شعار قسم مدونات

ماشي بنور الله

blogs - zidan sport

كرة القدم علم غير مكتمل الأركان، يمكنك أن تتوقع كل شيء من الألف إلى الياء لكن هناك جزء غير قابل أبدا للرصد الكامل، إنه الماريشال حظ والجنرال توفيق، العامل الذي يفصل اقتران هذه اللعبة بقوانين النظريات العلمية. وبالتالي فإن كلمة "الحظ" بمفهومها الشامل قد تعطي فريقا ما شيء وتحرم الآخر منه، ولا يوجد بطل بين كل أباطرة السنوات الماضية فاز بكل ما يمكن دون الاستعانة بهذا السلاح الفتاك.

 

وحقق ريال مدريد مع مدربه زين الدين زيدان انطلاقة تاريخية خلال الفترة السابقة، بعد سلسلة عدم الهزيمة في مباريات عديدة، وحصولهم في النهاية على ثلاث بطولات محلية وقارية وعالمية، وبالتالي زادت عبارات المديح والنقد على حد سواء، وارتفع هرمون الأدرينالين ليصل إلى قمته ويخرج كل فريق برأي مبالغ فيه، الأول أن زيدان أفضل مدرب في العالم، والثاني أنه سيء "ماشي بالحظ".

 

دعونا في البداية نجاوب على الرأي الأول، زيدان أفضل مدرب مقارنة بالبقية:

يمكن القول بأن زيدان مدرب يحمل شخصية الملكي، الفريق الكبير له تقاليد خاصة ويحمل نجومه قميص قوي لا يخسر بسهولة، إنها تقاليد متوارثة تفرق بين أندية مثل ريال

يضع المدرب خطته أولا، كيفية السيطرة على المباراة، الاستحواذ الإيجابي، نسق ومعدل المداورة بين النجوم، تحركات اللاعبين، انطلاقات الجناح الأيمن في مواجهة ظهير الخصم، التناغم بين لاعبي الوسط، كل هذه الأمور الفنية قد ترجح كفة مدرب على آخر. في النهاية، الفكرة ليست في عدد الفرص المصنوعة، بل الموضوع أكمل من ذلك ليشمل الفرص التي تسببت في عدد الفرص الأخيرة، وليس هذا فقط بل الفرص الأولي التي صنعت فرص أقوي لكي نشاهد الفرص الأخيرة في المباريات وهكذا كما يقول المحلل ويلسون في حديث قديم خططي قديم.

 

يوفر زيزو المسار التكتيكي في الملعب، وينفذ اللاعب التعليمات بحرفية، لتسير المعادلة داخل هذا النسق، مجموعة رائعة في الملعب ومدرب ذكي يوجههم بالخارج، لكن من المستحيل أن تكون نسبة فوزهم 100 %، تبقي مجموعة متغيرات كمردود كل لاعب داخل المستطيل، الفريق الآخر، والتوفيق بكل تأكيد.

 

يحقق الريال تحت قيادة زيزو انتصارات متتالية لكن لا يقدم الفريق أداء تكتيكي مبهر على طول الخط، صحيح توجد مباريات لا تنسى مثل إشبيلية في الكأس، أتليتكو في الكالديرون، إلا أن الشق الخططي منقصوصا في مباريات أخرى، بسبب ضعف التمركز في وبين الخطوط، واللجوء إلى الحلول السهلة باللعب الطولي والكرات العرضية كلما تأزم الموقف.

 

لذلك لا بد من وضع عمق الفريق في الحسبان عند الحكم على عمل المدير الفني، فالريال يحقق انتصارات عديدة في الدقائق الأخيرة بسبب توافر البديل القوي وقوة شخصية المجموعة ككل، واختلاف ظروف كل فريق. في النهاية يفوز الملكي بالمباريات لكن دون إبهار بالنسبة للمشاهد وحتى المشجع.

 

وبالتالي مستعد الدخول في رهان مع أكبر المتعصبين لزيزو حول 5 مباريات من بين الأربعين نستطيع تذكرهم بعد عام من الآن، في الأغلب لن نجد بسهولة لأن الريال يفوز لكن دون بصمة تعيش سنوات وسنوات، بكل تأكيد سوف يذكر التاريخ هذا الجيل لكن لن يتحدث عنه كثيرا خبراء كتب هذه اللعبة، على الأقل حتى هذه اللحظة.

 

أما الرأي الآخر الذي يقول بأن زيزو ينجح بالحظ فقط:

نعاني من الآراء المعلبة يمينا ويسارا، والحقيقة نسبية في النهاية، نتفق فقط على سلسلة انتصارات ريال زيدان، لكن من حقنا أن نختلف على قوة الأداء التكتيكي والثورة الخططية المفقودة

فيمكن القول بأن زيدان مدرب يحمل شخصية الملكي، الفريق الكبير له تقاليد خاصة ويحمل نجومه قميص قوي لا يخسر بسهولة، إنها تقاليد متوارثة تفرق بين أندية مثل ريال، برشلونة، بايرن وفرق أخرى كباريس سان جيرمان ومان سيتي وأتليتكو مدريد، وأهم مزايا المدرب الجزائري الفرنسي أنه يحتفظ بهذه الجينات الفائزة، ولا يقل بأي حال من الأحوال عن لاعبيه.

 

 يجني المدرب ثمار تحسن المشروع الرياضي في مدريد، فالإدارة الرياضية بالبرنابيو نجحت منذ سنوات في صناعة فريق تنافسي من العيار الثقيل، لدرجة وجود فريقين على نفس الدرجة سواء داخل الملعب أو على دكة البدلاء، ليستفيد زيدان كثيرا من كثرة الأوراق الرابحة، وتحقق تبديلاته الشيء المنتظر في مباريات عديدة، والعودة أمام ديبورتيفو خير مثال.

 

ويغامر النجم الكبير في مباريات تحتاج إلى شخصيته القوية، فالريال يشرك شبان صغار أمام برشلونة كماريانو، ويلعب بأربعة مهاجمين دفعة واحدة عند الحاجة، ويواصل بنفس القوة حتى الثانية الأخيرة دون خوف، كل هذه المقومات ليست إشارة للحظ بقدر ما تدل على صبر القائد وقدرته على تحمل الضغوط دون قلق أو خوف.

 

نعاني من الآراء المعلبة يمينا ويسارا، والحقيقة نسبية في النهاية، نتفق فقط على سلسلة انتصارات ريال زيدان، لكن من حقنا أن نختلف على قوة الأداء التكتيكي والثورة الخططية المفقودة، كذلك لا يحق لأحد الجزم بأن الحظ فقط هو السبب، لأن شعار "ماشي بنور الله" فقط لم يعد معبرا بوضوح عن النجاح في دور العرض المدريدية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.