شعار قسم مدونات

لماذا فعّلت شركة آبل حسابها رسميًا على تويتر؟

blogs - apple
لعل الكثيرون ممن لفت انتباههم توثيق حساب شركة آبل على موقع التدوين المصغر تويتر، تساءلوا عن سبب توثيق الحساب في هذا الوقت بالذات، لا سيما أن المعرّف @Apple مسجل على الشبكة منذ عام 2011.

لو تعاملنا مع الحدث على مستوى التوقيت، لوجدنا أن إطلاق الهاتف المرتقب آيفون 7 في السابع من شهر سبتمبر الجاري، أحد أقرب الأسباب، لا سيما بالنظر إلى الصفعة القوية التي تعرضت لها سامسونج قبل أيام من خلال مشكلات البطارية في هواتف جالاكسي نوت 7، التي دفعت الشركة إلى سحب الأجهزة من الأسواق، فضلا عن مواجهة آبل أصلًا خلال الربعيين الأخيرين لانخفاض في إيرادات هواتف آيفون، حيث بلغ الانخفاض للربع الثالث من السنة المالية 2016 ما نسبته 23 في المائة، وشكلت هذه الأرقام تراجعًا في مبيعات هواتف آيفون للمرة الثانية في تاريخ الجهاز، وتثبت أن تراجع مبيعات الهاتف في الربع السابق من العام الجاري لم يكن الوحيد.

ولا نهمل الدراسة الاستقصائية الجديدة، التي أجرتها شركة البحوث الاستشارية للولاء للعلامات التجارية والتفاعل العاطفي “براند كيز”، والتي خلُصت إلى أن “آبل تفقد قدرتها على الابتكار”، حيث تراجعت من المركز الأول إلى المركز الرابع؛ فمن المنطقي قراءة حدث “التفعيل الرسمي لحساب آبل على تويتر” على أنه محاولة جديّة من الشركة لاتباع سياسة جديدة تضيء شمعة للمستقبل، ولضمان الاحتفاظ بمكانتها في السوق العالمية، لا سيما أن علاقة آبل مع السوق الأوروبية غير مستقرة، خصوصًا بعد اتهام الاتحاد الأوروبي إيرلندا بتوفير امتيازات ضريبية لآبل، حيث طالب الاتحاد الأوروبي شركة آبل بدفع مبلغ 14.5 مليار يورو لإيرلندا؛ ما يعادل مجموع 11 عامًا من الضرائب المستحقة.
 

بلغ الانخفاض للربع الثالث من السنة المالية 2016 في إيرادات هواتف آيفون ما نسبته 23 في المئة.

وأشار الاتحاد إلى أن الدول الأعضاء لايمكنها إعطاء امتيازات ضريبية غير عادلة لشركات مختارة، ولكن آبل وإيرلندا ترفضان الحكم وتنويان الاستئناف، هذه القضية سرعان ما تحولت إلى فرصة استغلها نائب رئيس الوزراء التركي، محمد شيمشك، بتغريدة نشرها على حسابه على تويتر تقول: ” على آبل الانتقال إلى تركيا، يسعدنا تقديم محفزات ضريبية كبيرة، ولا داعي للتعامل مع بيروقراطية الاتحاد الأوروبي”.

وإن أخذنا “حدث التوثيق”، نحن الصحفيون التقنيون العرب على مستوى “بشارة خير”، لطالبنا من شركة آبل ومن جميع الشركات التقنية العالمية المتواجدة في منطقة الشرق الأوسط، المزيد من الخطوات التي تسهل وصول التقنية للناطقين باللغة العربية، لنقل السوق العربي، من “مستهلك” إلى “مستخدم” ولما لا يكون منتجًا!، من خلال قنوات لدعم المحتوى التقني العربي، ودعوني أذكر لكم إحدى هذه القنوات، على سبيل المثال لا الحصر؛ الدعم الإعلامي “المؤتمرات الصحفية، التصريحات،الرد على الصحافة، ..الخ.

ولا أود أن أخوض بحديث طويل، لكن لو حاولنا أن نقرأ حدث تفعيل حساب آبل على تويتر، كخطوة للتطوير والتوسع في العلاقات، لوجدناها تصب في مصلحة تويتر، الذي يعاني أصلًا من تباطئ في النمو، حيث استقطب 3 ملايين مستخدم جديد فقط، في الربع الثاني من العام المالي 2016، ليتواجد حاليًا زهاء 313 مليون مستخدم نشط شهرياً للخدمة، مما يشكل زيادة بنسبة 3 في المائة فقط، بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وفرصة لآبل لخلق أسلوب جديد في تقديم نفسها كشركة أكثر قربًا من المستخدم.

وعلى صعيد التوسع والعلاقات، نستحضر أيضا التعاون الجديد بين شركتي آبل وفيس بوك، الذي تم الإعلان عنه مؤخر، وهو دمج المساعد الصوتي سيري في تطبيق التراسل الفوري واتس اب المملوك لشركة فيس بوك، لتنضم بذلك إلى معسكر آبل في سوق المساعدات الصوتية، في ساحة تشهد حربا طاحنة بين كورتانا من مايكروسوفت وجوجل ناو، وجوجل هوم وإيكو من امازون.

لنجد على الصعيد الآخر، القطب جوجل، بعتاده الكبير جدًا أذكر منه نظام التشغيل أندرويد، الذي يمتلك أكثر من مليار ونصف مستخدم نشط، وجوجل كروم المتصفح الذي يمتلك أكثر من مليار مستخدم، وحديثا تطبيقها للتراسل المرئي دو، الذي تفوق على اللعبة الشهيرة بوكيمون جو، على مستوى عدد التنزيلات من جوجل بلاي، وذلك عقب يومين فقط من إطلاقه، ولوحة المفاتيح الذكية “جي بورد”، والمنافس القادم “ألو”.

ولا أنسى فتح باب التعامل الكبير بين جوجل ونوكيا، من خلال هواتف مرتفعة المواصفات تعمل بنظام التشغيل أندرويد إصدار “نوغا” تحمل علامة نوكيا التجارية، وتنبؤات عن هاتف مشترك بين العملاقتين يحمل علامة G، -سلسلة تعوّض هواتف نيكسوس-، “سأكون من مترقبي الهاتف إن صحت التنبؤات”.

تقنية الواقع الافتراضي فرصة قد تكون بابًا لشركة مثل بلاك بيري لتدخل من خلاله السوق مجددًا.

فهل تسير آبل ولو بشكل مختلف على خطى شركات بسطت نفوذها على السوق سابقًا، مثل نوكيا وبلاك بيري، من حيث انحسار الحصة السوقية لتصل إلى الخروج من دائرة المنافسة، مع محاولات للبقاء في السوق مثل نظام ويندوز فون، حيث رُصد تراجع عدد الهواتف المباعة من 8.2 مليون هاتف في عام 2015 إلى أقل من 2 مليون هاتف هذا العام. ومحاولات للنهوض من قبل شركة بلاك بيري عبر إطلاق عدة هواتف مؤخرا تعمل بنظام أندرويد، “نهوضٌ استبعده خلال السنتين القادمتين، وأرى تقنية الواقع الافتراضي فرصة قد تكون بابًا لشركة مثل بلاك بيري لتدخل من خلاله السوق مجددًا”.

أم لآبل خطة تضمن بقائها في السوق، لتثبت رؤية رئيسها التنفيذي تيم كوك، حيث قال في إحدى مقابلاته ردًا على منتقديه: ”ستيف كان مُبدعًا، ولا أعتقد أن أحدًا من هؤلاء في العالم يُمكن أن يحل مكانه، لذا لم أشعر لمرة واحدة أنني أحاول أن أكون ستيف. فهو ليس مثلي، وليس من أهدافي في الحياة أن أكون مثل ستيف. أنا ما أنا عليه الآن، وهذا ما أركز عليه دائماً وهو أن أكون رئيساً تنفيذياً عظيماً لشركة آبل”.

في إشارة من كوك لوضع اسمه بجانب “ستيف جوبز” وهو طموح كبير، يستطيع تيم تحقيقه بسبب قيادته لشركة بحجم آبل، فإن تحققت رؤية تيم كوك، وساقها نحو الإبداع، فسنجدها في منتجات شركة آبل القادمة على كافة المستويات، وهواتف آيفون -نظام التشغيل iOS ضمنًا- على رأس القائمة، والأهم أن نجدها نحن “العاملون في حقل الإعلام التقني” في خطوات حقيقية من قبل آبل وبقية الشركات التقنية العالمية المتواجدة في المنطقة؛ خطواتٌ تتجلى في فتح باب التعاون في مجال الإعلام التقني لتيسير ودفع عملية “دعم المحتوى العربي”.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.