شعار قسم مدونات

الجوع والحصار سِلمٌ واستقرار

blog مساعدات

يبدو أن السياسة الدولية التي لم تتضح حتى الآن فيما يحصل في سوريا وميولها الأكبر لدعم نظام الأسد أثّرَا بشكلٍ كامل على سياسة الحيادية المتبعة في الهيئات الإنسانية التي أصبحت أداةً منفذةً لكل ما يريده السياسيون مستخدمين التجويع والتغيير الديموغرافي أداةً للضغط على الشعوب من أجل التنازل عن أبسط حقوقهم بدعوى تحقيق السلم والاستقرار.
 

 يوم السبت التاسع من شهر تموز/يوليو أطبقت قوات الأسد، وحلفاؤه الروس والمليشيات المساندة له بالتعاون مع قوات حماية الشعب الكردية الحصار على المدنيين في مدينة حلب مما منع دخول المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية وفي تصريحٍ للأمم المتحدة بعد ثلاثة أيامٍ فقط، قالت المنظمة "إن مدينة حلب تحتاج إلى استجابة سريعة لإدخال المساعدات الإنسانية وتأمين عبور للمدنيين وإجلائهم" ودعت الروس وقوات الأسد لافتتاح معابر وهمية لدعم العملية الإنسانية بينما يستمر القصف على المناطق المحاصرة وعلى أماكن المعابر "الإنسانية".

 

الأمم المتحدة لم تستطع إيقاف القصف ولم تستطع إدخال المساعدات عبر منفذ أمنه الثوار، بل أدخلتها عن الطريق الذي تسيطر عليه قوات الأسد

وبقيت المدينة بدون أي طريقٍ أو وقفٍ للقصف الذي طال منذ أول يومٍ المجمعات والأماكن الحيوية في المدينة كالمشافي والمدارس والمستوصفات ومراكز الدفاع المدني، لم يكمل الحصار شهرا إلا وكان الثوار قد تمكنوا من فتح طريقٍ من المناطق الجنوبية الغربية للمدينة بعد تحريرهم كليات المدفعية وما حولها وبدأت المواد الغذائية والوقود والمساعدات الإنسانية الدخول إلى المدينة واستطاع المدنيون الدخول والخروج منها.

ونظراً للاستجابة "السريعة" من الأمم المتحدة التي لم تستطع إيقاف القصف العنيف والمستمر على المدينة وعلى الطريق ولم تستطع إدخال أي مساعداتٍ إنسانية إلى المدينة التي أصبحت تحتوي على منفذٍ أمنه الثوار من الأرض ولا قدرة لهم أن يؤمنوا السماء، أعلنت الأمم المتحدة عبر الهيئة الإنسانية التابعة لها WFP عن رغبتها في إدخال مساعداتٍ إنسانية إلى المناطق "المحاصرة" في مدينة حلب عبر طريق الكاستلو الذي لا تزال السيارات المحروقة وجثث المدنيين المتفحمة على أطرافه والذي تسيطر عليه قوات الأسد وحليفته قوات الحماية الكردية، وتأمينه كممر إنساني ضمن الاتفاقية بين الأمم المتحدة مع روسيا على هدنة 48 ساعة كل أسبوع.

 

مما يعطي الشرعية لقوات الأسد وحلفائها باستحلال طريق الراموسة بشكلٍ كامل بالقصف والاشتباكات، بالإضافة إلى عملية السيطرة على قوت الناس من المساعدات المقدمة من الهيئات الإنسانية الحكومية ومنع المساعدات الإنسانية غير الحكومية من الدخول.

 

ويضاف إلى ذلك استمرار القصف المؤدي إلى النزوح خارج المدينة مروراً بقوات الأسد التي تدعي فتح طريقٍ إنساني، بالإضافة لإيقاف جميع العمليات العسكرية لفتح الطريق ويساعد النظام في التحرك بكل أريحية لإدخال المعدات العسكرية والإمدادات، مع العلم بأن برنامج الغذاء العالمي قد خفّض حصة مدينة حلب المحاصرة من 25 ألف سلة إغاثية إلى 8 آلاف فقط!!
 

القرارات الدولية تنص على إدخال المساعدات الإنسانية مهما كلف الأمر دون الرجوع إلى السياسة

الثوار والناشطون في المجال الإنساني والإغاثي رفضوا الطريق المعلن من قبل الأمم المتحدة وذراعها برنامج الغذاء العالمي لأجل الأسباب الواردة قبلاً وعبروا ببياناتٍ عن استنكارهم لانحياز البرنامج إلى قوات النظام أسوةً بما حصل في المدن المحاصرة التي تدخل مساعداتها أيضا بعد رضا قوات الأسد التي تحاصرها، فكان الرد سطحياً بأن طريق الكاستلو طريق آمن وواسع وأن طريق الراموسة طريق يتعرض للقصف والاشتباكات كما أنه ضيق!! الأمر الذي طار إلى ذهني قصف طائرات التحالف لجسر خانطومان وكأنها حيكت بشكلٍ كامل.

سيناريو آخر كسيناريو مضايا وداريا والغوطتين والوعر، على المجتمع الدولي أن يتذلل للأسد من أجل أن يدخل المساعدات الإنسانية إلى المدن السورية المحاصرة والنفاق السياسي من المنظمات الإنسانية "الحيادية" كالصليب والهلال الأحمر وبرنامج الغذاء العالمي وغيره، رغم أن القرارات الدولية تنص على إدخال المساعدات الإنسانية مهما كلف الأمر دون الرجوع إلى السياسة، وللعلم فقد وثق برنامج الغذاء العالمي 100 إسقاطٍ للمساعدات الإنسانية على مدينة دير الزور المحاصرة المسطر عليها من قبل قوات الأسد.

أستطيع أن أجزم بأن مدعي الإنسانية والحيادية هم جميعا في خندقٍ واحد ضد الشعب السوري وضد ثورته. المعضلة أن الثوار إذا رفضوا إدخال المساعدات الإنسانية إلى المدينة فستدينهم كل المنظمات الدولية بينما الأسد يستطيع أن يفعل ما يحلو له. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.