شعار قسم مدونات

أخبريه بحبك واطلبيه للزواج

blogs - Fakharani wedding
هل تحبين شخصا وتجدينه مناسبا كزوج لك ولا تعرفين ماذا تفعلين لتخبريه بذلك أو تخشين أنه لا يدرك درجة حبك له وأنه ربما يعتقد فقط أنك تحملين له قدرا من المعزة أو الصداقة القوية؛ لكنها لا تصل إلى درجة الرغبة في بدء مشروع خطبة من أجل زواج في المستقبل؟! إذن فكل ما عليكِ فعله أن تذهبي له وتخبريه بذلك، نعم ليس حبك أو اهتمامك فقط، بل رغبتك في الزواج منه. 
هذا هو ملخص ما أريد أن أقوله بوضوح في تلك السطور القادمة والتي أجادل فيها بأحقية الفتاة أو المرأة في البوح برغبتها في الزواج من شخص بعينه، والإفصاح عما ترغب فيه من الزواج، لذا يمكن للقارئ الاكتفاء بهذا إن كان فقط يريد معرفة الغرض النهائي من المقالة أو عليه أن يستمر في القراءة لمشاركتي الجدل فيما أقول إن أدهشه.

تحرم المرأة العربية في كثير مواقف أن تعبر ما تريد أو ترغبه، لا يحق لها البوح بما في نفسها تحت ذرائع كثيرة مستمدة من العرف ومنسوبة للدين أو بالأدق لأحد تأويلات النصوص الدينية التي تبناها بعض الفقهاء ولاقت هوى عند من يخلطون بين العُرف والشرع.

تكتم الفتاة مشاعرها أو طلباتها المشروعة في التعبير عن الحب بناء على فكرة مؤداها أن هذا يقلل من كرامتها وقيمتها كأنثى

وبرأيي أن تقييد حق إبداء الرغبة في الزواج أو الخطبة من رجل بعينه وإعطاءه حصريا للرجل فقط هو أحد مظاهر هذا الحرمان أو التقييد في الإعلان عما يجول بخاطر المرأة في المجال العام أو الحيز الأوسع من المعارف والأصدقاء، بما يجعلها في هذا السياق في موقع المنتظر لمن يطرق بابه سواء كان هو من ترغب فيه أم لا.

نعم لا تستطيع الفتاة أن تفصح عن رغبتها في الزواج من أحدهم بطلب مباشر، حتى لو كانت تراه الأكثر مناسبة لها أو الأقرب لحلمها في شريك العمر، حتى لو كانت لها ألف وسيلة للتعامل معه كل يوم بحكم زمالة دراسة أو زمالة عمل أو أي طريقة أخرى من طرق التلاقي اليومي.

ربما تلمح بالاهتمام أو ترسل إشارات بالمودة أو التقرب في محاولة للفت الانتباه لكنها في نهاية الأمر لا تستطيع أن تخبره صراحة بالرغبة في الزواج منه أو الخطبة إليه، تفضحها عيونها بالحب أحيانا لكن لا ينفك لسانها في طلب الارتباط أبداً. وبالتالي فالحديث عن الفتاة تستطيع أن تتقدم أو تطلب من أحد زواجها بدعوى كل ما أشرت إليه أعلاه، ليس دقيقا ولا واقعيا.

تكتم الفتاة كل هذه المشاعر أو الطلبات المشروعة بناء على فكرة مؤداها أن هذا يقلل من كرامتها وقيمتها كأنثى ويظهرها كفتاة بائسة أو خائفة أو حمقاء مندفعة لا تجيد فن "استمالة الرجل" وإيقاعه في "شباك الهوى"، ويعزي الأهل هذا الأمر بالحديث عن الأميرة والملك الذي يأتي ليطلب الود وأسمع كثيرا عن أحاسيس الفتاة لحظة حين تشعر أن هناك من يهرول إلى بابها.

حسنا هذا كلام قد يكون فيه وجاهة سابقا، لكن كثيرا منه بات يكذبه واقع اليوم أو يخفض من قيمته الاستهلاكية، فقط عليك أن تنظر وتدقق حولك لترى كم فتاة تستطيع أن ترتبط بشريك حياتها التي ترغب، كم من فتاة حولها ذا الجاهزية المادية غير اللائق شخصيا، كم فتاة حاولت أن تلفت انتباه شخصا ما بأن اهتمامها ليس فقط مجرد صداقة أو معزة بينما هي تحب أن ترتبط به حقا وصدقا.

كم شاب أو رجل، تأثر بمفاهيم مثل "الفريند زون" والتي تعني أن تبدي الفتاة من طرف اللسان حلاوة ومن طرف العين شقاوة، لكنها في نهاية الأمر لا تعني شيئا جديا من هذا، أو تعني أن هذا صديق فقط حتى إشعار آخر، فلم يعد إبداء الاهتمام وإظهار المشاعر محسوبا بل أداة تلاعب ولا قيد عليه وبلا حساب.

في ظل هذا رأيت فتيات لديهن رغبات صادقة في الزواج، لا يرغبن في أكثر من شخص يرون فيه ما يحقق لهم رغباتهم وآمالهم فيما يرتبطون، وفي بعض الوقت يجدونه فعل، لكنهم لا يستطيعون البوح بذلك، ولا يستطيعون الإقدام على ذلك، فالأهل والمجتمع غذى فيهم أنه حال رفض الطرف الآخر فهذا يجرحك أو يكسرك أو ينتقص منك، وهو أمر غريب، في زمن لم يعد دور المرأة محصورا في أدوار بعينها، وبات التلميح والتصريح بما أهو أكبر منذ ذلك سهلا وطبيعيا، فلماذا لا يكون الأمر الأهم هو صاحب هذه المرونة في التصريح.

جزء من هذه المشكلة، لا يتعلق بالفتاة فقط، فالتربية على أن رفض الرأي أو رفض الطلب أو الأمر هو إهانة لشخص صاحب الطلب أو الأمر وعدم اكتراث بصاحب الرأي، جعل كل شخص رجل أو امرأة في المجتمع ينظر على أن تحفظ أو رؤية الطرف الآخر على الدخول في علاقة معه إهانة له وانتقاص من قدره، على الرغم أن حق الرفض والقبول مكفول للطرفان معا عموما.

بطبيعة الحال لا يطلب كاتب هذه السطور من الفتيات، الاندفاع وطلب الزواج من أي حد لمجرد الإعجاب فقط، لكن حال كان الأمر مدروسا وفيه روية، وحولك من ترغبين في أن تخوضي معه تجربة الخطوبة تمهيدا للزواج، ولا يمكنك لفت انتباهه لأي سببا ما، فأفصحي عن ذلك مباشرة أو حتى عبر وسيط، فقد يكون هو أيضا يفكر فيكِ أو يطمح أن يتقدم لك ولكنه لا يعرف أن هذه رغبتك أيضا أو أن مشاعر اهتمامك صادقة حد الزواج منه.

يجب أن يكون للمرأة حق المبادرة في التعبير عن الحب أو إعلانه على الملأ دون أن يطاردها وصم اجتماعي أو نبذ أخلاقي.

وهذا الأمر ينطبق أيضا على المطلقة أو الأرملة التي تخشى إعلان الرغبة في الزواج أصلا على الرغم من أنه حقها ومسؤوليتها تقدرها كيف تشاء، لذا فعلى كل منهن عموما أن تعلن عن هذه الرغبة أو أنها مستعدة لهذا الزواج حتى لو لم يكن في مخيلتها شخص بعينه، لكن لا داعي للخوف من البوح بما في النفس والإفصاح عن تطلعاتك، فكيف ستتزوجين وأنتِ تخشين مواجهة العادات والتقاليد التي تسجنك.

أما الرجال والشباب فإن لم يكونوا على درجة من التهذب في استقبال هذا الأمر، والتعامل معه بالجدية والإحساس المناسب للموقف، وعلى قدر من المسؤولية، فعليهم أن يعلموا أنهم فقدوا ميزة تحرير مشاعر الفتيات صوبهم وبما يمكنهم التأكد من صدق أي اهتمام تبدييه فتاة لهم، فضلا أنها ميزة نسبية قد يتسفيدون منها مع أسرهم في المستقبل.

إذن ينقصنا فقط نشر هذه الثقافة بيينا، بضوابطها في الاختيار، وكسر القيود عن حق إفصاح المرأة (مطلقة/أرملة/لم تتزوج) في رغبتها في الزواج عموما وفي الزواج ممن تحب خصوصا، وأن يكون لها حق المبادرة في ذلك أو إعلانه على الملأ دون أن يطاردها وصم اجتماعي أو نبذ أخلاقي.

يوم بعد يوم تتعاظم أزمة تأخر الزواج في مصر والعالم العربي بشكل كبير وترتفع أعداد غير المتزوجين في المجتمع فيما ترتفع حالات الطلاق على الجانب الآخر أيضا، ومن ثم فقليلا من النضج مع الأمر سيساعدنا في الحل، ويقربنا من الحب الذي نحرم منه لآجال طويلة دون سبب منطقي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.