شعار قسم مدونات

بيرلينيو.. يفكر كإيطالي ويلسع كبرازيلي

Andrea Pirlo of Juventus warms up before the UEFA Champions League final between Juventus FC and FC Barcelona at the Olympic stadium in Berlin, Germany, 06 June 2015.

لقد كان حلما، اللعب مع ميلان أولا، ثم إحراز هدف لا يُنسى في شباك الحارس الأعظم في الحقبة الأخيرة، كل هذا حدث مع مانويل لوكاتيلي في أيام معدودة، الطفل الإيطالي الصغير إلى قمة المجد منذ الخطوة الأولى.
 

ولا ترتبط مشاعر الاحتفاء بلوكا بسبب هدفه الصاروخي، أو حتى صغر سنه مقارنة بغيره، ولكن لأنه أعاد التقاليد الإيطالية إلى دائرة التكتيك مرة أخرى، بعد غياب اضطراري دام لسنوات خلال البطولات الأخيرة.
 

بيرلو لم يولد كريجستا، وتطور مستواه مع الوقت، لذلك يشبه هؤلاء البضاعة التي لا تقدر بثمن، حيث أنها تزيد قيمة كلما مر عليها الزمن.

لوكاتيلي هو "الريجستا" على الطريقة الإيطالية، إنه لاعب الارتكاز الذي يبدأ صناعة الهجمة من الخلف، والمدافع المتقدم أمام خط الدفاع، ولاعب الوسط المتأخر أسفل الدائرة، كل هذه المهام يركز عليها المدرب خارج الخط، لذلك يعتبر نجوم هذا المركز بمثابة المساعدين الفعليين للمدير الفني داخل المستطيل.
 

الريجستا هو مخرج الأفلام أو صاحب الكلمة الأولى بالموقع، وفي التكتيك الإيطالي هو اللاعب صاحب المركز رقم 4، ولا يوجد أشهر من أندريا بيرلو في هذا المجال.

قام بيرلو في مونديال 2006 بدور صديق البطل، أي صانع اللعب من أمام دفاعه، وشاركه غينارو غاتوسو كمساعد رئيسي، وكأنه حارس خاص له في كل رقعة بالملعب.
 

قام اللاعب العنيف بعمل الحاجز لزميله الأنيق، من أجل إعطائه فرصة أفضل للتمرير من الخلف، بالاضافة الى خطف الكرة وتمريرها إليه. يتحدث غاتوسو عن أجمل أيام العمر من وجهة نظره، "حينما أشاهد بيرلو، كنت أقول أنني لست لاعب كرة"!

هكذا قال "الغارد" في كرة القدم الإيطالية، الذي يعرف تكتيكيا هناك بـ "الواقي" أو "كلب الصيد"، في دلالة واضحة على الأعمال "القذرة" الذي يقوم بها.
 

يمتاز لاعبو الريجستا بأنهم منظمي خطط اللعب، من يملكون الجاذبية التكتيكية بالحصول على معظم الكرات، ولعب أكبر قدر ممكن من التمريرات، لذلك ليس من السهل أبدا وضع أي لاعب في هذا المكان، ولا يوجد من الأساس لاعب بعينه بدأ مسيرته بهذه القدرات غير العادية التي تؤهله لشغله، لكنه يكتسب كل تلك الصفات من خلاصة تجربته.
 

بيرلو.. لاعب يسدد مثل البرازيليين، يحتفل على الطريقة الإيطالية، لا عجب على الإطلاق في تسميته "بيرلينيو"

بيرلو لم يولد كريجستا، وتطور مستواه مع الوقت حتى صار بهذه القدرة، لذلك يشبه هؤلاء البضاعة التي لا تقدر بثمن، حيث أنها تزيد قيمة كلما مر عليها الزمن.

ويؤكد خبراء التكتيك أن هناك عدة عوامل لضرب أي دفاع متكتل، تبدأ بالتحرك المستمر ثم الاختراق السريع مع تبادل المراكز، لكن كل هذا لن يتم بدون التحكم في اتجاه وسرعة اللعب، عن طريق لاعب وسط "ريجستا" يعرف أين وكيف ومتى يمرر إلى زملائه.
 

لا يكترث أندريا بالضغط، يتذكر يوم 9 يوليو 2006، ويؤكد بأنه قضى نهاره في لعب الفيديو ثم استسلم للنوم، وفي المساء حصل على كأس العالم.

إنه لاعب يسدد مثل البرازيليين، يحتفل على الطريقة الإيطالية، لا عجب على الإطلاق في تسميته "بيرلينيو". وتأتي هذه النسخة من صناعة اللعب كصورة غير أنانية بالمرة، حيث أن معظم من تألقوا في السابق لم يسجلوا أهداف عديدة، لأنهم يهتمون في المطلق بكيفية إيصال المهاجم إلى الشباك، حتى دون الربط معه لأنهم يلعبون أقرب إلى مرماهم وليس تجاه مرمى الخصوم.
 

ومن بيرلينيو إلى لوكاتيلي، النجم الصاعد بسرعة الصاروخ نحو القمة في ميلانو، ورغم أنه لا يزال يعاني من بعض النواقص خصوصا فيما يتعلق بدقة التمرير والتعامل بالكرة تحت ضغط، إلا أنه يعرف كيف يتمركز أمام دفاعه، ويؤثر بشدة في الحالة الهجومية رغم عدم تمركزه كثيرا في نصف ملعب المنافس، هكذا يكون التأثير الحقيقي لمركز الريجستا في الكرة الحديثة.
 

أضاف مانويل صفات أخرى كالتسجيل والقوة الدفاعية، وبالتالي لا يحتاج إلى لاعب آخر لحمايته، ومع تمتعه بحاسة التمركز الإيجابي، فإنه قادر على الوصول بهذا المركز إلى أبعاد أخرى، لتواجده في منطقة يستطيع التعلم منها، وبعده عن جميع المؤثرات الخارجية، مع قربه الشديد من كل زميل عندما يحتاجه، إنها معادلة السهل الممتنع التي تضع أباطرة هذا المركز في مصاف العظماء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.