شعار قسم مدونات

التغافل و الحب.. وجهان لعملة واحدة

blog تغافل

فكرت كثيرًا ماذا أكتب في أول تدويناتي بـ "مدونات الجزيرة" في أي موضوع وقضية أدون حين عجز القلم أن يجد سبيله نحوقضية يدونها.

قررت أن تكون تدوينه ترددت كثيرًا قبل كتابتها لما لها مكانة بالقلب لكن بما أني قررت كتابتها وساتحدث فيها عن وجه آخر للحب فضلت أن ابدأها بمقولة لأحد رواد المسرح الشعري والتي لم تخلوا أعماله يومًا من الحب بل منها ما كان الحب نفسه "رميووجوليت" وليم شكسبير.. حيث قال ذات مرة "ﻻ شيء يستمر إذا لم يكن متبادل.. فحكايات الطرف الواحد مرهقة جدا." والحقيقة هي كذلك بل هي أشد أنواع الإرهاق والألم.

لذلك قبل أن تقرأ تأكد أن الحب بينكما متبادل فإن كان فتلك التدوينه لك. أما إن كان من طرف دون الآخر فأنت الأحق بالقراءة من غيرك عسى أن تجد السبيل نحو حب متبادل. كتبت منذ عده أشهر تدوينه عن "الحب والنار وأن كلاهما يحتاج المزيد كي يبقى" تواصل معي الكثير يطلب مني نصائح حول كيفية التعامل مع شريكة الحياة وكيف نحافظ على المشاعر ونتجنب كل ما يعكر صفوالحياة وكأني متخصص في ذلك النوع من الإستشارات والحقيقة أني لست كذلك بل أني لا أتقن صناعتها وإن حاولت تركتني هي.

التغافل هوالخلق الذي نفتقده جميعا في الحياة. نفتقده في حياتنا العملية والعاطفية وكل جوانب الحياة ونواحيها.

في تدوينتي السابقة تحدثت بشكل عام عن الحب وما قاله القدماء عنه وأن خفقان القلب هو حقيقة الإنسانية. وأضفت بعض ما تمنيت أن يكون ما أؤمن به حول الحب.

تحدثت عن الاختلاف وكيف أنه أساس العلاقة وسنة الحياة وأن بالإختلاف يكون التكامل بيننا. لكن في هذا المقال سأكتب عن ما هوأهم من الحب والاختلاف. سأكتب عن خُلق وجوده ضروري مع الحب فوجودهما معًا يضاعف الحب ووجوده منفردًا قد يكون سبيل نحوبدايات الحب.

سأكتب عما غفلته في حياتي وكان من الممكن أن يغيرها. لكن قبل أن نتكلم عن ذاك الخُلق يجب أن نعرف أنه لا حب يشبه الآخر وليس هناك قاعدة ثابته يجب على المُحب إتباعها حتى يحظى بقلب محبوبه.

الحب شيء ليس له تعريف أو ماهية محددة هو كالماء مجرد من اللون والطعم والرائحة ولا حياة دونه. كل عين تراه بسحر مختلف وكل نفس تستشعره بطريقة وكل منا يستنشق فيه عبيره المفضل حتى اللون نختلف فيه وإن فضل الكثير منا لون البنفسج.

الخُلق الذي أقصده تحدث عنه الإمام حسن البصري والإمام أحمد رضي الله عنهما في قولين تشابها في المعنى واختلافا في المتن.. فقال الإمام حسن البصري: "ما زال التغافل من فعل الكرام" أما الإمام أحمد فقال: "تسعة أعشار حسن الخلق في التغافل "

التغافل هوالخلق الذي نفتقده جميعا في الحياة. نفتقده في حياتنا العملية والعاطفية وكل جوانب الحياة ونواحيها. من الطبيعي أن يتخلل الحب فترات من الشد والجذب لكن غير الطبيعي أن يتحول الشد والجذب أسلوب حياة ويصبح العتاب المستمر محور حديث يساعد على اشتعال نار رمادها سم قاتل ليس للحب فقط لكن للحياة كلها.

إن وصل بك الحال لتلك المرحلة وجب عليك وقفة مع نفسك تتفكر بها ما السبب وتجدد عهد الحب بقلبك وتسأل نفسك هل يمكن أن نتغافل؟! ومتى نتغافل ومتى لا نتغافل؟.

الحب هوالمودة والرحمة التي غرسها سبحانه وتعالى بداخلنا كي نتقرب بها ونسكن بها إلى من دق له الفؤاد.

خلق "التغافل" نغفل عنه جميعنا وقد يكون بيننا من يسمع عنه لأول مرة. هوخلق كماء وثلج يقاوم لهيب تلك النار الحارقة ويجعلها بردا وسلاما على حُبكما. التغافل يعمق الحب إن كان متواجد ويفتح طريق للحب إن كان قيد الانتظار. لذلك حين تسأل نفسك هل يمكن أن أتغافل وجب عليك أن تكون الإجابة نعم واجعل التغافل شعار تضعه دائما في قلبك ونصب عينيك.

متى نتغافل ومتى لا؟ ببساطة نتغافل عن كل شئ طالما لا يخالف الشرع اوينبذه المجتمع ما دون ذلك تغافل عنه. تغافل عن كل سلبيه بعيدة عن ذلك وأجعل عينك دائما ترى الإيجابيات فقط وابحث عنها وانثر بتغافلك بذور الحب وأجني دائما زهور تغافلك. تغافل كي تعيش حياة كلها حب ومرح وتكون السعادة والمودة والرحمة عماد بيتك وركنه الأصيل. تغافل كي يكون العتاب عند حضوره درجة من درجات الحب لا سبيل للهجر والفراق. 

تغافل لأن من يحب لا ينتظر مقابل لحبه من محبوبه. يحب وفقط دون مقابل قد يكتفي بنظرة يرى فيها عين الحبيب أو ابتسامة تنتقل بها روحه إلى أحلامه البعيدة. تغافل وأسلك كل سبيل قد يروي حديقة قلب الحبيب فقد تزهر ذات يوم .. ولا تندم ابدا.

وأخيرا الحب هو المودة والرحمة التي غرسها سبحانه وتعالى بداخلنا كي نتقرب بها ونسكن بها إلى من دق له الفؤاد.. أفلا من أجله نتغافل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.