شعار قسم مدونات

ترامب!

Republican presidential nominee Donald Trump votes at PS 59 in New York, New York, U.S. November 8, 2016. REUTERS/Carlo Allegri

فاز ترامب وقال الشعب الأمريكي كلمته، في النهاية هذه ديمقراطيتهم ودولتهم وهم أحرار فيما قرروه وأهل أمريكا أدرى بشعابه، بدون شك حبست هذه الانتخابات أنفاس عشرات العواصم العالمية؛ فكيف لا تهتم إسرائيل مثلا مدللة ماما أمريكا لمن سيكون زعيم العالم !

لن أقول لماذا يكترث المسلمون لأمر الفائز في هذه الانتخابات، فلو لم يفعلوا لكان غباءا منهم، ثم إن معرفة العدو أحد أهم أسباب النصر التي على المسلم الأخذ بها.

ولكن.. يضحكني من يحاول التخيير بين هيلاري كلينتون ودونالد ترامب ومن منهما سيكون أفضل بالنسبة لنا كمسلمين! وكأنه يخير نفسه بين الشيطان وإبليس! (وكلاهما واحد) .
 

لا يختلف اثنان على فشل الإدارة الأمريكية والخارجية خاصة، في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط والاقتصاد المتدهور والتي كانت هيلاري جزءا فاعلا فيها.

مع ذلك سنتماشى معهم في هذه المتراجحة ذات المجهولين: ترامب وكلنتون وسنحللها من زاويتنا كعرب ومسلمين ومعنيين بنتيجة هذه العملية (الديمقراطية) أكثر من المواطنين الأمريكيين أنفسهم.

في الحقيقة ترامب كان أكثر شفافية من كلينتون (شئنا أم أبينا فهذا يحسب له) لأنه لم يخفي عنصريته ولا حقده على الإسلام والمسلمين بل والأكثر من ذلك أن معظم وعوده وتوعداته جاءت تمهد لأمريكا شبه خالية من المسلمين؛ عدا عن وعده للصهاينة بالاعتراف بالقدس عاصمة لكيانهم. على عكس كلنتون التي آثرت لغة السياسة الخبيثة.

لكن عجبي على من حشروا أنفسهم في خندق مناصري كلينتون من المسلمين والعرب!! وكأن هيلاري وضعت ضمن مخططها تحرير القدس وكف يد أمريكا عن المسلمين!! هي فقط ضربت على وتر الإسلام والمسلمين وكره ترامب لهم، لتظهره كعنصري متعصب سيسبب أزمة ديانات في العالم أو أزمة عنصرية غلى مستوى أمريكا على أقل تقدير (وهذا ما يسمى ذر الرماد على العيون، ولا لوم عليها بل على من شرع لها عينيه على مصراعيها لتذر فيها ما تشاء من رماد سحر الديمقراطية). فيا لسذاجة أضحكت علينا الأمم. 

من ناحية أخرى.. لا يختلف اثنان على فشل الإدارة الأمريكية والخارجية خاصة، في التعامل مع قضايا الشرق الأوسط والاقتصاد المتدهور والتي كانت هيلاري جزءا فاعلا فيها (أي الإدارة السابقة). لذلك لا أستغرب من الشعب الأمريكي رفضه لإعادة الثقة بها، لأنها وبدون أي شك سائرة على خطى أوباما (الفاشلة).

فهل هذا سبب كاف للأمريكيين أصحاب الشعارات الرنانة التي تصدح في كل محفل ومأتم بالديمقراطية والتحرر؛ هل يكفي ذاك السبب ليختاروا عنصريا زعيما عليهم! ألا يخشى الأمريكيون من غضب الأقليات، والتي إذا تجمعت تحت راية نبذ العنصرية لأصبح البيض الأمريكيون أقلية بالنسبة لهم!

أظن أن خيار أبناء العم سام أسقط كل الأعذار التي تدعوا لعدم محاسبة الشعوب على أخطاء الحكام، وحتى لا يأتي أحدهم ذات يوم ويقول الشعب الأمريكي غير راض عنما يفعله جيشه في العراق وسوريا وأفغانستان.. إلخ وأهم من ذاك غوانتنامو.. العار المطبوع على جبين الإنسانية حتى الفناء.
 

أوقن تمام اليقين أنها بداية النهاية لهذا الوباء الذي فتك بالكون لسنين وعقود.. وسنة الله في الكون هي الفرج بعد الشدة.

والآن، وإذا كان أوباما الذي ادعى أنه سيصحح ما (خبصته) إدارة بوش قبله، قد انتهت عدته والعالم بأسره يغرق في دوامة مهلكة، أعادت فيها كل قوى العالم فتح ملفات سياسية وتاريخية، وعادت للساحة صراعات تمتد جذورها منذ العصور الوسطى وربما أقدم من ذلك بكثير، فماذا سيفعل إذن هذا المجنون بالعالم، وهو الذي يعلن جنونه على الملأ فيهدد ويتوعد.. بل ويجعل منها دعاية مربحة له وداعما لشعبيته! (من باب خالف تعرف).

وكأن العالم يتخبط بين مطرقة كلينتون والتي تسير على خطى فاشلة؛ وسندان ترامب المريض النفسي !
 

على كل حال تخبط العالم وانتهى الأمر، واختار العنصريون المتحضرون الديمقراطيون الجمهوريون رأس حربة عصابة قادة العالم الجديد؛ لنبدأ عهدا جديدا من المذلة والسخرية والمسرحيات والمفاوضات والهدن والقلق والنخوة والشهامة الأمريكية.. ولكن هذه المرة على يد مريض، كان لابد أن يتم حجزه في مشفى أمراض عقلية، بدل تسليمه حكم امبراطورية (ماما أمريكا) أو شرطي العالم كما يحلو للبعض تسميتها.

نعود للعرب ومكانهم في هذه اللعبة.. ولكن لا داعي لنقلق على حكوماتنا المحنكة؛ فهي تتبع خطة في منتهى الذكاء والخبث، إنها خطة قطيع الأغنام، وهو تكتيك يقوم على مبدأ (الريح الي يجي تبعو وامشي معاه) لا يتقنه سوأ من احترف العبودية. وطبعا كله بما يرضي الله ورسوله، فعلماء البلاط قد افتوا لحكامنا بضرورة طاعة ولي الأمر.. مادام لم يعترف بكفره ولم يقل عن نفسه كافرا، والشهادة لله حتى اليوم لم أرى تصريحا واحدا لترامب (قدس الله سره) يقول فيها أنا كافر.

قبل الختام أقول إن داء (جنون البقر) الذي اجتاح العالم تحت ستار السلام وأمم متحدة وحقوق.. قد بلغ أشده مع أشد رعاة البقر جنونا، ألا وهو ترامب، كيف سيكون ذلك لا أدري؟ لكنني أوقن تمام اليقين أنها بداية النهاية لهذا الوباء الذي فتك بالكون لسنين وعقود.. لأنه لا أظنه ممكننا وصول الأمور لأسوأ مما هي عليه الآن.. وسنة الله في الكون هي الفرج بعد الشدة.

وأخيرا هنيئا للسيسي.. هنيئا لإيران.. هنيئا لبشار.. هنيئا لعالم الإجرام.. هنيئا لهذا العالم المخزي.. هنيئا على الجميع فوز هذا الحليف الفريد جدا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.