شعار قسم مدونات

رفع الحظر الأميركي عن السودان.. من المستفيد؟

blog- السودان
رفع الحظر الأميركي عن السودان… من المستفيد؟ كثيرا ما علق بعض الناس فشلهم في شماعة ما
القسمة عند ما يتعلق الأمر بزواج أوخطوبة ونحوها هي شماعة الفشل. والحكومة إذا تعلق الأمر بمهمة صعبة هي شماعة الفشل. والشيطان شماعة جيدة إذا تعلق الأمر بارتكاب معصية أو خطيئة.

أما الحكومة السودانية فكثيرا ما علقت العديد والعديد جدا من إخفاقاتها في الحظر المفروض على السودان من قبل الولايات المتحدة الأميركية منذ ما يقارب العقدين من الزمان. فهناك عدد كبير من المؤسسات الوطنية العملاقة والوسائل المهمة تكاد تنسى اليوم والسبب يعود إلى الحظر وإلى أن قطع الغيار كما في الطائرات وغيرها شبه مستحيلة أو ممكنة مع صعوبات معها يتضاعف السعر. لكن رفع الحظر المشروط بمدة زمنية تختبر فيها الحكومة السودانية ما إذا كانت أهلا لتنفيذ عدة اشتراطات من بيها مكافحة الإرهاب أو لا؟

هذه الخطوة وجدت استحسانا كبيرا من قبل البسطاء الذين يطمحون إلى العيش الكريم، وهم قد لا يعنيهم ثمن رفع الحظر كثيرا. لكن بعض الناس يرون أن لا جديد يفرح له غير كشف ظهر الحكومة التي طالما علقت كل فشلها وإخفاقاتها وأخطائها بالحظر الأميركي على السودان اقتصاديا.

ففي ما ترى الحكومة السودانية أن رفع الحظر انتصارا لها يرى آخرون أن الخطوة مفيدة للأميركيين قبل أن تكون لأي جهة أخرى سيما وأن رفع الحظر شمل عدة منتجات أميركية قوامها البرمجيات ومختلف الأجهزة الإكترونية ووسائل الاتصال ونحوها، ما يعني: منافسة الصين في سوق قد تعد أفضل من العدم.

اتفاقية السودان مع الدولة المنشقة حديثا بشأن عبور النفط صاحتبها الكثير من التعقيدات. ثم مشكلة دارفور التي تدخلت دولة قطر بعمق لحلها وحرصت الحكومة السودانية على الحيلولة دون تكرار تجربة الجنوب.

كما أن استمرار الحظر لن يتضرر منه مسؤول بقدر ما يتضرر منه المواطن السوداني العادي
وقطعا لن تستفيد منه السوق الأميركية مع وجود منتجين يملؤون الفراغ. وإن كانت هناك إيجابية فيمكن أن تكمن في انعدام حجة للمسؤولين السودانيين في المستقبل لتعليق فشلهم الذي طال أكبر وأطول منظومة للسكك الحديدية والقطارات في المنطقة العربية والإفريقية فضلا عن مشروع الجزيرة العملاق وشركة الخطوط الجوية السودانية وغيرها على الأقل في نظر المعارضين لسياسات الحكومة الحالية.

ومهما يكن من أمر فإن نزول سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني الذي قارب العشرين جنيها قبل قرار الرفع وهبط في مقابله الدولار إلى نحو 13 جنيها مقابل الدولار الأميركي بعيد قرار رفع الحظر يعد مؤشرا إيجابيا فيما يظل غير واضح شرط مكافحة الإرهاب الذي تطالب به أميركا.
فالإرهاب قد يتجاوز تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية isis خصوصا وأن بعض القوات التي اعتمدت عليها ثورة الإنقاذ الامتداد التاريخي للحكومة السودانية الحالية يحسبها البعض على أنها ليست جيشا معترفا به.

ثم إن الحكومة السودانية لها تجربة مع الولايات المتحدة الأميركية فيما يتعلق بالالتزام بالشروط ومنها تنفيذ اتفاقية نيفاشا للسلام التي أفضت إلى فصل جنوبي السودان عن شماليه وذهاب الثروة مع استمرار المشاكل حتى بعد الانفصال. فالسودان أراد أم لم يرد وجد نفسه حاضنة لللاجئين الجنوبيين الفارين من ويلات الحرب الدائرة بين قوات رئيس دولة جنوب السودان ونائبه السابق، كما أن اتفاقية السودان مع الدولة المنشقة حديثا بشأن عبور النفط صاحتبها الكثير من التعقيدات. ثم مشكلة دارفور التي تدخلت دولة قطر بعمق لحلها وحرصت الحكومة السودانية على الحيلولة دون تكرار تجربة الجنوب تحسبها الحكومة السودانية إنجازا مهما التزمت هي بتنفيذه أمام المجتمع الدولي ولكنها لم تكافئ عليه إلا من قبل الجهات الوسيطة كدولة قطر مثلا.

وأخذا في الاعتبار كل ذلك فإن من غير الواضح للإنسان العادي الشروط التي يجب أن تلتزم بها الحكومة السودانية والتي بموجبها يرفع الحظر نهائيا أو يعاد بشكل أو بآخر. وهذا بدوره يعضدد فرضية الاستفادة الأميركية من رفع الحظر الاقتصادي عن السودان ولو بشروط غير واضحة.
الخلاصة إن لرفع الحظر مكاسب قد يستفيد منها الوطن والمواطن السودانيين، وبه خسائر قد تطالهما معا. وأخيرا لا بد أن يحفظ الناس للجهات التي كان لها مجهود في رفع الحظر جميلها وتشكر على ذلك.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.