شعار قسم مدونات

إلى سيد العالم دونالد ترمب

U.S. President Donald Trump waves as he leaves the Central Intelligence Agency (CIA) headquarters after delivering remarks during a visit in Langley, Virginia U.S., January 21, 2017. REUTERS/Carlos Barria TPX IMAGES OF THE DAY

بعد التحيّةِ والسّلام وكل الأدب والاحترام..
سيّدي العزيز، إنّ الديناصورات التي نروِّضها وعظامُ أجدادي القابلة للاشتعال وأشلاء الشهداءِ التي لا يزال يتقطَّرُ منها زيت الشهامة كُلُّهم نروِّضهم ونُخرجهم من أعماق الأرض على هيئة ذهبٍ أسود لنهديها لك ولشعبك لانَّكم من أكبر مستهلكي للنفط في العالم.

أمّا بعد.. يقولون بأنّ الشعب الأميركي هو شعبٌ كَكُلِّ الشعوب البقية. أنا أقول لا وأنت تعلم ما أقصد فكُلُّ العالم كانت أنظارُهُ لا تُفارقُ التلفاز ليلةَ فوزك بالحُكم، وبين الرتيبةِ والقلق كان الشعب الأميركي يتراهن عليك وعلى منافستك في صالات القِمار حيثُ حقّقت بعضُ الصالات أرباحًا طائلةً بعد فوزِك المفاجئ. تأكّد بأنّ من خسر في مراهناتهِ هو من ترأس وحشد الجموع وتظاهر على اعتلاءك منصة الحكم في البيت الأبيض، لا تغضب منه فرُبّما قد خسر الكثير بعدما قلبت الطاولة عليه.
 

احذر من وزير دفاعك ماتيس، فأنا أعلم بأنّك غير راضٍ عنهُ بشكلٍ تام ولكن مجلس الشيوخ قد عيّنَهُ وهو على يقين بأنّ ماتيس سيخالِفُ أوامرك.

إن العالم كُلَّهُ انتظر مراسيم تتويجك على منصّة البيت الأبيض الذي سيغدو شاحبّا قليلاً بحكم لون شعرك وبشرتك الشاحبة التي ستتلطّخ على جدران البيت مما يجعل فيهِ تغيرًا جديدًا بحكمك. في الحقيقةِ أنا من مُناصريك ليس لأنّك عادلٌ كما ذكرت أنت، بل لأنّك لا تملك سياسية الفن والتمثيل والمراوغة ولأن ما في قلبِكِ على لِسانك تطلقُهُ فورًا دون المهابةِ أو احتساب أو خوفٍ من أحد.

سيدي المُبجَّل ترمب
لا تلعب كما لعبوا من قبلك لُعبةُ الاُمم والوحدة، فقد ملَّ العالم كُلَّهُ عامة والعالم العربي خاصةً من هذه الألعاب. أرجو أن تكون لُعبتُكَ تختلف كثيرًا عن ألعابهِم، لا أكتُب لك إلا لأُساعدك باختيارك للُعبتك، اختر مثلاً اسم لعبة "ادفع لتعيش" وانتهج سياسةً جديده في شراهتك للأموال واكشف العالم على حقيقتهِ بأنّه لا وجود لهُ دونك أنت.

أمّا بخصوصِ حقيبتكَ النّوويّة
ألا تظُنُ أنّها قد نفذت تاريخ صلاحيّتها؟ عليك أن تستعمل بعض الأزرار فيها لِتتأكّد من أنّها فعّالة بشكلٍ صحيح لأنّها لم تُستخدم مُنذ زمنٍ سحيق فآخِرُ مرّة تمّ استخدامها سنة 1945 أي مرّ على استخدامها ما يقارب السبعون عامًا.

سبق وسمعتُكَ تتكلّمُ عن الإرهاب!
قد استفحل الإرهاب في العالم العربي كثيرًا بل يحكُمُه الإرهاب تقريبًا، وأضفتَ أنت في مقابلةٍ لك بأنَّ العراق أصبح مرتعًا بالإرهاب حيثُ أنَّ الولايات الأميركيّة لم تهتم لأمر العراقِ بعد الاحتلال وأمسى ملاذًا لِداعش، وأضفت بنبرةٍ حزينة أنّ العراق أصبح مثل جامعة هارفارد العريقة للإرهاب فإذا اردت أن تكون إرهابيًّا فاذهب للعراق. أرأيت من أين جاء كُلُّ هذا؟ كان بسببِ الغزو الفاشل الذي هزَّ اقتصاد أميركا وخلّف دمارًا شاملاً لممتلكاتِ شعبي الذي يستمر حتّى هذا اليوم.
 

الكُلُّ تساءل ماذا لو فاز ترمب؟ ذاك العجوز المُتمرّد..
تمرُّدُكَ يا سيّدي مصدرُ قلقٍ للكثير بينما أراهُ أنا مصدرُ طمأنينة، كما يظُنُّ البعض أنّ أميركا التي كانت مُتسامِحة لن تكون كذلك بعهدك، نعم هُم على حق فالتسامُحُ يكون مع الكل من دونِ استثناء لا أن يكون تسامُحًا خاصًا لبعضِ الأطراف لتحقيق الأهداف البسيطة..
 

لا تنسى هتلر فقد حكم ألمانيا وأدخلها في حربٍ لا مخرج منه وخرّب ألمانيا وقتل نحو خمسٍ وثلاثين مليونًا من الشعب، ولا يزال الأخير يذكرهُ ويترحم عليه كلّما مرَّ ذكراه.

اُنظر إليهم.. الذين دخلوا البيت الأبيضِ قبلك، كم هُم أغبياء ولا يستطيعون أن يُحقّقوا الغايات الكبيرة التي تصبو لِمصالح الجميع. اعلمُ بأنّك إذا تسامحت تتسامح مع الكُل وإذا ثار غضبُك ثار على الكُل بهذهِ الطريقة العفوية التي تمتلكُها تستطيع أن تحتل قلوب الجموع كلّها لا سيّما قلوب الطبقات البسيطة.
 

في النِّهاية
أتمنّى أنّك نمت نومًا هنيئًا في ليلتك الأولى في البيت الأبيض. يحق لك سيدي فأمامك الكثير من العمل على مرِّ أربعة سنوات مُقبلة تدحر فيها الإرهاب وتُصلح المشاكل مع بعض الدول وأنت تحتسي كوبًا من القهوة.

ملحوظة
احذر من وزير دفاعك ماتيس، فأنا أعلم بأنّك غير راضٍ عنهُ بشكلٍ تام ولكن مجلس الشيوخ قد عيّنَهُ وهو على يقين بأنّ ماتيس سيخالِفُ أوامرك بعض الأحيان بحكم أنّه جندي متقاعد خدم مجلس الشيوخ سنواتٍ كثيرة، أنصحُكَ بتغيير الأرقام السريّة بحقيبتك النّوويّة لكي لا يتحكمُ بها أحدٌ غيرك أو إعطهِا لبعضِ العاهرات الروسيات اللاتي قد يتحكّمن بها أثناء الحُب معك.
 

قبل أن أنسى سيّدي
لا تنسى أدلوف هتلر فقد حكم ألمانيا في مطلع الثلاثينات وأدخلها في حربٍ لا مخرج منه وخرّب ألمانيا وقتل نحو خمسٍ وثلاثين مليونًا من الشعب، ولا يزال الأخير يذكرهُ ويترحم عليه كلّما مرَّ ذكراه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.