شعار قسم مدونات

تحرير فلسطين.. كيف تعرف أنك خائن من دون معلم

القدس

لماذا نحمل همّ القضية الفلسطينة، ومالدافع الحقيقي الذي يجب أن يكون لدينا ونحن ندافع عن القضية؟ هل لأنها عربية؟ لأن بها القدس؟ لأن بها المسجد الأقصى؟ لحل مشكلة اللاجئين؟ أم لأنها أرض إسلامية فتحت بالإسلام؟

الهدف غير موحد لدى جميع المسلمين هناك من يقاتل من أجل العروبة وهناك من يدافع عن المسجد الأقصى والقدس وهناك من يتضامن مع اللاجئين من أهل فلسطين…إلخ. تعالوا ننظر في هذه الأسباب فالإلمام بالقيد والوصف للقضية يجلعنا ندرك الحل:

أولًا: هل ندافع عن فلسطين لأنها عربية؟

القول بأننا ندافع عن فلسطين لأنها عربية قول غير صحيح وليس في صالح القضية الفلسطينية لأن كل أرض دخلها المسلمون فاتحين أصبحت أرضا إسلامية.

يُروج في وسائل الإعلام أن فلسطين أرض ملك للعرب لأن أول من سكنها هم قبائل كنعان من العرب، لو كان الأمر كذلك فليخرج الأمريكان من أمريكا و يعطوها للهنود الحمر.. ثم هل يشرفنا الإنتماء لقبائل كنعان الوثنية، صحيح هم أول من سكنوا فلسطين قبل داود وسليمان لكن نتشرف بالانتماء لهؤلاء الأنبياء إخواننا في العقيدة ونحن أولى بهم من اليهود.

وهذا القول أدخلنا أيضًا في جدال مع اليهود وحفريات يبحثون عن أشياء تدل على أن اليهود سكنوها قبل العرب فاليهود كما أخبرنا سبحانه وتعالى يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله…فلا تجادلهم فقد جادلوا الله في بقرة!! وتحضرني هنا مقولة لمريد البرغوثي يقول "لم أكن ذات يوم مغرمًا بالجدال النظري حول فلسطين، نحن لم نخسر فلسطين في مباراة للمنطق! لقد خسرناها بالإكراه وبالقوة".

إذا القول بأننا ندافع عن فلسطين لأنها عربية قول غير صحيح وليس في صالح القضية الفلسطينية لأن كل أرض دخلها المسلمون فاتحين أصبحت أرضا إسلامية بإجماع العلماء، فمصر والجزائر وبلاد أفريقيا التي فتحها المسلمون لم يكن يسكنها العرب قبل الفتح! وهل فتح المسلمون الأندلس لجذور عربية كانت فيها قبل!

الأندلس التي ما تزال أرض إسلامية إلى الآن يجب على المسلمين العمل على استرجاعها، الأمر الذي قد يبدو غريبا للناس اليوم. هل ما تزال أرض الأندلس أرضًا إسلامية إلى الآن؟؟ نعم أرض الأندلس وقف للمسلمين مثل أرض فلسطين تماما لا فرق بينهما فبعد سقوط الأندلس ظل المسلمون يحملون قضية الأندلس لعقود حتى نُسيت بفعل الإستعمار الفكري.

ثانيا: هل ندافع عن فلسطين لأن بها القدس؟
لا شك أن القدس مدينة مباركة ولها قيمة دينية عند المسلمين تعقب قيمة مكة المكرمة والمدينة المنورة وثغر قديم من ثغور الإسلام، وأهلها في رباط إلى يوم الدين. لكن عندما تفاوض على القدس سيعلي العدو من شأنها في إعلامه حتى إذا سمح لك بأخذها فتح لك الطريق لتسلم باقي الأرض.

في عام 1947 لما قامت الأمم المتحدة بمؤامرة تقسيم فلسطين فصلت القدس عن باقي الأرض وجعلتها تحت رعاية دولية، وبذلك رفعت من قيمتها عند المساومة فيتمسك بها المفاوض يقول نريد دولة عاصمتها القدس وبذلك يكون قد بدأ المفاوضة على 22 بالمائة فقط من الأرض بما فيها القدس متخليا عن 78 بالمئة من أرض فلسطين!! هل عرفت حينها أنك خائن! ليس بعد!

ثم يكتشف بعد ذلك أن 60 بالمئة من الضفة الغربية بها مستوطنات يهودية أي لم يتبق له سوى 10 بالمئة لكن ولله الحمد معه القدس!هل عرفت حينها أنك خائن! ليس بعد!

ثم يبدأ يفاوض في تقسيم القدس فتصبح هناك قدس شرقية وقدس غربية، ويهتف بأعلى صوت لا تفريط في القدس الشرقية! أصبح جل طموحه دويلة عاصمتها القدس الشرقية. ثم بعد ذلك في مفاوضات أوسلوا السرية اتفق اليهود مع أبو مازن على إنشاء أحياء جديدة شرق مدينة القدس للمسلمين يطلقون عليها القدس ويأخذ اليهود مدينة القدس ويطلقون عليها أورشليم.هل عرفت حينها أنك خائن! ليس بعد!

ثالثا: هل ندافع عن فلسطين من أجل المسجد الأقصى؟
وهذا أمر من الخطورة بمكان قد يبدو غريبا بعض الشيء لكن دعنا نحلل الأمر، ستتطور المساومة والفصال إلى حد غاية في الخطورة يقولون لا مساس بالمقدسات الإسلامية، خذوا المسجد الأقصى ويأخذ اليهود فلسطين والقدس، هل عرفت حينها أنك خائن! ليس بعد!

ثم يقولون خذوا المسجد الأقصى من دون حائط البراق يسمونه "المبكى" وبقايا هيكل سليمان وأن توضع القدس تحت حماية دولية! هل عرفت حينها أنك خائن!ليس بعد!

وخطوة أخرى أكثرة خطورة يقومون بهدم الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم والترويج في الإعلام بصورة قبة الصخرة على أنها المسجد الأقصى! هل عرفت حينها أنك خائن! ليس بعد!

يحاول اليهود أن يجعلوا القضية قضية لاجئين وليست قضية أرض ويعرضون تعويض اللاجئين بالمال والمأوى.

إذا كان الأمر كذلك فهل تضعف حمية المسلمين عن مساعدة إخوانهم المسلمين في البلاد الأخرى الذين لا يمتلكون قدسًا أو كعبة! هذا بلا شك مسخ وخيانة للقضية وبيعها لليهود…هل عرفت حينها أنك خائن! ليس بعد!

رابعًا: هل نقاتل من أجل اللاجئين (حق العودة) ؟
يحاول اليهود أن يجعلوا القضية قضية لاجئين وليست قضية أرض ويعرضون تعويض اللاجئين مالًا ويسكنوهم خارج فلسطين في الدول العربية والأوربية أو أن يعودوا إلى فلسطين تحت حكم اليهود و يصبحوا مثل عرب الأراضي المحتلة مضطهدين يعاملون بعنصرية من قبل اليهود…وهذا تمييع للقضية…هل عرفت حينها أنك خائن! ليس بعد! لاشك أن كل هذه الأمور تعلي من قيمة فلسطين عند المسلمين.

خلاصة القول أننا نحرر فلسطين لأنها أرض وقف إسلامية، فتحت بالإسلام وحكمت بالإسلام قرونًا طويلة لا يجوز التفريط في جزء منها وليس لأحد حق في ذلك، ولا نحررها لأن بها القدس فقط أو لأن بها الأقصى فقط، وإن كان هذا قد زادها عزًا وشرفًا.

ولا نحررها لكونها عربية مع أن اللغة اللعربية زادتها قيمة وقدرا، ولا نحررها لمشكلة اللاجئين مع أن هذا أمر هام وعلينا أن نعيدهم حاكمين إلى البلاد وإنما نحررها طاعة لله وأملًا في جنته ورضوانه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.