شعار قسم مدونات

الثورة في سوريا إلى أين؟!

blogs - syrian revolution - orwa
 
لطالما تبادر إلى ذهننا، أو سمعنا من الآخرين أسئلةً مفادُها:
– هل انتهت الثورة؟
– هل ما يحدث في هذه الحرب اسمه ثورة؟
– هل ما حدث في البدايات كانَ مشروعاً ثوريّاً ثم تمّ اختطافه؟
 

للإجابة على كلّ ما سبق، علينا أولاً أن نؤمنَ بأنَّ الثورة فكرة، والفكرة لا تموت، وهذه حقيقةٌ أثبتها التاريخ عبر شعوبٍ مضت إلى حتفها معبّدةً طريق حرّيتها وكرامة أبنائها فوق إرث الدكتاتورية.
 

قد يطول تطبيق الفكرة، وقد يستحيل تحقيق الحلم حالياً، ولكن المؤكد أنه حبيس الأذهان، والطموحات.
 

بدأت الاحتجاجات الشعبية في سوريا تأخذ شكل المشروع الثوري، وتتبلور أكثر فأكثر، وهذا ما يبرّر سعي النظام الدؤوب لاعتقال أصغر الناشطين السلميين في 2011.. في حين ترك الزّعران (من الطرفين) يعيثون الفساد ويعتاشون على التحريض الطائفي الذي مدّ في عمره أكثر إلى أن حوّل الساحة إلى حلبة تصفية حسابات، وحربٍ بالوكالات.
 

ستنتهي هذه الحرب، ولن يكون هناك معارضون للأسد، أو مؤيدون له.. لن يكون هناك أسد، ولا غابة تديرها عصابة.. ستكون سوريا دولةَ مؤسساتٍ يتشارك الجميع في إدارتها

بالطبع كان هناك مشروعٌ ثوريّ، وبدأت معالمه تتضح، وإلا لما رأينا يحيى شربجي، ومازن درويش، ومحمد بشير عرب، وحسين غرير، وعدنان زراعي، ومهند عمر، ورامي هناوي، والكثيرين حبيسي الأقبية.. في حين تمّت تصفية معن العودات، ومشعل تمو، وغياث مطر، وهادي الجندي، وأنس الطرشة، وطارق الأسود، وباسل شحادة، والكثيرين بعدهم، وتمّ اختطاف حسين الهرموش، وعبد العزيز الخيّر.
 

فعل النظام كلّ ما بوسعه لأجل أن تعمّ هذه الثورة الفوضى، ولأجل ألا يكون لها مرجعيّة وطنيّة حكيمة تستند إليها في الأزمات، فأصبح الجسد الواحد الذي كان يمتدّ من درعا إلى قامشلو عبارةً عن أعضاء متناثرة كلّ منها يتبع إلى مرجعيّة مختلفة، ويدعمه قطبٌ مختلف.
 

ولكن.. ألم تمرّ الثورة في سوريا بما هو أصعب؟
طيلة خمسة أعوامٍ مضت كانت الثورة تمرّ بما هو أصعب، وفي كلّ مرحلةٍ كان يظهر لدينا عدوّ جديد، وإذا وصل البعض منا إلى قناعةِ أنَّ ما يحدث اليوم ليسَ بثورة فهذا طبيعيّ.
 

نحن اليوم في مرحلة استئصال السرطان الذي يعيق استمرار الثورة التي خرجت الجموع لأجلها، ولا يمكن للثورة أن تستعيد ألقها، وبرنامجها الوطنيّ ما دام رئيس العصابة ومن في الساحة من أمراءٍ للحرب يتقاسمون الجغرافيا السورية لأجل مشاريعهم السلطويّة الخاصّة، ويبثّون سموم التفرقة ما بين الشّعب.
 

ستنتهي هذه الحرب، ولن يكون هناك معارضون للأسد، أو مؤيدون له.. لن يكون هناك أسد، ولا غابة تديرها عصابة.. ستكون سوريا دولةَ مؤسساتٍ يتشارك الجميع في إدارتها.. ستكون مساحةً تعجّ بالحياة، والحريّة كما يليق بتاريخها وبشعبها الذي عانى الأمرّين، ولمّا ينتظر بزوغ فجر السلام.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.