شعار قسم مدونات

مشاريع الشباب إلى أين؟

blog عمل الشباب

فلسفة وثقافة المشاريع الصغيرة الشخصية الإبداعية والخاصة.. أخذة بالتزايد والاستمرار نحو مستقبل غير مشجع ومجهول المعالم في ظل ثقافة اجتماعية سلبية سائدة وزائدة.

تزايد الضغوط المادية والنفسية على الشاب في مقتبل عمره سواء للدراسة أو الزواج أو في ما يطمح له من أشياء تعد حقوقاً في دول أخرى أنشأت وكوّنت ملامح ما أسميه الشاب ورحلة البحث عن مشروعه الصغير.

تتطور قدرات الشاب بشكل متسارع ورهيب لخدمة مشروعه.. والبدء به.. بالتالي فإنه يحتاج دعمه ممن هم حوله من أقاربه وأصدقائه ومعارفه.

في ظل انتشار صفحات العمل الشخصي على مواقع التواصل الاجتماعي نلاحظ هذه الظاهرة بشكل ممتاز.. أصبح الشاب عند بدايته للمشروع يفعّل صفحة تخص ذلك المشروع ويبدأ في العمل به أو التسويق له فالإنترنت ومواقع التواصل -الأماكن الأكثر حرية وأقل ضغطاً من الواقع- تعد بيئة خصبة لذلك المشروع الصغير والطموح.

وفي سيناريو مقترح لوالدة ومخاض مشروع ذلك الشاب المبدع الطموح.. تبدأ تلك الفكرة -فكرة تكوين المشروع- تتبلور في المرحلة الجامعية.. يعيش في حالة من تكون فراغ الوقت.. وقلة المال.. وقوة العقل وعامل الحركة.. والبعد نوعا ما عن مجاله وتخصصه لعدم وجود بيئة علمية منهجية أوغير منهجية تضمن إشغاله لوقته وجهده..
 

يستمر ذلك الشاب باحثاً عن الفكرة التي تقضي على جزء من وقته.. وعند مشاورته لأحد الدوائر الاجتماعية الجامعية الأكبر منه سنًّا.. يُشيرون عليه بالتطوع بالمجان.. أو الالتزام بعمل ما مقابل أجر ولكنه يقتل كامل وقته.
 

يستمر ذلك الشاب في جمع المعلومات أو تجربتها بنفسه فيجرب العمل التطوعي وتبعاته من استغلال الوقت وتكوين علاقات وزرع مهارات الاتصال والتواصل.. ويجرب الالتزام بالعمل الذي يذهب بكامل وقته ومن الممكن أن يؤثر عليه دراسياً ولكنه يعود عليه بدخل مادي بسيط.. بعد هذا السيناريوالمقترح.

يقتنع بضرورة تكوينه لمشروع خاص.. يأخذ جزء من وقته ويبذل فيه جهده ومن الممكن أن يتوسع ويستمر ويكبر معه كما يقولون..

ثم تبدأ قدرات ذلك الشاب بالتطور بشكل متسارع ورهيب لخدمة مشروعه.. والبدء به.. مشروع يدعمه من هم حوله من أقاربه ومعارفه وأصدقائه وأصدقاء أصدقائه.. نعم يبدأ المشروع من لا شيء بدون دعم يُذكر الداعم الوحيد له هو فكرته وعقليته وقدراته وصفحته الشخصية على موقع من مواقع التواصل الاجتماعي.. البداية ضئيلة والنتائج قد تكون كبيرة بالنسبة لمشروع شخصي غير مدعوم دعم مادي.

ولكن الغريب أن تجد فئة لا بأس بها من الناس.. من ذوي ماضٍ يحمل فشل ما في تكوين مشروعهم الخاص بأعمار شابة ولكن بروح العجوز.. المتحامل على أصحاب الطموح والأمل في واقع يشوبه الكثير من الإحباط والجو الكئيب وهو لا يعلم أنه ضمنياً من تلك الفئة.. على الأغلب هم يكونون من أصحاب الدخل الثابت -موظف- يقوم فقط بدور المثبط المستمر "نفسيا" مع أنه مر بنفس خطوات ومراحل ذلك الشاب..

قلة الدعم المقدمة لذلك الشاب صاحب المشروع ليست فقط هي العامل السيء ما ذكرته آنفاً هو جزء فقط من منظومة الإحباط غير المبررة سوى أنها مرض مجتمعي وثقافي مزمن.. أساسه في العقلية التي تقول "أنا فشلت فالجميع ينبغي أن يفشل "أو"أنت في دولة عربية فكيف سوف تنجح فيه" وغيره.

لم يعلم أنه لو شجّع ذلك الشاب صاحب المشروع معنوياً -على الأقل- وقدم له بعض النصائح من تجاربه.. لكان بالإمكان أن يقدم فائدة لا تقدر بثمن مادي لذلك الشاب ذوالروح الطموحة.. ولكن ثقافة الفشل عمت على بصره فأصبح جزء "عامل" فيها.

ثقافة الدعم حتى المعنوية نحن فعلاً نفتقدها في كثير من المواقف والأحيان.. فما بالك بالدعم المادي البسيط على أقل تقدير.

مع كل ذلك تجد الشاب صاحب المشروع مستمراً.. متوسعاً.. ناشراً لثقافة المشاريع الصغيرة التي قد تصبح ذوقيمة كبيرة يوماً ما وقد تكون أفضل من دراسته الجامعية التي قضى بها بضع سنين ليتحق بوظيفة ما -إن وجدت- مع هذا الكم الهائل من البطالة السائدة.

ذلك الشاب صاحب المشروع الصغير يقي نفسه من البطالة ضمنياً لأن سوق العمل المعتمد على التعليم الجامعي الكلاسيكي لم يعد مجدياً.. فالضيق المادي الناتج عند البطالة في سوق العمل يولّد تلك الأفكار بعمل المشاريع الصغير لدى الشباب.

فالمشروع الصغير هوثقافة إيجابية تصب في صالح الشاب رغم أن الدافع لذلك قد يكون سلبياً من ضيق المال أووقت الفراغ.

ثقافة الدعم حتى المعنوية نحن فعلاً نفتقدها في كثير من المواقف والأحيان.. فما بالك بالدعم المادي -البسيط على أقل تقدير – الذي قد يكون بداية لثقافة مجتمعية مشجعة لتلك الطاقات الشبابية الهائلة المنتشرة في جميع أنحاء العالم العربي وغير المستغلة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.