية سواء من الشرطة أو الجيش، وذلك عبر اعتقالهم وتصفيتهم كالطالب إسلام عطيتو أو عبر إطلاق النار عليهم مباشرة خلال مظاهرات الطلاب ضد النظام الحالي في الجامعات.

وهي أرقام مرشحة للزيادة بعد انتشار حالات الاختفاء القسري في مصر على نحو واسع جعلها مثار التعليق للعديد من المنظمات الدولية، حتى أضحت ظاهرة غير مسبوقة في مصر.

خلاصة القول:
هذا غيض من فيض عن الظلم الموجود في مصر، ولن ينفع السيسي خداعه للناس أكثر من ذلك، ومهما استعان بشباب على استعداد للتنازل عن مبادئه وعن أحلام جيله وأجيال سبقته قبل خمسة أعوام من أجل "العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامية الإنسانية"، لن نكف عن المطالبة بالإفراج عن المعتقلين وعن رفع الظلم عن الناس، وليستمر السيسي في عقد هذه المؤتمرات فهي فرصة جيدة لنرد عليه ونكشف عوار حكمه. أفرجوا عن المعتقلين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.