شعار قسم مدونات

قالوا.. لن تسكت المآذن أبداً

blogs - aqsa

ضعف واضطهاد، وصلوات خفية في شعاب مكة ثّم هجرة، ورؤية في المنام  فأذان وإقامة ونداء، توحيد ينساب كالنسمة الرقيقة الرطبة بين قلوب المسلمين، وصوت بلال وعبد الله بن أم مكتوم يعلو  الله أكبر.. الله أكبر فيجتمع المسلمون في وسط المدينة المنورة، فقيام وسجود وركوع جهراً لينبه الغافل وينفي كل كبرياء في الكون إلا كبرياء الله عز وجل ويثبت كُل يوم خمس مرات بأن لا إله إلا الله وأنّ محمداً رسول الله.

عن أبى عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قال اهتم النبي -صلى الله عليه وسلم- للصلاة كيف يجمع الناس لها ، فقيل له انصب راية عند حضور الصلاة فإذا رأوها آذن بعضهم بعضا فلم يعجبه ذلك . قال  فذكر له القنع – يعنى الشبور (ما ينفخ فيه لإحداث الصوت)، وقال زياد: شبور اليهود فلم يعجبه ذلك وقال هو من أمر اليهود. قال  فذكر له الناقوس  فقال هو من أمر النصارى.

فانصرف عبد الله بن زيد بن عبد ربه وهو مهتم لِهَمِّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأُرِىَ الأذان في منامه، قال: فغدا على رسول الله -صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال له: يا رسول الله إني لبين نائم ويقظان إذ أتاني آت فأراني الأذان، قال: وكان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوما .. قال  ثم أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فقال له  ما منعك أن تخبرني؟!  فقال سبقني عبد الله بن زيد فاستحييت، فقال رسول الله يا بلال قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله، قال  فأذن بلال ..

ربما نسينا أو تناسينا أن "إسرائيل" احتلال وليست دولة شقيقة، وجدت فقط لتُغير نمط الحياة لما فيه عزتها وذلنا.

وقال ابن حجر" قال القرطبي وغيره الأذان على قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة، لأنه بدأ بالأكبرية، وهي تتضمن وجود الله وكماله، ثم ثنى بالتوحيد ونفي الشريك ، ثم بإثبات الرسالة لمحمد ـصلى الله عليه وسلم، ثم دعا إلى الطاعة المخصوصة عقب الشهادة بالرسالة لأنها لا تعرف إلا من جهة الرسول، ثم دعا إلى الفلاح وهو البقاء الدائم، وفيه الإشارة إلى المعاد، ثم أعاد ما أعاد توكيداً، ويحصل من الأذان الإعلام بدخول الوقت، والدعاء إلى الجماعة، وإظهار شعائر الإسلام".

بعد كل هذا يأتي نتنياهو وأتباعه منذ عام 2006 وحتى الآن يسعون لتطبيق قانون حظر الأذان عبر السماعات الخارجية للمساجد في الأماكن المختلطة بين المسلمين واليهود والمسحيين بالقدس وكافة المناطق المحتلة منذ عام 1948 بحجة أن الأذان –كما يدعون طبعاً– يُزعج المواطنين الإسرائليين وخاصة في أوقات الليل والفجر، ويؤذي البيئة ويضر بمستوى المعيشة، ويُشيع التحريض من خلال مناداة المصلين للصلاة.

وسط كُل هذا الصراخ والضجيج حول إسكات المآذن من قبل قوات الاحتلال الصهيوني، اكتفى المسلمون داخل فلسطين وخارجها بالتنديد بعنصرية الاحتلال وتعديه على حرية المسلمين وانتهاك حقوقهم "بهشتاج" لن تسكت المآذن، ولكنهم في الوقت ذاته –وهذا العجيب– تركوا المؤذن يُنادي ولم يُلبوا النداء، وتركوا المساجد خاوية في أوقات الفجر والعشاء، وخلفوا وراء ظهورهم كل تعاليم الدين ثّم نجدهم يطالبون جيش احتلال باحترام شعائرهم وإسلامهم عبر شبكات التواصل الزرقاء!

لا أدري حتى الآن هل ما نحن فيه عجز أم خوف أم غفلة.. ربما نسينا أو تناسينا أن "إسرائيل" احتلال وليست دولة شقيقة، وجدت فقط لتُغير نمط الحياة لما فيه عزتها وذلنا، جاءت لتُبكي أعيننا وهي تنظر إلى الجثامين المشيعة والأمهات الثكالى، بفلسطين وغيرها.. فتنال من أرضنا وتُخفي معالم هويتنا ومن ثم يسهل عليها محاربة الدين بكل طاقتها وجهدها وكان لهم في هذا الميدان من قبل سب رسول الله  ونحن كما نحن لا نُبصر ولا نسمع ولا نتكلم..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.