شعار قسم مدونات

أنتم من قتل ناهض حتر

blogs-ناهض حتر

لم يكن مستغربا مقتل الكاتب اﻷردني ناهض حتر صبيحة اليوم من 25 سبتمر، نعم إن الشارع اﻷردني ضج بعد استهزاء اﻷخير بالدين اﻹسلامي وبسيدنا محمد صل الله عليه وسلم، على مدار فترة طويلة خلال منشوراته المختلفة على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، حتى ختمها مؤخرا قبيل اعتقاله باستهزائه هذه المرة بالذات اﻹلهية حيث نشر على حسابه على الفيسبوك رسم كاريكاتوري مستفز، ما أدى في النهاية إلى حبسه على ذمة التحقيق بأمر من النائب العام.
 

من المعروف أيضا أن الكاتب حتر هو من مناصري النظام السوري وبشار اﻷسد، اﻷمر الذي زاد من عداء الشعب اﻷردني له، كان من المفترض أن تبقى هذه العداوة وهذه السجالات فقط خلال مواقع التواصل الاجتماعي لا أكثر.
 

لكن ربما أن ما زاد من احتقان الشارع اﻷردني -على استحياء- في هذه القضية بالذات، هو كيل الحكومة اﻷردنية بمكيالين أو أكثر، عندما تتعامل مع قضايا مماثلة، وربما أن تعاملها هذا نابع من اتسام مثل هذه القضايا بالطابع الشخصي، بمعنى أن المسؤول اﻷردني يلجأ إلى تفعيل القوانين من عدمه نظرا لحقده على هذا الشخص وتربصه له، أو نظرا لرضاه عنه بغض النظر عن تصرفاته!
 

في الأردن انتقاد مسؤول يؤدي فورا وبسرعة لتطبيق قانون قذف المقامات العليا، بينما قذف الذات اﻹلهية من التفاهة بمكان أمام المسؤول اﻷردني.

فمثلا لا ينسى الشارع اﻷردني كيف أن القيادي في جماعة اﻷخوان المسلمين "زكي بني ارشيد" حكم عليه بسنتين ونصف السنة فورا بعد أن تطرق في أحد منشوراته على حسابه في فيسبوك إلى انتقاد أحد الدول الخليجية، كذلك اعتقال الداعية الوسطي "أمجد قورشا" والذي قضى خلف القضبان ما يقارب الثلاثة أشهر دون محاكمة بعد أن أمر النائب العام بتوقيفه على خلفية فيديو بثه قبل نحو عامين انتقد خلاله قرار الحكومة اﻷردنية مشاركة التحالف الدولي بحربه على تنظيم داعش.
 

بينما ظل ناهض حتر على مدار السنتين الماضيتين تقريبا وهو يبث عدائه إلى اﻹسلام والمسلمين حتى وصل اﻷمر إلى محاولته إشعال فتنة بين أطياف الشعب اﻷردني المنسجم بتناغم تام، لم نر وقتها تلك اﻷجهزة اﻷمنية التي اعتقلت بني ارشيد وقورشا وهي تعتقل أيضا حتر!
 

في ذات الوقت لا يجرؤ أحد مثلا من الشعب اﻷردني توجيه انتقاد -على اﻷكثر- ليس مسبة أو استهزاء لأحد من المسؤولين الكبار في البلد، كونه سيطبق عليه فورا وبسرعة البرق قانون قذف المقامات العليا، بينما قذف الذات اﻹلهية من التفاهة بمكان أمام المسؤول اﻷردني.
 

إذا هذه الازدواجية في القرارات عند تطبيق القوانين، والتي تتخذها الحكومة اﻷردنية وأجهزتها اﻷمنية ديدنا في التعامل مع القضيا التي تمس وحدة النسيج الاجتماعي اﻷردني، هذه الازدواجية هي من أطلقت النار على الكاتب ناهض حتر وتركته مدرجا بدمائه أمام قصر العدل بعمان.
 

أنا متأكد بأن الشخص الذي أطلق النار على حتر لا ينتمي إلى أي جماعة من أي نوع، وفي خضم ذلك فإن شخصا مثله ربما عديم الدراية ولا يمتلك أفق في التفكير والتعاطي مع القضايا الحساسة بسيط محدود الذكاء، هو ليس بحاجة للالتحاق بجماعة متشددة أو متطرفة ليقوم بقتل الكاتب حتر، هو فقط بتفكيره البسيط يحتاج فقط ليكون مطلعا على تصرفات حكومة بلده ليرتكب مثل هذه الجريمة البشعة والتي نستنكرها بشدة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.