شعار قسم مدونات

وَهَلْ يَرْحَلُ الحُزْنُ عَنِّي

blogs - sunset
 وَبَرْدُ الجَنُوبِ لَهُ أَلْفُ بَرْدِ الشَّمَالِ 

إِذَا كَانَ دُونَ حَبِيْبْ
وَأَصْرُخُ في ظُلُمَاتِ الطَّرِيْقِ
أُسَائِلُ عَنْ وَرْدَةٍ بِعَبِيْرِ شَذَاهَا تُقِيْلُ خُطَايَ..
وَلا مِنْ مُجِيْبْ
أُنَادِيْ .. أُحَيْبَابَ قَلْبِي ..
فَأُدْرِكُ أَنَّ صَدَى الصَّوْتِ ضَاعَ ،
وَأَنْفَاسُ رُوحِي اضْمَحَلَّتْ
وَلَمْ يَبْقَ في القَلْبِ غَيْرُ الوَجِيْبْ

أُحَيْبَابَ قَلْبِي ..
أَيَا فِكْرَةً لا تَزَالُ تُرَاوِدُ ثَوْرِيَّتِي
وَهْيَ تَعْلَمُ أَنِّي أُغَالِبُ صَمْتِي وَخَوْفِي وَقَيْدِي ..
وَأَنِّي غَرِيْبٌ غَرِيْبْ
أُحَيْبَابَ قَلْبِي ..
لَكُمْ في الفُؤَادِ الحَكَايَا
التي لَمْ تَرِدْ في خَيَالِ (بَدِيْعِ الزَّمَانِ) ..
ولا في سُطُورِ (ابْنِ حَزْمٍ) ..
ولا في أَسَاطِيْرِ (قَيْسٍ) ..
ولا بَيْنَ (آَلامِ فَارْتَرْ ) (لِجُوْتِهْ) ..
وَلا (البُؤَسَاءِ) (لِفِيْكُتورِ هِيْجُو) ..
وَلا في الزَّمَانِ البَعِيْدِ وَلا في القَرِيْبْ

فَيَا أَصْدِقَائِي .. الذينَ وَقَفْتُمْ مَعِي خَلْفَ قُضْبَانِ سِجْنِي كَأَنِّي أُسَامِرُكُمْ بَيْنَ جُدْرَانِهِ وَهَوَاكُمْ مُقِيْمٌ مَعِي لا يَغِيْبْ لَنَا أَنْ نَسِيْرَ كِرَامَاً .. إِلَى حَيْثُ شَاءَ الإِلَهُ ..

هُوَ الحُبُّ أَسْبَلْتُ جَفْنِي عَلَيْهِ
وَعَبَّأْتُهُ في حُرُوفِي ..
وَأَسْكَنْتُهُ في القُلُوبْ
هُوَ الحُبُّ يَقْتُلُنِي .. آَهِ كَمْ أَنَا أَهْوَاكُمُ ..
فَخُذُوني بَقَايَا الرَّبِيْعِ الخَصِيْبِ
قُبَيْلَ يُهَاجِمُنِي الإِبْتِعَادُ الجَدِيْبْ
خُذُونِي ..
قُبَيْلَ يُبَعْثِرُني في الفَضَاءِ النَّوَى
وَقُبَيْلَ أَذُوْبْ
أُحِبُّكُمُ أَيُّهَا المَالِكُونَ فُؤَادِي
وَهَذَا الغَرِيْبُ المُسَافِرُ دَوْمَاً
أَمَا آَنَ أَنْ يَسْتَرِيْحَ ..

وَمِنْ بُعْدِهِ أَنْ يَؤُوبْ
تَقُولُونَ: أَنْفَقْتَ زَهْرَةَ عُمْرِكَ ..
بَيْنَ السُّجُونِ .. رَفِيْقَ التَّشَرُّدِ ..
مُسْتَعْظِمَاً أَنْ تَعِيْشَ صَمُوتَاً
أَمَا آَنَ مِنْ ذَنْبِ شِعْرِكَ يَا ثَائِرَاً أَنْ تَتُوبْ
تَقُولُوْنَ:
ضَيَّعْتَ مِنْكَ ابْتِسَامَةَ وَجْهٍ ضَحُوكٍ
وَبَدَّلْتَهَا بِفُؤَادٍ كَئِيْبْ
دَعِ الحُزْنَ يَرْحَلُ عَنْكَ ..
وَهَلْ يَرْحَلُ الحُزْنُ عَنِّي ..؟!
إِذَا كَانَ حُزْنِي يُرَافِقُنِي مُذْ وُلِدْتُ
وَعَاشَ مَعِي في الشَّبَابِ
وَسَوْفَ يَعِيْشُ مَعِي -إِنْ حَيِيْتُ- لِعُمْرٍ يَشِيْبْ
وَهَلْ يَرْحَلُ الحُزْنُ عَنِّي..
إِذَا كَانَ شِعْرِي يُحَارِبُنِي .. وَيُقَاتِلُ ضِدِّي ..
لِيَنْزِعَنِي مِنْ جُذُورِ التَّخَوُّفِ وَالصَّمْتِ ..
ثُمَّ يُبَعْثِرُنِي في الدُّرُوبْ

هُنَا سَأُحَارِبُ كُلَّ الطُّغَاةِ ، وَأَكْشِفُهُمْ
وَهُنَا سَأُبَارِكُ ثَوْرَةَ شَعْبِي ..
وَأَنْقُلُهُ مِنْ تَرَاجُعِهِ لِلْمُضِيِّ عَلَى صَهَوَاتِ الحُرُوبْ
فَكَيْفَ إِذَاً سَيُغَادِرُنِي الحُزْنُ يَا أَصْدِقَائِي
وَحُزْنِيَ يَشْكُو مِنَ الحُزْنِ حُزْنَاً
وَيَدْرِي بِأَنَّ جِبَالاً مِنَ البُؤْسِ
تَجْثُمُ فَوْقَ فُؤَادِي الطَّرُوبْ

أَنَا الحُزْنُ .. وَالحُزْنُ مِنِّي .. وَلِلْحُزْنِ شَوْقٌ إِلَيَّ ..
وَفِيَّ لَهُ أَلْفُ مَهْوَىً قَشِيْبْ
وَمَا دَامَ شَعْبِي يُعَانِي مِنَ الظُّلْمِ وَالإِنْشِقَاقِ ..
وَيَعْنُو لِجَلاَّدِهِ ..
فَسَأَبْقَى حَزِيْنَاً .. إِلَى أَنْ أَمُوتَ ..
وَإِنْ مِتُّ يَبْقَى وَرَائِيَ حُزْنِي يَدُلُّ عَلَيَّ
وَلِلَّيْلِ طَعْمٌ يَدُلُّ عَلَيْهِ الغُرُوبْ
فَيَا أَصْدِقَائِي ..
الذينَ وَقَفْتُمْ مَعِي خَلْفَ قُضْبَانِ سِجْنِي
كَأَنِّي أُسَامِرُكُمْ بَيْنَ جُدْرَانِهِ
وَهَوَاكُمْ مُقِيْمٌ مَعِي لا يَغِيْبْ
لَنَا أَنْ نَسِيْرَ كِرَامَاً ..
إِلَى حَيْثُ شَاءَ الإِلَهُ ..
وَرَبِّكُمُ لَنْ نَذِلَّ .. وَلَنْ نُسْتَضَامَ وَلَوْ مَزَّقُونَا
وَلِلْفَجْرِ مَوْعِدُهُ بَعْدَ لَيْلٍ شَحُوبْ
أُحِبُّكُمُ ..

سَوْفَ أُسْمِعُ هَذِي السَّمَاءَ دُعَائِي لَكُمْ
وَأُعَطِّرُهَا بِالنَّحِيْبْ
وَأَغْمُرُ بِالدِّفْءِ قَلْبِي
وَإِنْ كَانَ بَرْدُ الجَنُوبِ لَهُ أَلْفُ بَرْدِ الشَّمَالِ
إِذَا كَانَ دُوْنَ حَبِيْبْ

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.