شعار قسم مدونات

متى سقط الحجاب؟!

blogs- الحجاب

(1)
"لم نكن نعلم بذلك، فقط فوجئنا بها تدخل إلى البيت دون حجابها.. وجدناها هكذا قد خلعت حجابها.."، "لم نكن نعلم بذلك، فقط فوجئنا بها تدخل إلى مقابلة نموذج المحاكاة الذي نعمل فيه دون حجابها.."، "لم نكن نعلم بذللك، فقط فوجئنا بها تدخل إلى وطننا كله دون حجابها.." في مصر انتشر الأمر وفي دول عربية أخرى.. كنا نسمع دوما عن الأمر، ولم نكن نعرف أننا في غاية القرب منه إلى درجة مشاهدة هؤلاء اللاتي جلسنا إليهن نستمع ونتبادل الآراء حول مصير الأمة وطرق الإصلاح وقد سقط الحجاب عنهم ذات لحظة ..
 

لقد كنا دوما نستمع إلى تلك العبارة التي تطلق على الدول التي تلزم بناتها بالحجاب أن حجابهم يسقط في الطائرة وكنا نفسر ذلك بالإجبار الذي يولد رفض ما أنت مٌجبر عليه، أما في مصر فلا يوجد أي إجبار بالمرة، بل على النقيض تمامًا فالمرأة الغير مٌحجبة على الأقل لا تتعرض لمضايقات الأجهزة الأمنية. أما أن ينتشر الموضوع في الوسط الإسلامي فهذا كان هو عين الغرابة نفسها.
 

بمنتهى البساطة رأت تلك الفتاة "من خلعت الحجاب" نفسها سلعة يجب أن تعرض أفضل ما لديها حتى تحصل على الفرصة المناسبة التي تنقذها من شبح العنوسة.

(2) 
الأمر كان ظاهرة على شكل سلوك.. ومن المتعارف أن لكل سلوك في المجتمع الإنساني بعدان آخران يمكن من خلالهما فهم فقه النفس وهما: الشعور الذي كان يصاحب الحالة قبل السلوك، والفكرة عن السلوك ذاته! إذا كنت في تفسير تلك الظاهرة أمام الإجابة على سؤالين: أولهما هل كانت تلك الفتيات تحمل شعور سلبي تجاه الحجاب الذي يرتدين إياه؟ أما الثاني فهل كانت هناك فكرة عن هذا الحجاب غير فكرة الاقتناع بالحجاب باعتباره فرض ديني؟!

(3)
في حقيقة الأمر كانت معظم الإجابات التي مرت علي سواء بالسؤال المباشر أو بالاستنباط أو حتى بمتابعة ردود الأفعال أن الأمر لم يكن له علاقة بالاقتناع أو بالإجبار أو أي شيء من هذا القبيل إلا في فئة قليلة جدًا لا تتعدى فتاة من عشرين فتاة تم سؤالهن "أنا مقتنعة بالحجاب وهو فرض من الله وسأعود له يومًا ما فقط نسألك الدعاء" تلك كانت الإجابة التي حصلت عليها دومًا.

(4)
إذا ما الدافع الحقيقي لكي يخسر المرء دينه؟ ما الذي يمكن أن يجعلك تترك الصلاة مثلا وأنت تعرف أنها ركن من أركان الدين وأنت تشعر بكامل الأريحية النفسية حينما تٌصلي؟! لقد تطلب الأمر الكثير والكثير من تقص الحقائق.. حتى جاءت الإجابة "أنا لست جميلة أمام الرجال بالحجاب" وانكشف الأمر أكثر وأكثر حينما قالت إحداهن: هذا الزي يمنعني من واحدة من أبرز نقاط قوتي أمام الرجال، فلماذا اتخلى عنه؟
 

(5)
ولماذا تريدين أن تكوني جميلة أمام الرجال كلهم؟ لأنني أريد أن يكون أحدهم زوجي، ببساطة هكذا.. الأهل يدفعون بشكل أو بآخر كل فتاة لكي تحصل على زوج في بلاد عصف الفقر بكل شبابها حتى إنهم لم يعودوا يتزوجوا. فبمنتهى البساطة رأت تلك الفتاة نفسها سلعة يجب أن تعرض أفضل ما لديها حتى تحصل على الفرصة المناسبة التي تنقذها من شبح العنوسة.. هناك من أنكر بشدة وبعد ذلك عادت وأجابت بالإثبات، وهناك من كان دافعها جذب الانتباه وهي من سنتكلم عنها لاحقًا ..ولكن الأغلبية كانت كلمة السر هي: أريد زوجًا!
 

إن حجاب تلك الفتاة لم يسقط إلا حينما تجّبر طاغية في الأرض فتعسر الزواج فأصبحت كل فتاة تحاول أن تستنجد بما تبقى لديها من غيث ينقذها..

(6) 
بعضهن لم يمتلكن تلك الصراحة لا في التغير ولا في تفسير التغير.. هناك من استبدلت ما تحت الحجاب بثياب أسوأ من خلع الحجاب نفسه، وهناك من ملئت حسابها الشخصي بمئات الصور لها في كل وضع يُبرز منها ما يفتن، وهناك من زادت في الاختلاط في كل الجمعيات الخيرية ونماذج المحاكاة والأنشطة، وهناك، وهناك، وهناك الكثير الذي تعددت صوره والنتيجة واحدة: سقوط الحدود وتقهقر ديني رهيب في النفوس!

 

(7)
الحقيقة المؤلمة التي لن يعلم بها أحد أن الظلم لا يتوقف فقط عند الإذن بخراب عمران المجتمع بل هو أول ما يأذن به في الخراب هو خراب عٌمران النفوس، إن حجاب تلك الفتاة لم يسقط إلا حينما تجّبر طاغية في الأرض فتعسر الزواج فأصبحت كل فتاة تحاول أن تستنجد بما تبقى لديها من غيث ينقذها..
 

(8)
صحيح أن الموضوع يتحكم فيه العديد من الجوانب الأخرى التي لا غنى عنها في توصيف هذا الموضوع مثل معايير الجمال التي اختلفت، وخراب نفوس الشاب المسلم في اختياره الزوجة الصالحة.. وغيرها من الكثير الذي نتحدث عنه لاحقا إن شاء الله. ولكن نكتفي هنا بتشريح ذلك الجزء على أن نسير في خطوات أخرى حول استكمال الأمر .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.