شعار قسم مدونات

"مسالخ" العرب البشرية

A handout photo made available by the World Press Photo (WPP) organization on 13 February 2017 shows a picture by Agence France-Presse photographer Ameer Alhalbi that won the Spot News - Second Prize, Stories award of the 60th annual World Press Photo Contest, it was announced by the WPP Foundation in Amsterdam, The Netherlands on 13 February 2017.Spot News - Second Prize, Stories© Ameer Alhalbi for the Agence France-PresseTitle: Rescued From the RubblePhoto caption:Syrian men carrying babies make their way through the rubble of destroyed buildings following a reported airstrike on the rebel-held Salihin neighborhood of Aleppo on 11 September 2016. Airstrikes have killed dozens in rebel-held parts of Syria as the opposition considers whether to join a US-Russia truce deal due to take effect on 12 September.Story: Since 2012, Syria's northern city of Aleppo has been divided between rebel and regime-held districts, but a devastating regime offensive launched in mid-October saw the rebels ousted from their iconic former stronghold. The army's victory in Aleppo was marked by heavy shelling which destroyed all established hospitals in the area and much of the city was reduced to a wasteland by air and artillery attacks. EPA/AMEER ALHALBI/AFP/WORLD PRESS PHOTO HANDOUT SE ONLY/NO SALES/NO ARCHIVES
فات منظمة العفو الدولية حينما وصفت في تقرير لها صدر مؤخرا سجن صيدنايا السوري سيئ الصيت بالمسلخ البشري، أن تشير إلى بقية المسالخ البشرية للنظام السوري وللأنظمة العربية التي تسلطت على رؤوس شعوبها المنكوبة والمغمسة بالذل والاستعباد، لكي تكون وقودا لاستمرار حكامها على كراسيهم ولتآمرهم على الأمة مع أعدائها.

النظام السوري استحق بجدارة طيلة الست سنوات الماضية أن يكون على رأس قائمة جلادي العالم على الإطلاق، لأنه قتل مئات الآلاف من شعبه ووضع مثلهم في السجون والمعتقلات وشرد نصف شعبه إلى المنافي داخل وخارج الأرض السورية. وشكل سجن صيدنايا "إنجازه" الأبرز في المعتقلات، إذ شنق وأعدم نحو 13 ألف من شعبه بشكل ممنهج وسط سكوت العالم.

وكذلك فعل هذا النظام في سجن تدمر الصحراوي، وسجن حلب وغيرها من السجون ليكمل بذلك مسالخه البشرية بالقتل والحرق بالأسلحة المحرمة وتفتيت الأجساد بالبراميل المتفجرة وغيرها، ليسجل التاريخ لنظام بشار الأسد كأكبر قاتل وسفاح في التاريخ الحديث. ولكن الغريب أنه لم يسجل اسم بشار في موسوعة جينيس للأرقام القياسية كأكثر نظام قتل من شعبه خلال الفترة من 2011 إلى 2017!
 

هي مسالخ بعضها فوق بعض يتبارى أصحابها في إذاقة هذه الأمة ألوان وأصناف العذاب معتقدين بذلك أنهم يجهزون على ما بقي في هذه الأمة من إرادة بعد تراجع الربيع العربي.

أما المسلخ العربي الآخر فقد رأيناه في مصر على يد صاحب انقلاب يوليو عبد الفتاح السيسي. حيث سجلت قوات هذا الانقلابي تاريخا فريدا في حرق الأحياء كما حصل في رابعة، وفي قتل المعارضين بدم بارد واتهامهم بمهاجمة قوات الأمن أو الإعلان عن العثور عليهم مقتولين بنسمة الهواء التي كانوا يتنفسونها في الشقق التي كانوا يلوذون بها من بطش النظام!! وقد تنوعت مسالخ السيسي ما بين تسليط قضاته على الأبرياء وزجهم في السجون وقمع الحريات وتجويع الشعب والتضييق عليه في لقمة عيشه وليس انتهاء بالتفريط بجزره.

كما عملت قوات هذا الانقلابي في أبناء سيناء قتلا وتشريدا بحجة القضاء على التطرف، إضافة إلى محاولة إغراق أنفاق الغزيين ومحاصرتهم وإغلاق معبر رفح الذي أدى إلى مئات الوفيات منذ حرب العصف المأكول عام 2014.

فهل توقفت الحكاية عند هذا الحد. قطعا لا فهناك صنوف القمع والقهر في وطننا العربي من أقصاه إلى أقصاه. البعض منها معلوم والبعض الآخر مسكوت عنه. فليس شرطا أن يكون الذبح والسلخ البشري هو السائد، إذ إن ذبح الحريات يكاد يكون أخطر من ذبح النفوس البشرية، وكذلك ذبح قضية الأمة "قضية فلسطين" والتفريط بها والتآمر على شعبها وقضيتها مع العدو الصهيوني.

فهناك سلطة نشأت على عين الاحتلال في الضفة، وأعلنت عن نبذ العنف وأدانت المقاومة ولاحقتها وطاردتها وقمعتها من أجل عيون الاحتلال، وكانت في المقدمة من ذبح قضيتنا وتصفيتها في جرم لا يضاهيه جرم آخر. وهناك دول عربية في المشرق والمغرب العربي تواطأت مع السلطة الفلسطينية، وعمل بعضها على التطبيع مع العدو ليذبح بذلك نضال شعبنا ويتآمر على انتفاضته الجديدة ومقاومته في غزة لحسابات ضيقة وإرضاء للعدو الصهيوني.
 

لا يفوتني هنا التذكير بمنع المهاجرين السوريين من دخول الكثير من الدول العربية التي يزعم بعض حكامها أنه مع الثورة السورية ويطالب برحيل السفاح بشار الأسد، ليدفع ذلك بهؤلاء المهاجرين إلى طرق أبواب أوروبا وبعضهم يمخر عباب البحر على متن قوارب متهالكة تنتهي بهم بالموت غرقا ما بين رجال ونساء وأطفال.
 

والأنكى من ذلك أن هؤلاء الحكام ينتقدون الرئيس الأميركي دونالد ترمب لأنه يرفض المهاجرين من سبع دول عربية وإسلامية متناسين أنهم يمارسون سلوكا أسوأ بدون أي مبرر حقيقي يوازي تخوفات ترمب التي دفعته لمثل هذا القرار ليرفضه القضاء النزيه فيما بعد.
 

هي مسالخ بعضها فوق بعض يتبارى أصحابها في إذاقة هذه الأمة ألوان وأصناف العذاب معتقدين بذلك أنهم يجهزون على ما بقي في هذه الأمة من إرادة بعد تراجع الربيع العربي. إلا أن هؤلاء الجهلة لا يدرون أن ما جرى في بعض البلدان العربية من ثورات إنما هو جولة أولى من الصراع مع الأنظمة وأن مارد ثورة العرب لن يعود إلى قمقمه حتى يستعيد حقوقه وينتصر على جلاديه ويوقف مسالخهم البشرية وغيرها قريبا إن شاء الله.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.