شعار قسم مدونات

أسماؤنا.. هل تضيف لنا أم نضيف إليها

blogs - children

وأنا اقرأ كتاب "أثقل من رضوى" لرضوى عاشور صادفت قصة اسمها. اختار لها جدها اسم جبل يقع بالقرب من المدينة المنورة تضرب به العرب المثل في الرسوخ فتقول "أثقل من رضوى"، كما ذكرت في سيرتها الذاتية.

 

قصة اسمي قريبة من قصة رضوى، جدي لأبي رزق بخمسة أولاد ولم يرزق بابنة، وكان ينوي لو رزق ببنت أن يسميها رند، وقد كان مرجعا في اللغة العربية ومؤلفا وأحب الاسم لمعانيه؛ حسب المعجم "نبات طيب الرائحة ينبت في السواحل"، ومن أسماء الغزال.. هكذا أصبحت رند. أما عن باقي عائلتي فلأسمائهم قصص أيضا.

سأرتب من الأصغر للأكبر، أختي الصغيرة هديل، على اسم المدونة الراحلة هديل الحضيف، رحمها اِلله، فهديل كانت اسم على مسمى، فكان هديلها على مدونتها باب الجنة يعكس إنسانيتها وذكاءها وثقافتها.  وعندما ولدت كان والدي في الدوحة وتفاءل برؤية الحمام في فندق "الشيراتون" عند ولادة هديل. مع بابا الحق في التفاؤل، فقد جاءت هديل لتملأ البيت سعادة وتوقظنا كل يوم على صوت ضحكتها.

أسماؤنا من الأشياء الكثيرة التي لا نختارها بالرغم من أنها أكثر شيء يخصنا، وربما من الجيد أننا لا نختارها، فالأمر محير

"رؤيا" يعود السبب في تسميتها إلى الكاتبة لميس اندوني، فعندما كانت تدرس في جامعة "بيركلي" في أمريكا درَّستْ بنتا أمريكية أفغانية، عيونها جميلة جداً ذهبت لأفغانستان بعد سقوط إمارة طالبان واحتلال أمريكا لأفغانستان، تحجبت في أمريكا لتعبر عن هويتها لمقاومة الاحتلال في الوقت الذي حاولت أمريكا التملص مما أحدثته في أفغانستان وإلقاء اللائمة على المسلمين فقط. رؤيانا أيضاً تمتلك عيون جميلة ونأمل أن تكون ذات شخصية جريئة.

"علي" أسهل اسم، على اسم جدي رحمه الله.

سرقت الأضواء من أختي الوسطى حتى قبل أن تولد، فقد أسموها أهلي "آية" أول كلمة قلتها.

في النهاية أسماؤنا من الأشياء الكثيرة التي لا نختارها بالرغم من أنها أكثر شيء يخصنا، وربما من الجيد أننا لا نختار أسماءنا، فالأمر محير ويعتمد على الكثير من العوامل. حيث الاسم قد يشير للطبقة الاجتماعية والخلفية الثقافية، فقد تختار عائلة اسم غربي ليواكبوا الموضة، لكن في بعض الأحيان يعتمد على البلد، فقد يسمي المغتربون اسم يسهل لفظه على الأجانب.

 

كما أن أسماء قد عفا عليها الزمن، مما يؤدي بعض الوقت إلى نزاعات حول أن يتمم تسمية الاسم على اسم الجدة، لكن أحيانا للاسم وقع جميل ويفرض الاسم نفسه.

 

أما اسم العائلة قصة أخرى فبالرغم من أنه غالبا اسم غريب ليس له معنى أو اسم صنعة وما إلى ذلك، إلا أن له تأثير كبير في حياة الشخص، لكل عائلة قصة، فيلاحق الشخص الصورة النمطية سواء بالإيجابية أو السلبية.. اسم عائلتي "أبو هلالة" على رأي جدي هو خطأ لغوي، فالهلال لا يؤنث! وقسم من العائلة ينسبون للعشيرة الأكبر "كريشان".

 

كنت أعتقد أن اسم عائلتي هو الذي يشكل لدى الناس صورة أنني أحب الصحافة.. فعندما يسألونني يتأكدوا من صحة اعتقادهم ثم اسمع عبارة "بدك تكوني زي بابا" والناس يذكرونها لأنهم يريدونني أن أنجح مثل والدي، إلا أنني كل ما أسمع هذه الجملة أشعر بأنني أقارن به، وهي مقارنة غير منصفة، فأنا لا أعرف إذا ما سأكتب بحرفية أبي.. كما تشعرني بأنني تتمة لوالدي بالرغم من أنني إنسانية منفردة ومستقلة.

قد تحمل الأسماء معاني جميلة لكن نحن من نضيف عليها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.