شعار قسم مدونات

عبادة الأصنام!!

blogs - sheshan conf.
دفعني مُؤتمر الشيشان إلى ذكر احدى القصص التي عايشتها بنفسي تُبيّنُ ما وصلنا له نحن أمة الإسلام نتيجة اصرار البعض على التقسييم والتفريق بهدف تحرير مفهوم " اهل السنة والجماعة " وبِحُجّة الظّفر بالانتماء لزمرة " الفرقة الناجية " واقصاء الغير منها اذ اصبحت هذه القضية شغل البعض الشاغل في عصرنا هذا!!

إن لم تخني الذاكرة كان ذلك قبل ما يقارب الخمس سنوات عندما دخلتُ احد المساجد بقصد اداء صلاة المغرب وما ان دخلت المسجدَ حتى وقعت منّي نظرةٌ خاطفةٌ الى احد زواياه حيث لفت انتباهي مشهد يبدو غريبا ومُخيفا في ان واحد مجموعة من الشباب قد اجتمعوا على شكل حلقة وقد بدأت اصواتهم بالارتفاع حتى اثارت انتباه كل من كان حولهم من المصلين بما يوحي ان هناك امرا خطيرا جدا قد حدث اقتربت من احد المصلين عقب انتهاء الصلاة وسألته عن ملابسات الامور فكان جوابه التالي " انهم يتحدثون عن الامام الجديد " قلت وما به الامام الجديد فقال لا اعلم فتبين لي انهم يبحثون عن الطريقة المناسبة لنقله ! لأنهم من احدى الفرق والامام الجديد من فرقة اخرى مخالفة لهم!!

ألا يمكن لهم الذهاب اليه ومناقشته والوصول الى حل يرضي الجميع بدون حقد وضغينة ومكر وخداع ؟

عجبت جدا من صنيعهم هذا وخاطبت نفسي اليس ربهم واحد اليس دينهم واحد الم يأتي كل واحد منهم الى بيت الله لهدف واحد !! اذا لماذا يصنعون ذلك !! والله ذكرني اجتماع هؤلاء الشباب "المستشيخين" للتباحث في شأن امام مسجدهم الجديد المختلف تماما مع " فكرهم الالتزامي " وخطابهم الذي يقبعون تحته بدون تفكير ذكرني منظرهم مباشرة بما قام به كفار قريش حين اجتمع دُهاتهم لبحث الأسلوب المناسب للتخلص من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كانوا يحاولون جاهدين التخلص منه بأقرب فرصة وبأي ثمن (واظنهم نجحوا بنقله الى مكان آخر) حقا الناظر اليهم في ذلك الاجتماع يرى في عيونهم نظرات غريبة عجيبة لا يحملها ثعلب ماكر ولا ذئب غادر والله لو سنحت لهم فرصة لقاموا بقتله وتوزيع دمه بين القبائل !! اي التزام هذا واي نمط للتفكير !!

ألا يمكن لهم الذهاب اليه ومناقشته والوصول الى حل يرضي الجميع بدون حقد وضغينة ومكر وخداع ؟ هل يعد اختلافه في المنهج مضرا لهذا الحد !! لماذا نبقى اسرى مُكبّلين بما يُمليه علينا كِبار مُنظّري الخطابات الاسلامية من افكار ومعلومات ونأخذها كأنها حق مطلق من رب السماء وفي سبيل ذلك نعادي ونكره ونحقد على كل من يخالف تلك الطروحات.

أكاد أجزم أن أسلوب الالتزام والتدين لدى غالبية أتباع الخطابات التي تحتل ساحة الفكر الإسلامي على اختلافها وتنوعها التزام وربّي أشبه بالتزام كفار وعتاهية قريش بعبادة الأصنام، ألم يقل الله تعالى على لسانهم في القرآن الكريم ( بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون ) الزخرف : 22

ما لدينا هو ديننا الحنيف الواضح البيّن الذي نقل للناس ببساطته ويسره والذي جاء به حبيبنا محمد عليه السلام ليخرج الناس من الظلمات إلى النور

إنهم يقبعون تحت ما يمليه عليهم منظروا تلك الخطابات ولا يتركون لعقولهم فرصة واحدة للتفكر قليلا في خطأ ولو جزء بسيط من تلك المعتقدات التي تربّوا عليها وأخذوها منذ نعومة أظفارهم كمسلمات لا تحتمل الشّك على الإطلاق ! كيف لا وهي من ضمن القواعد الأساسية التي لا تتوقف الألسنُ عن ترديدها ليلا ونهارا على اسماعهم !!

أقول هنا متعجبا: من يستطيع أن يجزم يقينا أن الفرقة الناجية هي السلفية أو الصوفية او … إلخ ثم ألا نلاحظ أن كل فرقة تتفرع منها فرق أخرى إذ لم تتوقف الأمور عند المسميات الأولية بل تعدى الأمر ذلك ليصل إلى مسميات وفرق فرعية انبثقت عن امهاتها حتى وصل بنا الحد إلى سلسلة وشبكة معقدة لا يبدو أن لها نهاية أبدا قد أرهقت جسدت الأمة ومزّقتهُ وتركته في حالة يُرثى لها.

لا بُد أن نعي جيدا أن الإسلام دين واضح بسيط لا يحتمل أبدا ولا يحتاج أصلا إلى كل هذا التفريق والتمزيق المزعوم وما أوصلنا لما نحن عليه هو تلك الأساليب الخاطئة في فهمه وإيصاله للغير فما كانت على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لا مسميات ولا فرق ولو كان هناك ضرورة لوجودها لوجدنا في هديه الشريف صلى الله عليه وسلم ما يدل على ضرورة إيجادها ولقام هو عليه السلام بإيجادها بنفسه ودعوة الناس إلى اتخاذ فرقة والانخراط فيها.. 

ما لدينا هو ديننا الحنيف الواضح البيّن الذي نقل للناس ببساطته ويسره والذي جاء به حبيبنا محمد عليه السلام ليخرج الناس من الظلمات إلى النور فعليه حفاظنا واجب ولغيرنا ببساطته وسهولته ايصالنا أوجب .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.