شعار قسم مدونات

تعلموا كيف تحموا أحلامكم

blogs - swing

كثير منا يستطيع اتخاذ قراراته لكنه لا يجيد الدفاع عنها، ومثال ذلك طالب قرر أن يقف بوجه الجميع ويكمل تعليمه العالي في كلية الفنون بينما كانت علاماته تؤهله لدخول الطب. دخل الجامعة وأتم تسجيله وهو في حرب مع محيطه وأمضى الشهر اﻷول والثاني وآذانه تستقبل كل إهانة  تعليق وتوبيخ، وعقله مزدحم بالكلمات السلبية فما عاد هناك متسع لدرس ولا نظره يرى لونا غير السواد.

ظهرت نتائج آخر السنة كلها دون الحد اﻷدنى لتعطي حجة وبرهانا أكبر لتحمي عليه المعمعة وطيسها؛ فينسحب ويتراجع ذليلا كسيرا وينصاع لطريق هم رسموه له ورأى نفسه كذابة لا تصلح إلا أن تنقاد وحبل في رقبتها صدق نفسه بأن قراره كان خاطئا، وإن عاد للطب كارها ومازالت نفسه تراوده على الرسم واﻹبداع.

ونذهب إلى ذاك الشاب الذي استدل إلى فتاة ليخطبها وخطبها لسمعتها وخلقها رغم معارضة أهله وأقاربه ﻷنها بنظرهم من بيئة يرونها متدنية عن بيئتهم، تزوج بها وأهله من حوله يصطنعون الفرح فتأخذه الغبطة وهو يراهم من حوله يديرون البهجة ويشعر بثبات رأيه، يهمس لها لقد عارضت العالم بأكمله ﻷتزوجك، أنت قراري.

لديهم الجرأة لاتخاذ قراراتهم لكنهم لم يملكوا الشجاعة للدفاع عنها وحمايتها. ليتهم تعلموا كيف يثبتون صحة وجهة نظرهم وكيف يحصنون أنفسهم.

تمر اﻷيام تبدأ العائلة باستخدام أسلحتها الثقيلة والفردية والنوعية لمجابهتها؛ ليرى بأنهم ما كانوا إلا على صواب وما ارتكب هو إلا جرما عظيماً بفعلته تلك، يرى نفسه بين نارين رغم أنه يعلم علم اليقين من الظالم ومن المظلوم وأن زوجته طيبة وصالحة معه، وأن أهله يقومون بظلمها لكنه بلحظة ما يسمع جملة "غضب الله عليك إن لم تقم".. لينكسر ويخضع لمتطلباتهم؛ يطلقها بعد ما جرعها اﻷمرين بحجة ماذا أفعل لك؟ رضا أهلي فوق الكل.

ونرى تلك الفتاة التي قطعت على نفسها عهدا ﻷن يذهب ثلثي راتبها للأعمال الخيرية تعود من حفل خيري وهي تضج سعادة و نشاط، وتخبر من حولها بما كان، وبدل من أن تلقى تشجيعاً وترحيبا؛ تتلقى من أبويها توبيخا بأنهما أحق من الغريب بمالها رغم اكتفائهم المادي وعدم حاجتهم.

تتوجه لزملائها لعلها تجد كلام آخر هم اﻵخرون، أغرقوها بسيل من الانتقادات وأن لها مستقبل و ربما لن تتزوج وعليها أن تضعهم في بنك الفائدة بدل من صرفهم بلا فائدة لتلاقيهم "لأيامها السود" متناسين أنه من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له، وأن ما تفعله هي ليوم تبيض وجوه و تسود وجوه.

لكن الفتاة  مسكينة وضعيفة أرخت سهامها أمام أول محارب ورفعت يديها للاستلام؛ اﻷطفال كل أول شهر ينتظرون وعدها.. ونصف راتبها يذهب لوالديها يكنزونه ذهبا  فضة، ونصفه اﻵخر لما رأوا منها الطيب أصدقائها استغلوه في النزهات التي ما عليهم إلا أن يقرروها وهي تتكفل بكامل التكاليف بين ضحك و مزاح، نحن أيتام ومساكين ليس لدينا من يدفع لنا.

هؤلاء الناس كلهم كان لديهم الجرأة لاتخاذ قراراتهم لكنهم لم يملكوا الشجاعة للدفاع عنها وحمايتها. ليتهم تعلموا كيف يثبتون صحة وجهة نظرهم وكيف يحصنون أنفسهم في مجابهة جميع الظروف، لقد ظنوا الحياة كتلك التي في الروايات. لم يعلموا أن الروايات تذكر الروعة والنهايات السعيدة ولا تتكلم في كثير من اﻷحيان عن العناء والظروف التي تلاقي هؤلاء الطامحين.

ليتهم يتعلمون كيف يصنعون روايتهم قبل أن يضعوا عنوانا براقا لها لما يسمعها عنهم الغير وهم يتفرجون.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.