شعار قسم مدونات

داريا.. انتصار من ورق

blogs-داريا
رغم محاولات النظام السوري المكثفة إظهار خروج السبعمئة مقاتل من داريا على أنه نصرٌ مبين، لم يخف جمهور الموالاة على شبكات التواصل شعورهم الغاضب من مشاهدتهم لباصات تقل مسلحين بعتادهم الكامل وهم يلوحون للمارة بإشارات النصر حاملين كاميراتهم التي تصور أهم الأحياء الموالية دون أن يعترضهم أحد.
 
خروج مقاتلي الجيش الحر بعتادهم أمام أعين النظام وشبيحته هو مسمار جديد يدق بنعش الدولة الأسدية التي تحولت لمليشيا غير قادرة على إسقاط مدينة صغيرة مثل داريا

لاشك أن مشهد الأهالي والمقاتلين الخارجين من داريا بعد حصار دام لسنوات أربع يبدو وكأنه نهاية لصمود طويل، إلا أن العارف بجغرافية داريا وقربها من أهم مربعات النظام الأمنية يدرك سقوط هيبة نظام كان منذ سنوات خمس يفاخر بسيادته التي تجاوزت حدود سوريا حتى.
 

لا تبعد داريا عن مركز مدينة دمشق سوى ثمانية كيلومترات. فمن الشمال يحدها حيي المعضمية والمزة، من الجنوب صحنايا ومن الشرق أحياء المزة وكفرسوسة والتي تحوي أهم مراكز النظام الأمنية، هذا غير مطار المزة العسكري الذي لا يبعد أكثر من ثلاثة كيلومترات عنها.
 

سقط على داريا أكثر من ثمانمئة برميل متفجر وحاول النظام منذ حصارها في ال 2012 أن يقتحمها لمئات المرات التي فشلت رغم التفوق العسكري والعددي لقوات النظام ومساعدة المليشيات الأجنبية معه.
 

مقاتلي الجيش الحر في داريا تركوا مدينتهم بغصة، إلا أن خروجهم بعتادهم أمام أعين النظام وشبيحته هو مسمار جديد يدق بنعش الدولة الأسدية التي تحولت لمليشيا غير قادرة على إسقاط مدينة صغيرة مثل داريا وأجبرت على إخراج من كانت تقصفهم وتجوعهم دون أن يسلموا سلاحهم حتى.
 

في شهر آب/أغسطس 2012، ارتكب النظام مجزرة مروعة في داريا راح ضحيتها أكثر من ثمانمئة شهيد كان النساء والأطفال غالبيتهم، أعتقد النظام يومها أن مجزرته ستقضي على المقاومة المسلحة في المدينة.. وهاهم اليوم المقاومون الدارانيون يتنقلون بأحياء دمشق بأعين مليئة بالفخر لينضموا لإخوانهم من المقاومين السوريين في إدلب.
 

كل الدلائل من داريا إلى الحسكة وحلب وحوران تؤكد أن سوريا الأسد ذهبت دون عودة ولم يبقى منها سوى نظام كان يفاخر بجيشه العرمرم الذي يقض مضاجع "الإرهابيين" ثم تحول لمليشيا لم تعد قادرة على القضاء على سبعمئة مقاوم تمكنوا من حماية داريا لأكثر من أربع سنوات.
 

الأمنية المثلى للنظام كانت القضاء على هؤلاء إلا أنه لم يتمكن إلا من إضافة قواتهم إلى قوات أخرى محصنة في الشمال السوري تنهكه وقواته الحليفة في حلب.
 

ما جرى في داريا سيكون حافزاً مهماً للمقاومة في الغوطة الشرقية أهم معاقل المعارضة المتبقية قرب دمشق كي توحد قواها وتركز معركتها على النظام 

جغرافياً تمكن النظام من احتلال أراضي داريا، غير أن النظام لم يستطع النيل من صمود ومقاومة داريا والقضاء على حركتها المقاومة، والتي سينضم أفرادها للمقاومة السورية في أجزاء الوطن السوري الأخرى ليزيدوا من إنهاك النظام في الشمال السوري الذي بات بحلبه وإدلبه محرقة ترمي فيها إيران من يواليها من العرب والأفغان، وتركز المقاومات السورية هذا في الشمال لن يكون إلا مقدمة لتحرير سوريا من أبشع قوة احتلال عرفها التاريخ السوري.
 

ما جرى في داريا سيكون حافزاً مهماً للمقاومة السورية في الغوطة الشرقية أهم معاقل المعارضة المتبقية قرب دمشق كي توحد قواها وتركز معركتها على النظام الأسدي الذي يترقب التغيرات الدولية بخوف شديد خاصة أن مرحلة الانعزالية الأوبامية ستولي في شهر تشرين الثاني نوفمبر مع رئيس جديد في البيت الأبيض لا يتفق مع سياسة أوباما غير الحازمة مع نظام الأسد.
 

هذا غير التغيرات الداخلية من هزائم النظام في الحسكة، ودخول القوات التركية إلى جرابلس بالإضافة إلى معارك حلب والتي أفقدت النظام مواقع مهمة في عاصمة سوريا الاقتصادية حلب.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.