شعار قسم مدونات

أهلا بك في الجماعة الجديدة

blogs-islamist

حين تطل بعينيك خارج قيود المرحلة الزمنية والفكرية التي تعيشها، ستكتشف أن كثيرا من قيود الجماعة أو الحزب أو حتى الأفكار التي آمنت بها، قد لا تصلح للاستمرار معك في المستقبل ما لم تخضعها للنقد والتطوير.

حزب السعادة:
في يوينو 2002 صدر قرار بحل حزب الفضيلة الإسلامي بتركيا في تصرف أشبه بالانقلاب الناعم على مؤسسه نجم الدين أربكان، وانبثق عن هذه القرار تأسيس حزبين جديدين أحدها "حزب السعادة"، الوريث الشرعي لمبادئ الحزب المنحل، والمفاجئ للبعض أنه الممثل لجماعة الإخوان المسلمين في تركيا.

لكن حزبا آخر خرج أيضا من رحم هذه الأزمة، تخلص من حزمة أفكار "بالية" وطوّر مجموعة أخرى تفاديا لأخطاء الماضي، ليصبح بعدها الحزب الحاكم منذ مارس 2003 أي بعد تسعة أشهر فقط من حل حزب"الفضيلة"، وظل في الحكم حتى الآن تحت اسم حزب العدالة والتنمية.

ولستُ معنيا في هذه المقال بالعدالة والتنمية، وسينصب حديثي على حزب السعادة، لأني باختصار أرى أننا لا نزال نعيش في تجربته، أو ربما نعيش تجربة "الفضيلة" بوجه أكثر دموية. وتشير استطلاعات الرأي إلى عدم تمكن حزب السعادة من تجاوز نسبة عشرة بالمئة في آخر انتخابات برلمانية رغم أن أحزابا أقل تاريخا استطاعت أن تدخل البرلمان، وكانت على وشك المشاركة في الحكومة.

الكفر بالتخصص وواجبات العمل المؤسسيّ، أحالت مع الوقت الإخوان إلى جماعة جديدة، توقف فيها النقد والمراجعة والطرح المنطقي للأشياء.

وبغض النظر عن اتهامات الحزب العدالة والتنمية بسحب أصواته، فإن السؤال الذي طالما يهربون منه، ما الذي فعلناه حتى ينفض الناس من حولنا؟!!.

إفطار الإخوان:
في 24 يونيو 2016 نظمت جماعة الإخوان المسلمون حفل إفطارها السنوي بمدينة اسطنبول لأول مرة خارج حدود مصر، وطالما ظل ذلك المشهد عالقا في ذاكرتي ولست أدري سبب اهتمامي، حيث أني لا أرى في الحفل أمرا مستهجنا لكن ما شدّ انتباهي هو أن الكلمة الأولى في الحفل كانت لنائب رئيس حزب السعادة التركى برول أيدى التي دعا فيها للثبات والصبر.

ليس من قبيل الصدفة أن يختار بعضهم بعضا، فحالات التقوقع التي يعيشها الفريقان على حزمة من الأفكار الذي أثبت الواقع احتياجها للمراجعة والانعزال عن استخدام أدوات السياسية والإعلام والإدارة بحرفية، وتغييب معاني المحاسبة والرقابة والشفافية والمؤسسية أمر حاضر لدى الطرفين، وإن كان طبعا الجانب المصري يتفوق بكثير في ارتكابها.

خذ مثلا :
كبرى جماعات الإسلام السياسي في العالم جماعة الإخوان المسلمين، التي تنافس على الحكم في بلاد الشرق الأوسط تحت رقابة عيون العالم، ليس لديها أذرع إعلامية قوية تدافع عنها بل إنه من المؤسف أن بعض القنوات التي تقف ضد نظام الانقلاب، تعاني من هجوم الجماعة عليها ومقاطعة قيادات الجماعة لها.

كنت شاهدا على تدشين حملة "التعليم أساس النهضة" عقب فوز الرئيس مرسي، واختار القائمون على الحملة موظف بوزارة البترول كمتحدث إعلامي للحملة في إقصاء سافر لأهل التخصص، ولن أحكي كيف فضح الصحفيون المتخصصون في ملف التعليم، المتحدث باسم الحملة أمام عيون الكاميرات.

الكفر بالتخصص وواجبات العمل المؤسسيّ، أحالت مع الوقت الإخوان إلى جماعة جديدة، توقف فيها النقد والمراجعة والطرح المنطقي للأشياء، بل إن مجرد الاعتراض أو النصح يحيلك إلى قائمة لا تنتهي من الاتهامات، فصارت جماعة جديدة باسم قديم.

جماعة جديدة:
حقيقة أنا لا أتوقع من العقول التي أنتجت المشكلات والأزمات وكبدت أبنائها كل هذا الكم من الخسائر، أن تكون هي من ستقوم بحل المشاكل بنفس الشخوص وبنفس الأدوات. أما عن أفكار الإصلاح الداخلي فطالما تم التلاعب به تحت بنود كثيرة، ولا زلت أذكر عشرات الآلاف من الاقتراحات للتطوير التي تم جمعها عقب ثورة 25 يناير، وانتهت بدمج قطاعات وفصل شعب!.

كل ما نراهن عليه أن يخرج جيلا جديدا، يحفظ للإخوان تربيتهم وأخلاقهم، ويبني بنفسه تجربة جديدة لجماعة جديدة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.