شعار قسم مدونات

القات الخمر الأخضر

القات
القات شجرة لها أوراق تحمل اللون الأخضر، وهذه الأوراق هي الجـزء المستهلك من النبات، وهي الأكثر تفضيلاً للمستهلك. ويزرع القات في بلدان شرق أفريقيا واليمن، وتزرع شجرة القات على المرتفعات الجبلية والهضاب البالغ ارتفاعها حوالي 800 م من سطح البحر، ويصل طول الشجرة أحياناً إلى ستة أقدام، وتعتبر من النباتات المعمرة دائمة الخضرة، وذات قدرة كبيرة على تحمل تقلبات الطقس، وينتشر تعاطي القات على نطاق واسع في اليمن والصومال وجيبوتي وإريتريا وإثيوبيا وكينيا.

وهناك نوعان من القات يؤكلان أو يستعملان، وعلى وجه التحديد في الصومال وهما: القات الذى يأتي من إثيوبيا يسمى هرري، لأن أصله من مدينة "هرر" الإثيوبية وله أسماء كثيرة منها "تاجرو دردر جبس"، وغالبا يستعمل هذا النوع من القات في شمال الصومال،
القات الذى يأتي من كينيا، ويسمى "ميرو" وسمي "ميرو" لأنه يحمل اسم المدينة التي يزرع فيها، وله أيضا أسماء عدة منها "غانغتى لاري إسبيشال"، ويستعمل الميرو غالبا جنوب الصومال.

والقات من المشاكل الاجتماعية المستعصية، وقد تكاثر المتعاطون لتلك الشجرة المخدرة الملعونة في بلادنا، حتى أصبحت آفة اجتماعية للصوماليين. إنها مأساة اقتصادية، تعرقل التقدم الاقتصادي، وتعطل كثيرا من الأيدي العاملة.

وشجرة القات، قد ابتلي بمضغ ورقها بعض الصوماليين. وأنتشر القات بشكل كبير في بلادنا، فأصبح من يدمنون هذه الشجرة المخدرة كما يدعون أنهم يجدوا فيها راحتهم، وتطييب أنفسهم، وتذهب أحزانهم، وتقوى أفكارهم، وتنشط جوارحهم، ويأتلف جمعهم. ومن المؤسف جدا، أن بعض الصوماليين يتعاطون القات ويخسرون أموالهم وأوقاتهم، بالرغم من أن شجرة القات لا تنبت ولا تزرع في وطننا، فالتجار الصوماليون يدفعون مبالغ باهظة لاستيرادها من أسواقها الأصلية في كينيا وإثيوبيا كل يوم. لأن مزارعيهم هم من يزرعون القات.

والقات من المشاكل الاجتماعية المستعصية، وقد تكاثر المتعاطون لتلك الشجرة المخدرة الملعونة في بلادنا، حتى أصبحت آفة اجتماعية للصوماليين. إنها مأساة اقتصادية، تعرقل التقدم الاقتصادي، وتعطل كثيرا من الأيدي العاملة. ويستعمل القات أساساً كمخدر يغيب العقل، حتى يتصرف صاحبها تصرف السكران أو المجنون. ويضع المتعاطي أوراق القات في فمه، ويقوم بمضغها و"تخزينها" ثم يمتصها ببطء مع قليل من الماء، أو المشروبات الغازية.
 

والذين يتعاطون القات يدفعون مبالغ كبيرة، تعتبر من باب الإسراف، وإلى جانب ذلك كله، فالقات يجلب للفرد أضرار كثيرة. فبعد مضغهم يخرجون من مجلسهم وهم في حالة إعياء شديدة، نفسيا وجسديا وماديا، ومن هنا يدركون انحرافهم، وعدم واقعيتهم -مؤقتا-، ويبدؤون الأسف والحسرة، ولكن كل هذا لا يستقر معهم طويلا، فتوبتهم توبة القط قبل رؤية الفأر! وهناك تأثيرات نفسية ومادية للقات تظهر على متعاطيه، وأثبتتها التحليلات العلمية، بما يحتويه من مواد مخدرة، يظهر مفعولها النفسي والمادي على عدة أشكال، منها:

زيادة التوتر العصبي وصفرة الأسنان، فقدان الشهية للطعام وبالتالي يسبب ضعفا عاما للجسم، الاضطراب والميل إلى العنف، الاضطرار إلى الكذب، وخيانة الأمانة لشراء القات، العجز والكسل والحسرة بعد تناول القات، الفساد الاجتماعي حيث يؤدي تعاطي القات إلى مفاسد اجتماعية بسبب ما تكلفه هذه العادة السيئة، التفكك الأسري لأن الإنفاق على شراء القات يمثل عبئاً اقتصادياً على ميزانية الأسرة، حيث ينفق المدمن على القات جزءاً كبيراً من دخله، مما يؤثر على الحالة المعيشية من الناحية السكنية والغذائية والصحية والتعليمية، وبالتالي يحدث التوتر والشقاق والخلافات الأسرية، نتيجة عدم تلبية رب الأسرة لمطالبها الضرورية، ومن هنا يفقد الأولاد حنان الأم، وحب الأب وتضيع حقوقهم الأساسية، من عطف وتربية وتعليم، حتى يصبحوا عالة على المجتمع.
 

وهناك أسباب كثيرة تؤدى إلى انتشار القات في مجتمعنا الصومالي، منها: عدم وجود حكومة مركزية تسيطر على الوطن كله، جهل كثير من أبنائنا بأضرار القات، عدم صدور تشريعات قانونية تحرم تعاطيه، أو الإتجار فيه، غياب دور العلماء والمثقفين لمواجهة هذه الآفة الاجتماعية، اعتقاد بعض الصوماليين أنه لا يستطيع أحد منع القات، لأن "سياد برى" الحاكم العسكري السابق لم يستطع ذلك! يقال أن القات قوت الأولياء! وأنها تعينهم على الطاعة، كقراءة القرآن وقيام الليل والعياذ بالله وهذا شيء لا أصل له.
 

الواجب على كل مسلم تركه، والحذر منه، ولا يجوز بيعه ولا شراؤه، ولا التجارة فيه، وثمنه حرام وسحت، لأن القات من المسكرات، وكل مسكر خمر، وكل خمر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام

ومن هنا أود أن أقدم نصائح لمتعاطي القات بصفة خاصة، والمسكرات بصفة عامة، حتى يتجنبوا أضراره: إخلاص النية لله، وأن يكون قصد الإقلاع عن القات هو التقرب إلى الله عز وجل بترك ما حرم، صدق العزيمة حتى يتمكن من اجتياز المصاعب، الاستعانة بالأطباء وأهل العلم الثقات في قطع هذه العادة السيئة والعمل بإرشاداتهم، أن يعلن المتعاطي عزمه على ترك القات، وأنه من المستحيل أن يعود إليه مرة أخرى، أن يترك الأماكن التي كان يتعاطى فيها القات.
 

وصار القات محظورا في بلدان كثيرة حول العالم، مثل بريطانيا وأمريكا، وبعض الدول الأوروبية، بعد عاينوا مشكلات القات وأضراره الاجتماعية. ونحن بدورنا ما علينا سوى القيام والمشاركة في الحملات المضادة له، لإيقاف هذه المصيبة التي أذلت شعبنا العزيز، و ليس في الصومال حملات كثيرة لتوعية مجتمعنا بشأن أضراره، لأن مشكلته داخل الوطن أخطر بكثير، وتنتشر يوما بعد يوم، وهذا ما يراه كل ذي عينين، فالواجب على كل مسلم تركه، والحذر منه، ولا يجوز بيعه ولا شراؤه، ولا التجارة فيه، وثمنه حرام وسحت، لأن القات من المسكرات، وكل مسكر خمر، وكل خمر حرام، وما أسكر كثيره فقليله حرام، أو كما قال صلى الله عليه وسلم، وكذلك فإن بيعه حرام، لأن بيع الأشياء المحرمة حرام، كما قال الفقهاء. نسأل الله للمسلمين العافية منه،، وأيضا، لا تجوز صحبة من يتناوله أو غيره من أنواع المسكرات، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل"، رواه الترمذي. وأرجوا من الله أن تنجح كل الجهود لإنقاذ أمتنا من ويلات القات وأمراضه، إنه الهادي إلى سواء السبيل.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.