شعار قسم مدونات

مؤتمر فتح.. تقدم عباس وخسرت فتح

Palestinian President Mahmoud Abbas (C) casts his vote at the Muqataa, the Palestinian Authority headquarters, in the West Bank city of Ramallah, 03 December 2016. The 7th Fatah Congress elected Palestinian President Mahmoud Abbas as head of the Fatah Party, and is expected to elect members of its Central Committee.

شكل مؤتمر حركة فتح السابع الذي انعقد في رام الله مرحلة فاصلة في الصراع الشخصي الشديد بين رئيسها الحالي محمود عباس وعضو اللجنة المركزية للحركة المفصول محمد دحلان.

 

وبتجديد فتح لعباس رئاسة الحركة، فإنه يكون بذلك قد تقدم أمام منافسه الطامح دحلان والذي سبق لعباس أن وجه له ضربات قوية بفصل أشخاص مقربين منه من عضوية المجلس الثوري (هيئة وسيطة بين اللجنة المركزية والمؤتمر العام) وغيرهم من القيادات إضافة لتجميد رواتب العشرات من أنصاره.

 

وقد أوصل الرئيس الفلسطيني بهذا التجديد رسالة قوية للرباعية العربية التي بدت متحمسة لدحلان على أمل أن يتمكن من تحقيق إنجاز على غريمه عباس وقيادة الحركة لتوقيع سلام مع إسرائيل يتجاوز عقدة الاستيطان ويهودية الدولة اللتان تتمسك بهما إسرائيل في أي تسوية قادمة.

 

ورغم أن عباس أكد في خطابه في المؤتمر أن السلام هو خياره الاستراتيجي رافضا أي شكل من أشكال المقاومة إلا السلمية منها، إلا أنه أكد في نفس الوقت رفضه يهودية الدولة، كما وجه فيه رسائل إيجابية للرباعية العربية التي تريد استبداله بدحلان حينما هاجم الربيع العربي قائلا "إنه لا ربيع ولا عربي"!!

 

وكان دحلان حاول تعزيز دوره في الحركة من خلال تسهيل حركة الأشخاص وفتح المعابر في قطاع غزة بالتفاهم مع مصر، وعقد مؤتمرات لرجال أعمال وغيرهم في العين السخنة بمصر، كما قام عبر مفاتيحه في الضفة بضخ الأموال لأتباع فتح في المخيمات الفلسطينية لكسب ولاء أعضاءها هناك، ولكنه بالمقابل لم يتمكن من استمالة حركة حماس التي كانت منحازة أكثر لعباس من خلال إلقاء كلمة تصالحية باسم رئيس مكتبها السياسي في مؤتمر فتح.

 

لم يؤد المؤتمر إلى إحداث انقسام في الحركة، ولكنه يبدو أنه كرس الشرخ داخلها بين عباس ودحلان إضافة للخلافات القديمة في داخلها.

 

وبذلك يكون عباس قد تخطى مرحلة في معركة النفوذ والصراع مع دحلان، ولكن ذلك ليس كل شيء ولا هو نهاية المطاف. فتدخل الدول العربية بهذا الشكل السافر في الحركة يفتح الخط لتكهنات عديدة بمستقبلها بين الصمود والانشقاق، كما أنه يؤسس لمرحلة خطيرة من التدخل العربي لصالح إنجاز برنامج في فتح -وهي التي تقود السلطة الفلسطينية-  بحيث يكون هذا البرنامج هو تقديم المزيد من التنازلات لإسرائيل تساعد الدول العربية في تطبيع علاقاتها مع العدو حتى قبل إنجاز التسوية، ومحاولة التحالف مع إسرائيل لمواجهة ما يسمى الخطر الإيراني.

 

وينذر هذا بتحول هذه الحركة لأداة بيد الدول العربية بعد أن يتم دعمها لمواجهة برنامج المقاومة الذي تمثله حركة حماس، ما يعني أن القضية تكون دخلت منعطفا خطيرا لا يعرف نهايته.

 

يخشى المخلصون أن تكون النتيجة النهائية لمؤتمر فتح السابع هي تقوية عباس في الصراع الشخصي مع دحلان، على حساب البرنامج الوطني للحركة

ويساعد في هذا عدم وجود برنامج وطني حقيقي في الساحة الفلسطينية يصيغ توافقا على الحد الأدنى من الثوابت التي تضع حدا للتنازلات التي قد تقدم عليها فتح (بقيادة عباس أو دحلان لا فرق) الأمر الذي يعني استمرار تقديم التنازلات للعدو دون ثمن، ويساهم في إضعاف الحركة التي قادت النضال الفلسطيني في مرحلة ما.

 

والخطير في الخلاف الفلسطيني وتداعياته أنه يأتي في وقت تعيش فيه قضية الشعب محاولات للتصفية بعد تراجع أهميتها من قبل العدو المدعوم أميركيا في ظل إصرار إسرائيل على الاستيطان والتهويد ورفض عودة اللاجئين والإصرار على يهودية الدولة.

 

فالمطلوب عربيا ودوليا هو تقوية فتح أمام حماس قائدة المقاومة، وجعل حركة فتح رهينة للقرار العربي الذي يتقدم باتجاه التطبيع مع العدو، وهو ما عبر عنه نتنياهو مؤخرا بالقول إن هناك تغييرا حدث في المنطقة باتجاه الدول العربية للتطبيع قبل إنجاز الحل والتطبيع مع الفلسطينيين أولا.

 

يخشى المخلصون أن تكون النتيجة النهائية لمؤتمر فتح السابع هي تقوية عباس في الصراع الشخصي مع دحلان، على حساب البرنامج الوطني للحركة التي يراد لها قيادة الشعب لتسوية سياسية تضع حقوق ومطالب الشعب الفلسطيني في مهب الريح.. فهل يتحقق هذا؟!

 

 نأمل أن لا تكون هذه هي النتيجة، لأن قوى الشعب الفلسطيني والمخلصين من فتح وعموم الفلسطينيين لا يزالون يقاومون وينتفضون، ويسعون لاستمرار وضع القضية في سكتها الصحيحة. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.