شعار قسم مدونات

عش حياتك كما تريد

BLOGS- FQAAT

كنتُ وما زلت أسأل ماذا عن علاقاتنا بالناس؟ لماذا نحسب لهم ألف حساب؟ لماذا نقوم بتصرفات حتى لا يتكلم عنا الآخرون؟ لماذا نتجنب تصرفات أخرى كيف لا تكلم الآخرون؟  لماذا وصلنا إلى درجة أصبح فيها كلام الناس هو الأساس لدينا ؟؟ لماذا أصبح رأي الناس أهم من رأينا؟ وكلام الناس أهم من سعادتنا؟ ونظرة الناس لنا أهم من نظرتنا لأنفسنا؟ .

كم مرة لم نمارس ما نحب لكي لا يتكلم الناس عنا؟ كم مرة منعنا أنفسنا من الضحك لكي لا يُقال مجنون ؟ كم مرة لم نلعب بالكرة في الحديقة لكي لا يُقال عنا أطفال؟ كم مرة منعنا أنفسنا من إظهار الحب لآخرين لكي لا يُقال "رامي حاله" ؟ كم شاباً خطب فتاة وكان سعيداً جداً لكن في يوم زفافه لم يبتسم خشية من كلام الناس؟ كم زوجاً أحب زوجته لكنه خشي أن يُظهِر حبه لكي لا يُقال سحرته زوجته؟.

فرحتك بخطوبتك… بزفافك… بتخرجك … ستزداد إن فعلت كل ما تتمناه وتشتهيه، إيّاك أن تدع شيئاً في نفسك  تستطيع القيام.

كثيرة هي المواقف التي أعجز عن حصرها أو عدِّها.. وكلها تستوقفني بشدة.. يستوقفني عجزنا عن عيش حياتنا بالطريقة التي نريد خوفاً من كلام الناس فقط.. يستوقفني ألا نظهر سعادتنا.. حبنا.. حزننا.. صداقتنا.. وحتى جنوننا حتى نمنع كلام الناس ونظراتهم التي لن تنتهي ولن تتوقف.

لن يتوقف ذاك عن مراقبتنا، ولن تتوقف تلك عن إطلاق الشائعات عنّا، لن يتوقف زميل عن ترصّد أخطائنا بالعمل، ولن تتوقف فتاة عن تفسير حياتنا كما تريد هي.. إذاً؛ فلماذا نعيش كما لا نحب بل نعيش كما يشتهون..

لماذا نخسر سعادتنا.. صداقتنا.. فرحتنا.. حبنا.. حتى نمنع كلاماً سيُقال في كل الأحوال..
لماذا لا نبكي بحرقة عند وفاة شخص نحبه خوفاً من كلام الناس؟ لماذا لا ترقص الفتاة فرحاً يوم زفافها ممن تحب خوفاً من كلام الناس؟ لماذا لا تذهب للحديقة لكي تلعب بالمراجيح؟ لماذا لا تشتري سندويشة الفلافل لتأكلها في منتزه مجاور بدلاً من الذهاب لتناول السوشي والفيتوتشيني في أرقى المطاعم؟ 

لماذا يجب أن نشتري من المحلات العالمية ذات الماركات العريقة لباسنا حتى ولو لم يعجبنا حتى لا يُقال عنا أننا أصحاب ذوق سوقي؟ لماذا ولماذا ولماذا؟

يا من تقرأ كلماتي هذه، اعلم أن العمر لحظات، وأن صداقتك بهذا ستزداد إن كنت معه بعيداً عن كلام الناس، حبك لزوجتك لن ينقصه كلام الناس، لكن سيزيد مع التعبيرعنه وإشعارها به، فرحتك بخطوبتك.. بزفافك.. بتخرجك.. ستزداد إن فعلت كل ما تتمناه وتشتهيه، إيّاك أن تدع شيئاً في نفسك كنت تستطيع القيام به ولم تفعل..

إن عشت سعيداً ستجد من يشاركك سعادتك … ولكن إن عشت حزيناً ستجد من يقف بجوارك ثم يتركوك وقد ملوا من حزنك. 

إياك أن تخسر علاقةً ما بسبب الناس.. إحزن كما تريد.. افرح كما تريد… أَحِبّ كما تريد..
إن كنت تريد أن تمارس شيئاً يُسعدك وعلامة امتحانك الأخير لم تكن جيدة فمارس ما تحب وتجاهل قول زملائك "ما عنده إحساس بعلامته"، إن كنت حزيناً وأنت في احتفال كبير فلا تشارك فيه وانسحب.

عش حياتك كما تريد.. عش حياتك بعيداً عن همك بما يفكر فيه الناس.. بعيداً عن تحليلات الزملاء وظنون الأقارب.. بعيداً عن كل شيء لا يتماشى مع ذوقك ورأيك ومشاعرك..
فأنت إن عشت كما تريد ستكفيك السعادة التي عشتها.. وإن لم تعش كما تريد فلن يكون أحد بجوارك.. ولن يعيش حزنك أحد.

اترك الناس يفكرون كما يشاؤون.. فلهم ظنونهم وأفكارهم.. ولك وحدك مشاعرك
إن عشت سعيداً ستجد من يشاركك سعادتك.. ولكن إن عشت حزيناً ستجد من يقف بجوارك ثم يتركوك وقد ملوا من حزنك.. فستعود وحيداً كما كنت.. حينها كلمة ليتني عشت كما أريد لن تفيدك.. 

عِش بجنون.. فما لذة العيش إلا للمجانين، دعك من الحزن والهم ودعك من كلام الناس.. فهي أول مدمر لكل شيء في الحياة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.