شعار قسم مدونات

شيطنة ترمب

U.S. President-elect Donald Trump speaks at the USA Thank You Tour event at the Wisconsin State Fair Exposition Center in West Allis, Wisconsin, U.S., December 13, 2016. REUTERS/Shannon Stapleton
منذ اللحظات الأولى التي أعلن فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ترشحه لخوض الانتخابات الرئاسية، بدأت وسائل إعلامية عديدة وشخصيات عامة أمريكية، عملية شيطنة لترمب، محاولين (كما بدى) نشر كل تلك الفضائح عنه لثني الأمريكيين عن انتخابه. 

لكن الحملة الإعلامية المضادة تلك لم تمنع دونالد ترمب من الوصول للسلطة، حيث استطاع ترمب في نهاية المطاف الفوز بسباق الانتخابات الأمريكية متقدماً على منافسته هيلاري كيلنتون رغم كل ما امتلكته السيدة كلينتون من ميزات تؤهلها للفوز بهذه المعركة. حيث مثلت كلينتون الوجه الحضاري المحارب لأجل الديمقراطية وحقوق المرأة ونشر العدالة والسلام، على عكس ترمب الذي اتسمت خطاباته بالنبرة العالية والعنصرية والعداء لمعظم شعوب الأرض، كل ذلك لم يكن مهماً لملايين المقترعين الأمريكان الذين فضلوا اختياره رغم عنصريته على منافسه العصري.

الحملة الاعلامية التي صورت لنا ترمب بالمجنون تارة والشيطان تارة أخرى كانت أشبه برسائل مبطنة استطاعت اقناعنا بأن الرئيس الأمريكي الجديد أتى ليقلب العالم رأساً على عقب، لنصبح قادرين على تقبل ذلك في حال حصوله.

لكن لماذا نعتقد أن عملية الشيطنة تلك، والتي بدأت قبل إعلان ترمب ترشحه للانتخابات ولم تتوقف حتى اليوم، هي حرب ضد وصوله للسلطة وأنها لم تكن في صالحه؟ ولِمَ تصور كل تلك الجهات ترمب بهذا السوء؟ لو نظرنا لكمية الجنون التي بُثَّتْ عن ترمب قبيل فوزه في الانتخابات لقلنا أن وصوله لسدة الحكم الأمريكي ضرب من الخيال، لكن تحقُق ما كان مستبعداً بدى وكأن حملة التشويه تلك شيء ممنهج يهيئ العالم لتقبل الأسوء والذي قد يصدر عن ترمب خلال ولايته.

فالحملة الإعلامية التي صورت لنا ترمب بالمجنون تارة والشيطان تارة أخرى كانت أشبه برسائل مبطنة استطاعت إقناعنا بأن الرئيس الأمريكي الجديد أتى ليقلب العالم رأساً على عقب، لنصبح قادرين على تقبل ذلك في حال حصوله!

لربما كان الرئيس الأمريكي المنتخب مُحارَباً بشكل جديٍّ من قبل تيار معين في الولايات المتحدة، وأنه يحمل تغييراً حقيقياً في السياسة الأمريكية، وكل ما بث من تقارير عن فضائحه هو محاولات لإبعاده عن السلطة حتى آخر لحظة، لكن ذلك يبدو غير منطقي خصوصاً في حضرة تصريحات ترمب الغريبة التي أصبحت السمة الرئيسية لكل لقاءاته وخطاباته. 

وعلى الرغم من العداء الذي حمله ترمب في خطاباته لغالبية شعوب الأرض، إلا أنه كان حريصاً في تصريحاته على تحسين العلاقة مع روسيا، حيث أشاد بالرئيس الروسي بوتين أكثر من مرة، في الوقت ذاته كان الترحيب الروسي بوصوله للحكم واضحاً على لسان كبار السياسيين والوسائل الاعلامية الروسية التي وصفته بالمرشح المفضل لروسيا في الكثير من المناسبات، تقارب ألغى المخاوف من حرب باردة جديدة، وأنهى الحديث عن حرب عالمية ثالثة كثر ذكرها في عهد أوباما، ورسم ملامح سياسة جديدة بين البلدين. 

قد يوحي التقارب الأمريكي الروسي المتوقع خلال فترة حكم ترمب بتوقف الصراع بين القطبين، والذي عاد للظهور خلال فترة حكم الرئيس السابق أوباما، لكن ذلك لا يعني أبداً بأن المرحلة القادمة ستكون أقل دموية من سابقاتها، خصوصاً وأن روسيا خلال الفترة الأخيرة تدخلت عسكرياً في عدد من الدول من أوكرانيا إلى سوريا، إضافة إلى ارتكابها مجازر عديدة بحق الشعب السوري دون أي رادع، ولا ندري هل سيعمل ترمب في عهده على إبقاء الشرق الأوسط غارقاً في بحر الدماء، أم أنه سيخالف ما رسمه الإعلام في عقولنا ويكون مفتاحاً لنشر السلام وإيقاف الحروب في المنطقة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.